أصدرت وزارة السياحة والصناعة التقليدية المغربية قرارات بمنع نهائي أو جزئي من تنظيم رحلات الحج في حق عدد من وكالات السفر المغربية، بعد مثول ست وكالات أسفار أمام المجلس التأديبي التابع لمديرية التقنين والتطوير والجودة بها، بسبب عدم احترامها لدفتر التحملات التي وضعته الوزارة أو أخلت بالتزاماتها حول المنتوج المقدم الحجاج خلال موسم الحج 2008/1429.
ووجهت الوزارة لهذه الوكالات اتهامات صارمة تتعلق بارتكاب مخالفات قانونية خطيرة كـ: "تهريب" جوازات سفر مواطنين إلى بلدان أوروبية حيث حصلت على تأشيرات المصالح القنصلية السعودية بتلك البلدان، واستندت في توجيه الاتهام إلى خلاصات تقرير دراسة عدة ملفات عرضت على "لجنة للمراقبة" (لجنة الحج) التي توفدها الوزارة سنويا إلى الديار المقدسة لمراقبة الخدمات التي تقدمها وكالات الأسفار، والسهر عموما على حسن سير هذه العملية.
وتوزعت العقوبات التي أقرتها وزارة السياحة في حق وكالت الأسفار الذي تبث إخلالها بدفتر التحملات بين التوبيخ مع المنع من تنظيم الحج، والإنذار مع المنع من تنظيم الحج لسنة واحدة، والتنبيه.
وتأتي هذه الإجراءات غداة إعلان اللجنة الملكية (لجنة الحج) هذه السنة، عن تنظيم القرعة بصفة استثنائية بالنسبة لموسمي 1431 و1432 هجرية، على أن يتم تنظم قرعة موسم الحج الموالي بشكل عاد. ويرجع المسؤولون المغاربة هذا الاستثناء إلى رغبة الوزارة في ضمان استعداد الجيد للحج وتنسيق أفضل مع الجهات المعنية، وللرفع من مستوى تأطير الحجاج وتنظيمهم، وكذا لحرص الوزارة على متابعة الالتزام بدفتر التحملات مع الشركة الناقلة وباقي المتعاملين...
كما سعت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية من خلال هذا الإجراء تفادي الارتباكات والاختلالات التي كانت يشهدها تنظيم الحج في السنوات الماضية، وتوفير كم وكيف من التنظيم والتأطير الديني والطبي ومحاصرة وكالات الأسفار الفاسدة التي كانت تستغل الارتباك الناتج عن ضيق مدة التهيئ للحج، للاغتناء السريع على حساب الحجاج.
ويبدوا أن إجراءات الحج بالمغرب تتوجه نحو مزيد من الضبط الصارم، الذي أبداه المسؤولون المغاربة لقطع الطريق على السماسرة ووكالات الأسفار التي لا تلتزم بدفتر التحملات، حيث أفاد مسؤولون مغاربة أن اللجنة الملكية للحج تروم الحفاظ على قدسية وحرمة أداء مناسك الحج.
وأكد المسؤولون المغاربة أن الفضل في العمل على تطبيق جزء مهم من هذه الإجراءات الاحترازية ساهم فيه بشكل كبير سفير خادم الحرمين الشريفين بالرباط الدكتور محمد بن عبد الرحمن البشر، حيث سجل المسؤولون المغاربة تحسنا كبيرا في تدبير رخص المجاملة التي تمنحها السفارة السعودية لعدد من الشخصيات المغربية، وأضاف المسؤولون المغاربة أن الدكتور محمد عبد الرحمن البشر قد قنن هذه الرخص في إطار التعاون والتنسيق الكبير مع الوزارات المغربية المعنية، من خلال لجان تشاورية، وهو ما يجعل اليوم السماسرة يلتجؤون إلى سفارات أجنبية للمتاجرة في رخص الحج الخاص بالمجاملة التي تمنحها سفارات المملكة العربية السعودية لعدد من الجهات والهيئات الدبلوماسية.
وأكد عدد من المهتمين أنه بفضل السفير الدكتور محمد بن عبد الرحمن البشر صارت عملية منح التأشيرات للحجاج تمر بيسر وسلاسة، حيث تجند السفارة السعودية عند كل موسم حج، إمكانية بشرية ومادية هامة لإنجاز التأشيرات في الوقت المحدد لها.
وازدادت جودة تنسيق السفارة السعودية المغربية في تنظيم تأشيرات المجاملة التي تمنحها السفارة السعودية في الرباط لشخصيات مغربية في عالم السياسة والمال والأعمال... وأفاد مسؤول من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أن تنسيق الجيد للسفارة السعودية بالرباط مكن الوزارة من تيسير عملية تنظيم الحجاج، بما فيهم الذين يحصلون على تأشيرات المجاملة، بعدما كان يتخوف من أن تخلق هذه التأشيرات لمتاعب خاصة بالنسبة للتأشيرات الممنوحة لبعض وكالات التي الأسفار على حد تأكيد رئيس لجنة الاتصال للوكالة الوطنية لوكالات الأسفار المغربية "عبد العزيز خداش".
ويرى بعض المراقبين أن عملية تنظيم الحج في المغربية قد تطورت بشكل كبير، مذكرين بأنه في السنوات الماضية كانت تباع في السوق السوداء تأشيرات للحج مجانية بأثمان خيالية، إلا أن هذه الظاهرة قد اختفت مباشرة بعد مجيء السفير الدكتور محمد بن عبد الرحمن البشر، أرجعوا ذلك إلى أن الأخير قد جعل منح تأشيرات المجاملة من اختصاصاته دون غيره.
وأضافت المصادر ذاتها أن أجواء التدبير الجيد لعملية الحج تطورت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة بفعل التعاون الوثيق والجيدة مع المملكة العربية السعودية الشقيقة من خلال العمل والتعاون السلس الذي يبديه سفير خادم الحرمين الشريفين بالرباط، الدكتور محمد بن عبد الرحمن البشر مع الجهات المغربية المعنية وإلى مساهمته العملية والفعالة في توفير الظروف الملائمة للحجاج المغاربة.
وأكد المتتبعون أنه بفضل الإجراءات التي تقوم بها المصالح الحكومية المغربية وبتنسيق مع مصالح سفارة المملكة العربية السعودية لضمان مرور أجواء الحج في ظروف شرعية وسليمة، قد تمت محاصرة حيل المتاجرين في تأشيرات الحج، وهو ما يبرر لجوء بعض وكالات الأسفار إلى الخارج لتحصل لزبنائها على تأشيرات الحج من خارج التراب الوطني دون أن تكون لهؤلاء الحجاج أوراق إقامة بتلك البلدان، كشرط ضروري للحصول على التأشيرة، أو حتى يتمكنوا من مغادرة البلاد في أي وقت من الأوقات.
وأشارت عدة جهات مسؤولة أن جشع بعض وكالات الأسفار المنظمة لرحلات الحج بعد انسداد أفق الحصول على تأشيرات المجاملة، فإن سماسرتها قاموا بعمل إجرامي خطير يتمثل أولا في تهريب جوازات سفر مواطنين إلى خارج التراب الوطني لختمها بتأشيرة من القنصلية السعودية بتلك البلدان الأوروبية.
وبما أن موضوع تهريب جوازات سفر مواطنين إلى خارج التراب الوطني لتأشيرها من دون حضور أصحابها بات يطرح أكثر من علامة استفهام حول الأمن القومي للمغرب وأمن المملكة العربية السعودية على السواء. طالما أن عملية جمع الجوزات المهربة تتم بطريقة عشوائية ودون خضوع أصحابها للتنقيط عبر الحدود، فإن ذلك يرجح فرضية استفادت متهمين بالإرهاب من هذه العملية، وهو ما دعا بوزارة السياحة -حسب مصادر مطلعة- إلى مراسلة المصالح الأمنية وباقي المصالح الأخرى لفتح تحقيق معمق في الموضوع في أقرب وقت. بالإضافة إلى أن تحريات أولية دلت أن عملية "تهريب" جوازات سفر حجاج إلى الخارج لتأشيرها كانت تتم بتواطؤ جهات أخرى مع وكالات السفر المتورطة.
وكان لضبط الحالات المتكررة لتأشيرات الحج المزورة، إضافة إلى باقي الأساليب غير المشروعة للحصول على تأشيرة الدخول إلى الأراضي السعودية لأداء مناسك الحج في كل أنحاء العالم، أن دعا بالمؤسسات الرسمية إلى الإفتاء في جواز الحج بالإقدام على التزوير، وأجمعت كل الفتاوي على تحريم حج التزوير والغش، واعتبرت أن عدم الحصول على الوثائق اللازمة للحج يعتبر عذرا مانعا من الاستطاعة التي يترتب عليها وجوب الحج.
ومعلوم أن اللجنة الملكية (لجنة الحج) ولضمان شفافية عملية الحج وقطع الطريق على المتلاعبين تم إقرار سعر تذكرة السفر، قررت اللجنة تحديده في 10 آلاف و500 درهم شاملا لجميع الرسوم، مشيرة إلى استمرار مكاتب بريد المغرب في تحصيل مصاريف الحج، طبقا للمسطرة المتبعة، مع قيامه بتحويل هذه المبالغ إلى الحساب المفتوح بسجلات الخزينة العامة للمملكة تحت رقم 7128 الخاص بالحج، مباشرة بعد انتهاء عملية الأداء.
ونصت على الإسراع بتحويل المستحقات المالية الخاصة بمصاريف السكن والنقل والخدمات إلى حساب سفارة المملكة المغربية بالرياض دفعة واحدة، وذلك بالنسبة لجميع الحجاج المغاربة، الذين أدوا مصاريف الحج والمؤطرين من طرف الوزارة، مباشرة بعد انتهاء عملية الأداء الأول.
كما اتخذت اللجنة عدة قرارات تضمنت، على الخصوص، تحديد 15 في المائة من مقاعد الحصة الإجمالية المخصصة للمسجلين في اللائحتين على الصعيد الوطني بالنسبة لكبار السن، بالإضافة إلى عدم تسجيل المواطنين والمواطنات، الذين سبق لهم أداء هذه الفريضة قبل مضي عشر سنوات، بالنسبة لفئتي الحجاج.
وأقرت اللجنة الملكية للحج، أيضا، على ضرورة توقيع الحجاج على التزام بالتنظيمات والضوابط المعمول بها، خلال موسم الحج، محددة إقامتهم بالديار المقدسة في 28 يوما كحد أدنى و30 يوما كحد أقصى، مع التأكيد على منع تنظيم رحلات الحجاج إلى الديار المقدسة عن طريق البر، على غرار السنوات الماضية.
كما أقرت التزام شركتي النقل الجوي بتنفيذ التزاماتهما تجاه الحاج، بنقل ماء زمزم وتحسين الخدمات المقدمة للحجاج على متن الطائرة، وكذا بإرجاع مبلغ التذكرة كاملا، في حالة عدم تمكن المواطن من الذهاب للديار السعودية، وتأكيد تاريخ رجوع الحجاج مع عدم السماح لهم بتغيير موعد الرجوع إلا بموافقة البعثة المغربية للحج، إلى جانب التزامها في حالة تأخير أو تأجيل بعض الرحلات، بتقديم الخدمات المطلوبة لفائدة الحجاج، بما يضمن راحتهم وسلامتهم، وفق القوانين الدولية الجاري بها العمل في ميدان النقل الجوي.
عبـد الفتـاح الفاتحـي
elfathifattah@yahoo.fr
التعليقات (0)