الصورة أعلاه ليست من صنع الخيال وإنما استلمتها عراق الغد عن اجتماع عقدته إحدى أحزاب الإسلام السياسي في العراق وقدمت المرأة العراقية فيه كقطعة ٬أثاث سوداء خلف المنصة .
فهل هذا العراق الجديد الذي تنادي به الأحزاب الطائفية ؟ بلد ولدت من رحمه باقة واسعة من الزهور من العراقيات٬ نزيهة الدليمي٬ نازك الملائكة٬ عاتكة الخزرجي ٬ لميعة عباس عمارة٬ سعاد العطار٬ زها حديد٬ لواحظ الغزالي ٬عفيفة لعيبي٬ بلقيس حسن السنيد ٬ميسون الدملوجي وعشرات من العراقيات الأخريات من جميع القوميات والديانات اللاتي برزن في جميع ميادين الفن والأدب والعلوم والسياسة وقدمن صورة رائعة عن وطن الحضارات يراد لهن ان يطمس حقهن ويلبسن كفن اسود ؟
نقلا عن عراق الغد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذات مرة رأيت صورة لمظاهرة نظمت عام 1959 في مدينة الكاظمية في تلك الصورة كان معظم المتظاهرين من النساء ولم يكن بين صفوف المتظاهرات من ارتدت كفنا اسودا او ابيضا ولم يكن فيهن من ارتدت الحجاب..خرجن في مظاهرة ليثبتن حضورهن ودورهن الفاعل على الساحة السياسية آنذاك..هل يا ترى كانت أخلاق الناس فاسدة في ذلك الوقت؟؟
الم يكن لأولئك النسوة أهل وأزواج تهمهم سمعتهم؟؟
هل تعرضن حينها يا ترى الى متحرش بذئ أو الى أساءة من المارة او الشباب المشارك في المظاهرة؟؟
ما الذي تبدل بين الأمس واليوم؟؟ولماذا اصبحنا نعيش حياة القرون الوسطى بعد ان كنا شعبا متحررا محترما يحترم نفسه ويحترم افراده ولايميز بينهم؟؟ايعقل ان يكون لدينا في الخمسينيات والستينيات وزيرات وناشطات سياسيات لهن دور بارز وبصمات واضحة آنذاك..ونفتقر اليوم الى من يمثل المرأة تمثيلا يليق بها ويطالب بحقوقها التي أستحقتها بجدارة بعد أن قدمت ما قدمت في سنوات البعث العجاف.
المرأة سادتي ظلمت مرتين سابقا..لأنها أمرأة ظلمتها عصابة التخلف والرجعية القبلية..وظلمت مرة اخرى أسوة بأخيها الرجل..
واليوم تظلم من جديد..تارة على يد القوى الرجعية الدينية التي تنتهك حقوقها وتصادرها وتجعل منها تابع للرجل ليس الا وتارة اخرى على يد الأرهاب الأسلاموي الذي يكمم فمها ويحدد ملبسها وسلوكها..وثالثة على يد تقاليد وأعراف بالية يراد منها اعادة المرأة-بل المجتمع بأسره-الى الماضي..الى التبعية والأستعباد وحياة الذل التي عاشتها قرون طويلة..
تلك هي رسالة الأسلام السياسي للمرأة...ونموذج الغراب الأسود هي مايريد هذه القوى والأحزاب تطبيقه على النساء في بلادنا...هذا يا سادة يا كرام هو اقصى ما يفهمه المتخلفون الظلاميون..يسمحون للمرأة ان تشارك في السياسة لا كعنصر فعال ولا رغبة منهم في استمالة صوتها..بل كقطعة ديكور اجبرهم الدستور على وضعها بينهم..
وهنا انا لا أتحدث عن حزب معين أو طائفة معينة..فكل احزاب الأسلام السياسي السنية والشيعية لم تدخل المرأة ضمن صفوفها الا من أجل تجاوز العائق الذي يجبرهم على تخصيص ربع عدد المرشحين للنساء..تلك هي المرأة التي يريدوها..تابع لهم ليس الا..حظها في مناقشة القرارات وصنعها وأتخاذ المواقف لا يزيد عن حظها في الأرث بل هو معدوم تماما فأي نقاش يسمح لها به وصوتها عورة لا يجب أن يسمعه أحد؟؟
انها مجرد شبح مختفي تحت كفن أسود..لا بل شبح ارتضى ان يختفي تحت كفن أسود وأن يدفن حيا..وأرتضى ان يغمط حقه وحقوق من يمثلهم..كلنا نتذكر المسيرة المشؤومة التي نضمتها عدد من عضوات الأحزاب الأسلامية للمطالبة بتطبيق الشريعة في مجال الأحوال الشخصية أيام مجلس الحكم..ولا ادري كيف لأمرأة ان ترتظي ان تغمط حقوقها بهذا الشكل المريع..فأي عرف وأي قانون يسمح بهذا؟؟
وأي حرية شخصية تملكها اولئك اللواتي يطالبن المجتمع بأهدار حقوقهن بأسم الشريعة؟؟
في الحقيقة لا الوم قوى الأسلام السياسي على ما تفعل وتعلن..فتلك رسالتها وهذا هو جوهرها فالمرأة عندهم ليست سوى"ناقصة عقل ودين" لكن اللوم يقع على القوى الليبرالية التي تركت الساحة لتلك القوى لتسرح وتلعب..والعتب على المرأة التي سمحت لهؤلاء بأن يمثلوها في اعلى هيئات التشريع في البلاد..نعم نحن نناصر المرأة ونقف معها لكن علينا ان لاننسى ان المرأة مدعوة الى الوقوف ايضا وبقوة للمطالبة بحقوقها بالمساواة في جميع نواحي الحياة..وأقول جميعها فلا استثني عملا او منصبا او أرثا او قانونا..على المرأة اليوم ونحن على ابواب الأنتخابات ان تنتبه لوضعها وأن تنهض من الكبوة التي رافقتها منذ ايام وصول البعث وتمكنه من السلطة حتى اليوم..ولن تفيد المرأة ربع مقاعد مخصصة لأشباح لا تجيد سوى التثاؤب اثناء جلسات البرلمان..
سيدتي المستقبل امامك كي تنالي حقوقك فلا تتأخري بنيلها ولاتنتظري هذا وذاك كي يعدك كذبا..فأنت اهل للمناصب..ولا تصدقي ما يقولون عن نقصك..فما عجز عنه الرجال في اوربا تمكنت منه انجيلا ميركل..
وما فشل فيه رجال عديدون نجحت فيه سيدة ككوندليزا رايس وهيلاري كلنتون..
ولا تنسي سيدتي ان امرأة واحدة كان اسمها كولدا مائير ابكت ملايين العرب في ايام سوداء..
فأطمأني سيدتي فليس فيك ضعف او نقص..لكنهم هم من يعاني النقص وهم الضعفاء امام الأجيال المتنورة التي تربينها كي تفود مجتمعاتنا نحو الحرية والمساواة والديمقراطية..
كل ما تحتاجينه سيدتي ان تستعيدي ثقتك بنفسك..ثقة الخمسينيات والستينيات..وأن تؤمني بقدراتك..
وحينها ستصنعين المستقبل..كما صنعته سميراميس وشبعاد..
فأنت شمس لا ينبغي لها الغروب..
التعليقات (0)