كانت لا تمل من حياكة قفطان الأمل الذي لم تنتهي بعد من ترصيعه بعقيق الطموح على شكل أزهار حياتية تناديها باستحياء...يحين وقت الخلود للنوم..تطفأ الأنوار...وهي لازالت مصرة على مواصلة حياكة قفطانها الشفاف كروحها المرفرفة بهدوء رزين..وكالعادة يدخل موحند بقميصه الأسود الفضفاض فوق جثته النحيلة..ترتسم على شفتيها النقية ابتسامة تعبر عن صدق الشوق المكتوي بداخلها، لم تكن ترى ذلك الأسود لون حزن أو غراب أو حتى مذهب معين...بل هو لون رجل نظرته المتعطشة تحدث بجوارحها تماسا كهربائيا يربك قواعد مناعتها...ترفع بصرها نحوه لتجد عينيه العسليتين موجهتين صوبها...يصعق وجدانها المرهف ...تحتار في انتقاء الحركات المناسبة لهذه اللحظة الخفية..تخفض بصرها و تبلع ريقها وهي لم تشبع بعد من تلك النظرة المتوهجة...استيقظت على وغزة إبرة واقع.. مصت أصبعها... تنهدت من أعماقها المجردة من أحلام الأنوثة... ثم واصلت حياكة قفطانها ..فجأة عاد موحند من جديد ليقتحم عليها غرفتها بلا استئذان..وهي مشدوهة لا تملك إلا أن ترحب بعودته المنتظرة ..تطلعت إليه وجدته هو لم يتغير قط..لون القميص الأسود ولون عينيه العسليتين بنظرتها الحارقة لجلدة قلبها ...ابتسمت بخجل و هي تقول في نفسها:" لقد أدمنت نظرتك أيها القادم من زمن الرحيل".
التعليقات (0)