كنتُ أتوقع أن يكتشف الناس "إخوانهم المسلمين"، لكن وصول "إنكشافهم" لعامة الناس المتدينين بتقديري كان يحتاج دورة حكم واحدة من أربع سنوات، وليس بهذه السرعة.
تصاعد الكراهية الشديد والواضح للإخوان المسلمين بالدرجة الأولى ومن ثم إخوانهم السلفيين [لأنهم ليسوا في السلطة مباشرة] من عامة الناس في مصر، يؤكد أن قوتهم في الشارع مجرد وهم، تبخر سريعاً، والناس تفرق بين دينها البسيط ودينهم المعبأ في عبوات سياسية، بمحتوى من الفقه المرن الذي يحلل لهم ما يريدون اليوم وضده غداً؛ في سبيل الوصول إلى الكرسي.
لم يقف الفقهاء الإسلاميون [ إلا بحالات شديدة الندرة] ومنذ فجر تاريخ الإسلام حتى وقتٍ قريب ضد سلطانٍ فاجر ظالم قاتلٍ، فمن الطبيعي أن يهلل غالبيتهم لمرسي وصل للكرسي عبر درجات "قال الله وقال الرسول"، ومن الطبيعي أن يجعلوا أفعاله ميزان "صالح الأمة"، ويتحول إلى ظل الله على الأرض كما قال خطيب مسجدٍ عنه، وكما قال خطباء آخرون لكل حكام العرب على الأقل، وهذا تراث طبيعي للفقهاء وعلاقتهم بالسلطان؛ فقد استفتى الخليفة الأموى يزيد بن عبد الملك فقهاءه «هل يحاسب الله الخلفاء يوم القيامة على أفعالهم؟ فأفتى له أربعون فقيها بأنه لا حسابَ على الخلفاء يوم القيامة».
لكن أن ينزل المصلون خطيبا منافقا من منبر بيت الله وبحضور "السلطان" مرسي، ويهتفون ضده وضد مرسيه ومرشده، فذلك تحول جذري في فهم الناس وتفريق واضح الدلالات والعمق بين دينهم وتجاره.
لذلك لستُ قلقاً من التكالب المسعور للإخوان المسلمين السوريين، على كل ما يمكن أنت تصل له يدهم حتى لو كان دماء الجرحى.
وإذا كان إخوان مصر انتظروا حتى سقوط النظام كي يسفروا عن وجههم، ولم يحتاجوا سوى بضعة شهور كي يكرههم الناس، ولم يجدوا إزاء ذلك سوى إعادة إنتاج مسيرات التأييد وجلب الناس بالباصات التي كانت تجري في عهود الديكتاتورية الوقحة والسافرة، فإن الناس في سوريا لديها كره مقيم وقديم لـ "إخواننا المسلمين" الذين يعززونه كل يوم من خلال أدائهم في الثورة وسعيهم المحموم للحصول على الحكم بأي وسيلة وأي طريق.
خلف علي الخلف
التعليقات (0)