إنتظرنا أن تخرج دول مجلس التعاون الخليجي ـ من قمّتها المُنعقدة بالأمس في السعودية ـ بحلول عملية للمبادرة التي كانت قد أطلقتها قبل مدّة لإنهاء الأزمة في اليمن !.. أو بمواقف مندّدة بإنتهاكات النظام السوري !.. على اعتبار أن الوضع بالبلدين هو من أولى أولويات المجلس ، بحسب تصريحات المسؤولين التي سبقت إنعقاد القمّة !.. لكن المفاجأة كانت بخروج زعماء الخليج بمُقرّرات (صادمة) لاتتناول الشأن اليمني ولا السوري ـ ولا شأن أي (جمهورية) أخرى من جمهوريات الوطن العربي البائسة والمُحترقة ـ في شيء ؟!...
فالموقف الخليجي تغيّر بعد القمة مائة وثمانون درجة ، وتغيّرت لهجة الخطاب أيضا !.. فمن دفاعٍ عن قضايا الشعب السوري واليمني العادلة ، إلى دفاعٍ عن نفوذ (الممالك) في الوطن العربي ، وتوسيع نطاقاتها على حساب الوحدة العربية الشاملة ، وترسيخ مبادئها على حساب مبادئ التحرر ، والمُساواة ، والديمقراطية التي تتخذ منها شعوب (الجمهوريات) العربية عناوين رئيسية لثوراتها !.. رغم علم دول المجلس أن الموقف لا يحتمل ، وأن الظرف لايسمح ، في ظل الوضع المتصاعد لإنهاء (الدكتاتوريات) ؟!..
فدول مجلس التعاون الخليجي ـ وللمفارقة ـ كلها ممالك ، لكنها لم تكن تسلّط الضوء على أركانها المُظلمة حتى قبل قيام الثورات العربية .. كما أنها لم تصرّح يوما بخلفياتها ودوافعها الحقيقية مِن وراء تشرذمها ؟!.. ولم تُعلن يوما عن الأسس والركائز التي بنت عليها صرح وحدتها الخليجية !.. الوحدة التي اتّضح أنها لم تكن نتاج الإحتكاك بالغرب المُتعاضد والمتقدّم ، ولا للإقتداء به في تكتلاته وتحالفاته ، ولاثمرة جُهود أهل المنطقة ـ بحكم الجوار ـ لكسب المزيد من القوة الإقتصادية ـ على اعتبار أن الإقتصاد هو القوة الضاربة في عالم اليوم ـ كما كان الجميع يعتقد !.. وإنما هي وحدة من أجل حماية الإرث الملكي الإستعبادي من الإندثار ، عبر تكتل يتخذ من (التعاون) إسما ومن (الفرقة) هدفا !..
التعاون الذي يكتسي الطابع الإقتصادي والأمني ، لم يكن أحدا ليتخيّل أن أبعاده سياسية عنصرية تتجاوز الخليج العربي ، والجزيرة العربية ، وتمتدّ إلى فاس ومكناس بالمغرب العربي !.. لكن تأكّد ذلك بعد الدّعوة التي وجّهتها دول المجلس للمملكة المغربية للإنضمام !.. وبعد الطلب الذي (قيل) بأن المملكة الأردنية الهاشمية قدّمته للإنضمام كذلك !..
أكرمت إذن دول مجلس التعاون ، المملكة المغربية والمملكة الأردنية ، وكافأتهما على (صمودهما في وجه رياح التغيير) التي تحاول إجتثاث (الملكية المُطلقة) ، بأن إقترحت عليهما مقاعد في مجلسها ، رغم بُعد المسافات بين المشرق والمغرب !.. ودعتهما للإنضمام إلى نادٍ جديد أُطلق عليه إسم : (إتحاد الممالك العربية) !.. وهو نادٍ يجتمع فيه الملوك حصرا ودون جميع الرؤساء ، وحتى أولئك الذين يُعمّرون في الحُكم أكثر من الملوك !.. لكي تغار شعوب الجمهوريات الثائرة ، وتلعن جمهورياتها ، وتكفر بها ، وترتدّ عن ثوراتها ومطالبها .. ولكي ترتمي في أحضان الملكية من جديد ؟!..
فيا له من منطق ، ويا له من تعاون .. وإتحاد ؟!.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تاج الديــن | 11 . 05 . 2011
التعليقات (0)