سليم الرميثي
أكثر من نصف الشعب العراقي يعاني الفقر والتهميش من شماله إلى جنوبه واكثر الناس في كل مدن العراق من زاخو حتى الفاو،، يخرج رب الاسرة منذ طلوع الفجر ولا يعود الى بيته الاّ بعد غروب الشمس او إلى الليل ليحصل على رغيف الخبز لعياله واهله،، ومن العراقيين وهم كثر ممن يحملون على عاتقهم مسؤولية اكثر من عائلة بسبب الحروب والعمليات الارهابية التي تركت لدى كل عائلة عراقية أرامل ويتامى ومعاقين بأعداد هائلة في غياب قانون إعانة يطبق بشكل علمي ودقيق لحماية هؤلاء من الفقر والعوز والتسكع، وهذا ما تسبب في إزدياد الفقر والمعاناة اضعافاّ،، والمشكلة ان الناس اصبحت في حيرة من أمرها،، تصدقَ مَن؟ وتكذبُ مَن؟ أعضاء في البرلمان واعضاء الكتل السياسية يسب ويلعن السراق والفاسدين والكل يسب ويلعن الحكومة وكل يوم لجنة تتبعها سلسلة من اللجان التحقيقية التي اصبحت كالخيوط العنكبوتية وطبعاً كل اعضائها من نفس الكتل وما نعرف بعد أين (رأس الخيط)؟.
الغريب في الامر ان زيادة عدد الفقراء في العراق تقابلها زيادة كبيرة وخيالية في ميزانية الدولة ،، وهناك تناسب طردي واضح بين الامرين بحيث نرى ان الفقر يزداد سنويا يقابله صعود ميزانية البلد الى اكثر من مائة مليار سنويا،، والمفارقة الاخرى وبعد عشر سنوات على التغيير من المفترض ان يكون الناس افضل مما كان، ولكن لحد الآن نرى الامور تسير عكسياً بحيث ساءت الامور المعاشية بالنسبة للمواطن العادي ولكنها تحسنت ووصلت الى حد التخمة عند المسؤولين في الدولة،، فاصبح التناسب طردياً مثلما ذكرنا بين زيادة اعداد الفقراء ويقابلها زيادة في ميزانية الدولة،، وهناك تناسب عكسي بين مستوى دخل المواطن ودخل المسؤول وراتبه،، فالميزانية اصبحت فقط لرجال الدولة واما باقي الشعب فحصته التهميش واللامبالاة،، فمثلاً نرى أن راتب اي مسؤول او موظف ينتمي لاحد الاحزاب الحاكمة لا يقل عن ثلاثة ملايين دينار بينما المواطن العادي لا يحصل الاّ على أقل من خُمس هذا المبلغ مع انه يعمل من الفجر حتى المساء!،، ألا يشكل هذا خللاً وارباكا في النظام الاقتصادي للبلد؟،، أما البرلماني فهذا له شأن آخر، ولا مقارنة مع اي كان بل اصبح البرلمان التجارة الرابحة رقم واحد عراقياً لكسب المال و(الشفط واللفط) من خلال المساومات والابتزاز والمقاولات،، فحقا نقولها وبدون حسد اذا أردت ان تكون ثرياً كثراء قارون ما عليك الاّ ان تصبح برلمانيا في العراق!،، أما كيف تصبح برلمانيا فهذه تحتاج الى الحظ مع (بهارات) حزبية قد تكون دينية او ليبرالية وما عليك الاّ ان تكون كريماً في اللسان وفي لحن القول!، وتُغَني للفقراء انشودة الاحلام (اِحلم اِحلم حتى الموت،، وما أريد منك بس الصوت) وتجعل من الفقراء يحلمون باستملاكهم بيوتاً وسيارات ورواتب ومزارع، وتقضي على الفساد والمفسدين، لتضمن أصواتهم وتخطب في كل مكان تجلس فيه وتبني آلاف الوحدات السكنية والمدارس والمستشفيات وتحسن من خدمات الكهرباء والماء وهلّم كذباً ونفاقاً،، وبعدما تحصل على صك الغفران وتدخل قاعة البرلمان تأتيك الملايين والمليارات طائعة خانعة مستسلمة من كل حدب وصوب!.
التعليقات (0)