إبتكار مدرسة فنون الرّسم والتّشكيل الدّوائري
بقلم: حسين أحمد سليم
آل الحاج يونس
المُصمّم المُبتكر والمخترع اللبناني, الفنّان التّشكيلي المتمرّس والرّسّام الهندسي الفنّي الخبير
تُعتبر الدّائرة بالمنظور الهندسي التّوصيفي, من أكمل الأشكال الهندسيّة المنتظمة وأقواها في كتلتها, وبما تتّصف به من سمات فنّيّة وهندسيّة وتشكيليّة, بحيث تتوزّع وتتوالى جميع نقاط خطّها الدّائري على بعد واحد منتظم من نقطة محور هذه الدّائرة... وبحيث يتمّ رسمها تطبيقيّا وعمليّا, إنطلاقا من نقطة هندسيّة ما يتمّ تحديدها وتعيينها وهميّا, وبطول شعاع مُعيّن الطّول وفق المطلوب, أو بطول قطر ما, يتمّ تنصيفه بنقطة في الوسط, بحيث يتمّ تثبيت سنّ مسمار الفرجار في نقطة المحور, والتي تقع في وسط أو منتصف خطّ القطر للدّائرة, بفتحة معيّنة تُساوي نصف طول القطر, أيّ بطول شعاع معيّن, ليتم رسم محيط الدّائرة الكامل, عند الطّرف الآخر للفرجار, والذي يحمل سن قلم رصاص أو رأس قلم تحبيري ممتليء بالحبر الصّيني, أو يتمّ هذا الإجراء بإستخدام الأدوات الرّقميّة الضّوئيّة, من على شاشة مرقاب الحاسب الشّخصي, المزوّد بالبرمجيّات التّشغيليّة اللازمة, إضافة لبرمجيّات فنّيّة وهندسيّة متخصّصة...
إنطلاقا من المواصفات الهندسيّة الوصفيّة للدّائرة الهندسيّة المنتظمة, المتكاملة في كتلتها القويّة, نستطيع تحديد ورسم وتشكيل جميع الخطوط الأفقيّة والرّأسيّة والمائلة ذات اليمين وذات اليسار والمُحدّدة الأطوال مسبقا, ويُمكننا أيضا من تنصيف هذه الخطوط لتتعامد على بعضها البعض في نقاط أوساطها, بإستدامات جميع الأدوات الهندسيّة المتوافرة بين أيدينا تقليديّا أو رقميّا, وكذلك نستطيع تحديد ورسم جميع قيم الزّوايا الضّيّقة والمنفرجة والمتجاورة والمتكاملة ومن نقطة محور الدّائرة, أو من أيّ نقطة تقع على محيطها, سيّما الزّاوية القائمة والزّاوية المسطّحة والزاوية العظمى والتي تساوي ثلاث ماية وستّون درجة ستّينيّة أو أربعماية درجة مئويّة, بنفس الأدوات التي يتمّ إخيارها للإستخدام في عمليّات الرّسم والتّوقيع...
وعليه, فجميع الأشكال المنتظمة والتي تتكوّن من الخطوط القياسيّة, بدءً بالمثلّثات المنتظمة, يُمكن رسمها داخل الدّائرة, بحيث تكون نقاط رؤوسها مماسّة مع محيط الدّائرة, وبالتّالي يُمكن رسمها وتوقيعها كذلك محتضنة للدّائرة, بحيث تكون أضلاعها متماسّة مع محيط الدّائرة في نقاط ما, بإرتباطها بنقطة محور الدّائرة... وجميع المضلّعات إبتداءً من المثلّث مرورا بالمربّع فالمضلّع الخماسي فالسّداسي فالسّباعي والثّماني والتّساعي والعشري... وصولا إلى ما لا نهاية له من المضلّعات المنتظمة المتعدّدة الأضلاع, يُمكن رسمها داخل محيط الدّائرة وخارجها, بحيث تكون رؤوسها موزّعة على تماما خطّ محيط الدّائرة, وكذلك رسمها وتوقيعها تحتضن الدّائرة, بحيث تكون أضلاعها متماسّة مع محيط الدّائرة في نقاط معيّنة, وترتبط بنقطة محور الدّائرة التي تُعتمد هندسيّا وفق طول الشّعاع المطلوب...
من مقوّمات الدّائرة والعناصر التّكوينيّة لهذه الدّائرة, نستطيع رسم وتوقيع جميع أنواع الأشكال البيضاويّة والحلزونيّة والمحوريّة, وجميع الأشكال والصّور اللولبيّة, وجميع حركات ومسارات خطوط المنعطفات المنتظمة والتّصاعديّة الإنتظام, وكذلك نستطيع الرّسم والتّوقيع التّرميزي والتّعبيري والتّجريدي والسّوريالي والإنطباعي وغيره, لجميع أشكال وصور الكثير من الحيوانات البرّيّة, كالأرانب والكلاب والقردة والقطط والثّعالب والفئران والثّيران والسّناجب والفهود وأشبال الآساد والماعز والضّأن والأكباش والضّفادع, وغيرها من الحيوانات المائيّة والبحريّة, كالأسماك والسّلاحف والزّواحف والسّرطانات والأخطبوطات وشقائق النّعمان البحريّة والقناديل البحريّة, ومختلف أنواع الطّيور والعصافير, كالصّيصان والدّجاج والدّيكة والبوم والوطاويط والنّسور والعصافير والبطّ والطّواويس والغربان, وأنواع متعدّدة من الحشرات والزّواحف, كالخنافس والصّراصير والحلازين والنّمل والنّحل, وأشياء وأدوات أخرى نستخدمها في السّياحة والسّفر, كالطّائرات والمناطيد والسّفن والدّرّاجات والتّرامات, وأدوات أخرى تعيش معنا في مسيرة عيشنا اليومي, كالمراوح والبالونات والسّاعات والمضارب وأدوات الزّينةوالأدوات المنزليّة والمطبخيّة, وبعض الأدوات الموسيقيّة وغيرها...
ومن الشّكل الدّائري الهندسي, أو ما يتمّ إشتقاقه من أشكال بيضاويّة... بحيث نستطيع الرّسم والتّوقيع التّرميزي والتّعبيري والتّجريدي والسّوريالي والإنطباعي وغيره, لجميع أنواع وسمات التّعابير لوجه الإنسان, والتي تتوزّع بين الإبتسامات والضّحك والحزن والعبوس والتّفكّر والسّخرية والإستهجان والتّعجّب والعنف والهجوم والإمتعاض وغيرها...
لافتين العناية الفنّيّة إلى أنّ الفنّانين الأوائل, إعتمدوا الدّائرة القياسيّة في وضع أسس وقواعد رسم وتوقيع الجسم البشري وأطراف الجسم الإنساني والعناصر المختلفة, فيما تمّ إعتماد الدّائرة أيضا في عمليّات رسم وتوقيع تفاصيل الوجه الدّقيقة, وتفاصيل باقي أجزاء البدن البشري...
هذا ويُمكننا إنطلاقا من رحم الدّائرة من رسم وتوقيع جميع أنواع وحدات وعناصر الزّخارف, التي يتطلّب تكرارها محوريّا من نقطة محور الدّائرة, إضافة لخلق وإبتكار صنوف غير متناهية من عناصر أنواع الزّخارف المتنوّعة والمختلفة, والمنتظمة في مساحة الدّائرة الدّاخليّة, أو الممتدّة لخارج الدّائرة, على أن يُحافظ الفنّان على القواعد والأسس الضّابطة, والمتعلّقة بقواعد رسم وتوقيع الدّائرة الهندسيّة, وما يتفرّع عنها من أشكال منتظمة داخليّا وخارجيّا...
من هذه الدّائرة الهندسيّة, إستطعت أن أبتكر بعدد محدود من الخطوط الأفقيّة والرّأسيّة, التي تمّ توقيعها بدقّة وإحتراف داخل مساحة رقعة الدّائرة, بالتّكامل مع بعض أجزاء عناصر من محيطها, وبإستخدامات أشعّة تصاعديّة أو تصاغريّة... أستطعت التّوصّل بكرم من الخالق تعالى, إلى فعل الإبداع والخلق في إبتكار منظومة مميّزة من أشكال محارف الأبجديّات العربيّة والأجنبيّة, إضافة لأشكال الأعداد العربيّة والأرقام الهنديّة والرّموز الرّومانيّة وغيرها...
وكان لا بُدّ لي, وهو تحصيل حاصل, وأمر مُحتّم لا بُدّ منه, وأنا أبحرُ دائما بين الأمواج التّحديثيّة الدّائمة, في بحار الرّسم الهندسي والفنون التّشكيليّة, أواظب على فعل العمل على الخلق والإبداع والإبتكار, بما يضمن التّنمية المستدامة لفنون الرّسم الهندسي والفنون التّشكيليّة, وهو ما يُحرّضني بإستمرار, ويُثيرني بلا مواربة, للإنكباب والتّفكّر بإبتكار كلّ جديد, بالمحاكاة المباشرة حينا, وبالخلق والإبداع أحيانا, وهو ما يدعونني لإرساء قواعد وأسس هذه المدرسة الجديدة, والتي إستقيتها من رحم الدّائرة الهندسيّة, فكانت مدرسة فنون الرّسم الدّوائري, التي أخذت مكانتها بين أخواتها من إبتكاراتي السّابقة في هذا المجال, الذي أفخر بحمل مسؤوليّته التّكليفيّة...
هذا ولم ولن ولا أنسى أنّ النّقطة هي دائرة متناهية في الصّغر والدّقّة, وأنّ الكرة الأرضيّة شبه دائريّة, وأن الشّمس دائريّة والقمر دائري بوجهيه المضيء والمظلم, وحزام الشّمس النّسبي البروجي شبه دائري وإن إفتراضيّا, والأجرام والكواكب والنّجوم دائريّة كذلك وفقا للرّؤى العلميّة الفلكيّة, وعليه فالمجرّات والمنظومات الكوكبيّة والشّمسيّة هي لا شكّ شبه دائريّة...
التعليقات (0)