بمقارنة بسيطة للفكر العقلي للرجل العربي بين العصر الجاهلي وعصرنا الحالي فنجد المتغيرات الفكرية له ثابتة لا تتغير..كأن عجلة الزمن توقفت في ذلك العصر. فكر قديم بهندام معاصر ..مطلع في السياسة والدين والرياضة والمنطق تجده مطلع على جميع المجالات.
وإنجاب الذكر هذا شأن رفيع يناله من ينجب الذكور دون الإناث ..يقابله السخط والنقمة من الله عند إنجاب الإناث .. حتى لو تظاهر بالعكس وأن الولد والبنت نعمة من الله سبحانه وتعالى .
وعندما يطرح عليها أيهما تفضل أن ترزق البنات ولا البنون؟ يرد عليك بكل أيمان ( كل شيء من الله نعمه لا اعتراض عليها ولكن (ننتظر بعد ولكن)! لو كان ولد يكون أفضل وليس تقليل من شأن البنات ولكن الولد سيحمل أسمي من بعدي وسيكون سند لي عند الكبر !! كلاهما سيحملان أسمك ذكر كان أو أنثى!
للأسف عقلية البعض لا تتقبل فكرة إن تكون ذريته البنات دون البنين,ويعتبرها وصمة عار في سجل تاريخ العائلة الكريمة..وعليه تصحيح المسار فوراً بالزواج من أخرى, حتى تنجب له الولد الذي عجزت عنه الزوجة الأولى..
معتقداً أن المرأة هي المسؤولة عن تحديد جنس المولود.برغم إن الكثير منهم يعلم أن الرجل هو المسؤول عن ذلك والبويضة في المرأة مجرد وعاء تحتضن الكروموزومات الذكرية ..لماذا قلب الحقائق الواضحة ..
هناك طٌُرفة أنه كان لأبي حمزة الأعرابي زوجتان ، فولدت إحداهما أنثى فغضب أبو حمزة وهجر زوجته وأصبح كل وقته مع زوجته التي أنجبت”الولد ” فجعلت زوجته الأخرى ترقِّص ابنتها الصغيرة ، وتقول:
ما لأبي حمزة لا يـأتيـنا …..يظل في البيت الذي يلينا
غضبـان أن لا نلد البنينا …. تـالله ما ذلك فـي أيدينا
بل نحن كالأرض لزارعينا…..ننبت مـا قـد زرعوه فينا
علم أبو حمزة قُبح ما فعل ، ورجع إلى أحضان زوجته .
وعندنا الكثير من أبي حمزة باختلاف المسميات والأزمنة.. والفرق رجوع أبي حمزة إلى الصواب.. وجهالة القوم مازالوا في ظلماتهم يعمهون!ما الفرق بين قرون مضت وبين ما نحن عليه !
في القرون السابقة كانوا يتشاءمون بمولد الأنثى, وكان المولود له أنثى يعتبر ذلك بلاء وشراً عليه وعلى أسرته.ووصل بغضهم للتخلص منها بالقضاء عليها وقتلهم أحياء,إذ لم يكون عندهم عرف أو قانون يحول بين الرجل وقتله ابنته متى شاء !
فأشار الله سبحانه في كتابه مؤنباً (وإذا المؤودة سُئلت ،بأي ذنب قتلت)وبين حالنا اليوم الذي ما زال البعض يعتبرها لعنة من السماء! برغم إننا نعيش بعصر العلم والتطور لم تتغير مكانة المرأة إلا بعض الشيء, وتظل الشماعة التي يعلق عليها كل شيء سلبي ..
حتى أصبحت المرأة توافق الرجل بفكره وتتمنى الولد لتكسب رضا بعلها العزيز, وتصاب بالحزن واليأس عندما تعلم ما تحمله بأحشائها “أنثى” وتتمنى موتها .! فتتخلى عن أمومتها وعاطفتها الجياشة وتقطع رابط الحنان والدفء الذي تغذي به جنينها ..وتخفي على زوجها حتى وقت الولادة فتكن ردة فعل الزوج لا يفكر بالسؤال عن الزوجة ولا المولودة طوال مكوثهما بالمشفى !
إحدى الزوجات تقول : زوجي من علم أني حامل بأنثى رفض أن يعطينا المصروف لتجهيزها ..فضطربت أخذه من أهلي ودخلت المشفى ووضعتها ولم يكلف على نفسه زيارتي !
والذي يحز في نفسي أنها أول مولود لنا وإلى يومنا هذا وابنتي أكملت عامها الأول لم يقترب منها ولم يفكر بحملها بين ذراعيه! وكل محاولاتي باءت بالفشل وعندما أعاتبه على إهماله يرد عليها بكل وقاحة إذا جاء ولي العهد سيكون الوضع مختلف معه !
وبنتك تولي تربيتها لوحدك.!لا يقدر قيمة النعمة إلا المحرومين منها, فكم أسرة تتمنى بمولود لا يهم جنسه, الأهم أن يكون بصحة وعافية, والأيام تدور والنعمة تزول .!
التعليقات (0)