شددت الحكومة المغربية على ضرورة تلقي الجرعة الثالثة،ومن أجل ذلك استعملت وسائل متعددة،بينها ضرورة التوفر على جواز التلقيح لولوج مقرات العمل،و محاولة الاقتطاع من أجور الموظفين الذين لم يتلقوا الجرعة الثالثة، و الحرمان من الدقيق المدعم في مجموعة من المناطق المغربية.
في بداية الجائحة تسربت وثيقة تظهر طريقة تدبير عملية التلقيح بالمغرب، ولقيت استنكارا كبيرا من طرف المواطنين،خصوصا لما تحمله من بنود مجحفة، خالفت تصريحات الحكومة،باختيارية تلقي جرعة التلقيح،و ها هي تتحقق على أرض الواقع بندا بندا، بدأ بإجبارية التوفر على جواز التلقيح للاستفادة من مجموعة من الخدمات،و انتهاء بالحرمان من حقوق دستورية .
فبعد الجدل الذي أثاره قرار الحكومة فرض جواز التلقيح من أجل الاستفادة من خدمات الإدارة المغربية، و خروج مظاهرات مناهضة للقرار، وجد مجموعة من العمال أنفسهم مطالبين بتلقي الجرعة الثالثة،أو فقدان عملهم، خصوصا مع الحملات المتعددة التي تشنها السلطات، على المقاهي و بعض المحلات التجارية الكبرى،تجعل صاحب العمل في صدام مباشر مع العمال، حيث تطالبهم بضرورة التوفر على جواز تلقيح محين بالجرعة الثالثة.
و من جهة أخرى وجد بعض الموظفين أنفسهم مطالبين بتلقي الجرعة الثالثة ، من أجل الالتحاق بمقرات العمل، كما أن أنباء تروج عن محاولة الحكومة الاقتطاع من أجور الموظفين ،غير الملقحين بالجرعة الثالثة، في ربط صريح بين مصادر الدخل و جرعة للقاح.
أما بعض المناطق في الجنوب الشرقي، وجدت نفسها ،أمام استغلال للدقيق المدعم من أجل دفعهم لتلقي الجرعة،حيث من أجل الاستفادة من الدقيق يجب أن تكون ملقحا ثلاث مرات، لا الأولى و لا الثانية تكفي، في ربط بين ما هو خبزي و ما هو صحي، يجعلنا نطرح مجموعة من الأسئلة.
إن هذه الظاهرة غير الدستورية،و محاولة الربط بين الخدمات الأساسية،و تلقي الجرعة الثالثة،تؤكد الطريقة التي أصبحت تمرر بها القرارات، فوقية ،لا تعترف بالحقوق الدستورية ، و الحق في الاختيار، و الحريات الشخصية، كما تبين فقر الحكومة التواصلي،الذي لم يقنع المغاربة،بضرورة اتمام مراحل التلقيح، و هم الذين تجاوبوا و ساندوا العملية في بداياتها، و نحن نتحدث عن أزيد مليون مواطن تلقوا الجرعة الأولى و الثانية. 24 من
لا شك أن غياب تواصل فعال من المسؤولين المغارية، و غياب البرامج العلمية، التي تشرح و تفسر الوضعية الوبائية،كما في بداية الجائحة، أدت إلى هوة بين منطق الشعب و المسؤولين عن الشأن العام،و هذا ما جعلهم يلجأون لوسائل لا دستورية، و استغلال ما يتيح لهم فرض ما يرونه صحيحا بغض النظر عن حقوق الإنسان ،أو التكلفة الاجتماعية و السياسية.
هكذا يتبين أن الحكومة المغربية ماضية في تنزيل قرارات شبه رسمية، تؤدي إلى إجبارية التلقيح على الطريقة المغربية، لكن هل يمكن الاستمرار في نفس العملية، إذا تبين أن الجرعة الثالثة لا تكفي كما حدث مع الثانية؟ هل يمكن الاستمرار في استغلال الخدمات الضرورية و الكمالية، من ا جل فرض جرعة رابعة و خامسة؟ أليس حري بناء جسر تواصلي بين المواطنين و المسؤولين عن الشأن العام الذين يتخذون قرارات بعضها عشوائي متسرع، ينفر الشعب المغربي أكثر مما يقربه من التجاوب مع المبادرات المطروحة لاحتواء الجائحة.
إن التواصل الفعال، و احترام الدستور، و تقوية القطاع الصحي،من أجل احتواء أي تطور ، أو جائحة قادمة هو الضرورة التي يجب تسخير الامكانيات و الوسائل المتاحة لتحقيقه، من أجل المستقبل، أما المساومة فلا تخلق إلا احتقان شعبي و سخط عارم عن السياسات العمومية.
التعليقات (0)