إحراق الذات تبقى وسيلة تهديدية فقط / بوشعيب دواح
حينما يسلك طالب العلم طريقا طويلا و شاقاّ حاصدا لأعلى الشهادات الجامعية من قبيل الدكتوراه ، دبلوك الدراسات العليا المعمقة أو دبلوم الهندسة، ...لا يبقى أمامه سوى الحصول على شغل في أسلاك الوظيفة .
في المغرب ، للحصول على منصب شغل عليك السباحة في تيار الضغط.الدخول و الإنخراط مع مجموعة تناضل في العاصمة الرباط و النزول إلى شارع محمد الخامس أمام البرلمان و اقتحام الوزارات.
كل مجموعة جديدة أو متبقية تنتظر الشغل ، تستثمر التراكمات التي خلّفتها باقي المجموعات السابقة التي حصل جل أعضائها على وظيفة.
كل مجموعة تتوفر على لجنة التفكير .لجنة تفكّر ، تبدع أشكال جديدة ، تبدع شعارات جديدة ، من أجل فرض الذات و الوجود و انتاج الكثير من الضغط على الطرف الآخر المحاور و غالبا ما يكون والي الرباط العاصمة أو مستشار الوزير الأول ، رئيس الحكومة حسب الدستور الجديد.
سدّ الطرقات بسلاسلل بشرية ، الإتجاه نحو باب السفراء، اقتحام الوزارات ، مسيرات في الشوارع و الأحياء، اللجوء إلى جهات معينة ( مقر الأمم المتحدة مثلا) ، اقتحام مقرات الأحزاب أوإتخاذها كمقر لإضراب عن الطعام أوإعتصام مفتوح،كل هذه الأشكال النضالية تبقى مستساغة و طبيعية في قاموس النضال من أجل الحصول على منصب شغل في المغرب.
إحراق الذات كتهديد يبقى مقبولا بعد ما اقدم الشاب البوعزيزي على مثل هكذا سلوكات في العالم العربي.في الشارع المغربي و بين صفوف المعطلين التهديد بإحراق الذات نهارا جهارا يبقى فقط ورقة تهديدة ، ظاغطة ، مستفزة للمحاور من أجل دفعه للقبول بالحوار و الحصول على محضر مؤشر عليه من طرف الحكومة.
حينما تغلق قنوات الحوار و تفتح قنوات القمع و تفعيل المقاربة الأمنية ، و يطول زمن العطالة، يفقد الإطار العالي الأمل و تعشش طيور اليأس في رأسه.
لتجاوز هذه الكوارت المزلزلة التي عصفت بأنظمة سياسية كماحدث في تونس لابد من التسلح بمنطق الحوار و الحلول المناسبة من أجل إنقاد أدمغة تذوب تحت شمس النسيان و تتلاشى أطر وطنية أمام سياسة التماطل و الإنتظارية و المحسوبية و الزبونية و الفساد الإداري و غياب العدل و العدالة و فساد القضاء و غياب المسؤولية و المحاسبة أمام المراقبة .
وجود محاور تتسم بالنزاهة و النباهة و الذكاء و الحنكة و الواقعية و السلوك الجيد و الإعتدال و أن يكون عادلا ، حازما ، صبورا ، منصتا ، محترما للأطر ، باحثا عن الحلول المنطقية سنتجاوز بهذا كوارث بشرية من قبيل حرق الذات و تبخيس قيمة المواطن المغربي.
حامل الشهادة العليا حتى و إن اشتغل في أعلى السلالم يصبح المنقذ و المعيل الوحيد للأسرة، في غياب فرص الشغل لباقي أفراد الأسرة.بهذا السياسة المتبعة نحصد بها نتائج اجتماعية لا تنتج سوى المزيد من الأزمات و الإنشقاقات في السلم الإجتماعي و التوتر بين اقطاب المجتمع المغربي.
بتنفيذ سياسة عدم الإفلات من العقاب و تجاوز سيادة ثقافة القمع و المقاربة الأمنية على المقاربة الحوارية التشاركية و الرفع من القيمة البشرية و التساوي أمام القانون و إعطاء الأولوية لمن يستحقها من ابناء الشعب، أكيد سنوازن معادلة الحياة و الكرامة.
معطل سابق
التعليقات (0)