مواضيع اليوم

أَمُولَ نُوبَه

حنان بكير

2012-09-09 00:56:20

0

كل من ولج الموقع الالكتروني للمكتب الوطني للكهرباء لاشك وأنه سيعتقد منذ الوهلة الاولى أن المغرب قطع أشواطا مهمة في توزيع الشبكة الكهربائية، وهو الان على موعد أخر مع تحقيق تنمية غير مسبوقة في انتاج الطاقات المتجددة التي كانت موضوع المناظرة الجهوية الاولى التي نظمت في اكادير، يومي 13 و 14 من .الشهر الحالي ، بتنسيق بين جهة سوس ماسة درعة وحكومة جزر الكناري

فالمناسبة، التي تكتسي أهمية كبرى بالنظر الى رغبة المغرب في تنفيذ استراتيجيته الطاقية و تحقيق حلم الاعتماد، وبشكل كبير، على مصادره من الطاقة المتجددة أو البديلة، لم تخلُ من سخرية مُرة تُعيدك الى واقع طاقة "الفوحان"، الذي ينضح به الحقل السياسي المغربي ، و الذي عبر عن جانب منه عمدة اكادير، طارق القباج، حين صنف هذه الاخيرة ضمن خانة المدن البيئية أو الايكولوجية.

ولا ندري حقيقة ما إذا كان شيء آخر غير السهو هو الذي دفع الرجل الى "القفز العلوي" على واقع المدينة، التي تستقبل السياح والوافدين بالروائح المنبعثة من قنوات الصرف الصحي، حتى يعلن عن هذا "الانجاز" الذي يعرف الجميع ـ بما فيهم الاجانب الذين حضروا المناظرة ووجدوا صعوبة في كبت سخريتهم اثر سماع هذا الخبر الصاعقة ـ، أنه أبعد ما يكون عن التحقيق في ظروف مثل هذه.

إلا أن ما دفعني الى عدم التعليق بل و وعدم الضحك بالمرة ليس تصريح السيد العمدة لوحده ولكن لانغماس المسؤولين في الجهة في الحديث عن الخطط والبرامج لاستراتيجيتهم الطاقية في الوقت الذي لا يزال مواطنون في اكادير وغيرها من مدن كثيرة يعتمدون على "القمرة" والشمعة مصدرا بديلا "للضو" الذي لا ندري إن كنا سنجده في نهاية نفق الوعود المعسولة لحكومة عبد الاله بنكيران.

في سيدي إفني، على سبيل التذكير، وبعد أن "هزنا" "الما" اكثر من مرة وأغرقنا في فاتورات خيالية في الماضي من الايام ، جاء الدور على "الضو" "ليضرب" حي بولعلام، مخلفا خسائر فادحة في "الارواح"، التي لم تستطع مقاومة الارتفاع المهول و المفاجئ للتيار الكهربائي، و تاركا وراءه العشرات من الآلات الكهرو منزلية معطوبة واخرى لم تعد صالحة للاستعمال بالمرة .

وبعد أن مر ما يقارب الشهر تقريبا على هذه الكارثة، لم يخطر ببال ادارة المكتب الوطني للكهرباء ان تتحمل مسؤوليتها إزاء هذا الوضع ولا حتى أن تعتذر للمواطنين عن هذا الخطأ الذي ليس سوى نتيجة لسوء تدبيرها لخدمة الكهرباء التي يؤدي الناس ثمن الاستفادة منها كل شهر.

فبالرغم من الوقفة التي نفذها المواطنون أمام مكتبها لتوجيه رسالة احتجاج الى المسؤولين ومطالبتهم بتعويضهم عن الخسائر التي لحقت بهم، لم تُسجل أي خطوة تسير في اتجاه إنصاف المواطنين و تخفيف ألم الضربة التي تعرضوا لها دون سابق انذار!

فلماذا لا يلتفت هؤلاء المسؤولون في المكتب الوطني للكهرباء إلى مشكل كانوا سببا في وجوده عوض التعويل على نسيان المواطنين، الذي وضعوا شكاياتهم على طاولة الوكالة المحلية و كذا في الصندوق البريدي للمدير العام للمكتب الوطني للكهرباء دون أن يرى سعادته ضرورة في توجيه تعليماته و حل أزمة الثقة التي لا زالت عالقة على اسلاك الكهرباء العشوائية و التي نخشى ان تطال شدتها المفرطة البشر في القادم الايام؟

ببساطة لأنه السلوك المعهود للإدارة المغربية التي لا ترى في المواطن سوى كونه مصدرا مدرا للضرائب التي يستقر جزء كبير منها في جيوب "القروسا"، الذين لا يستدعيهم أحد للوقوف امام المحاكم و مطالبتهم بإرجاع ما نهبوه الى صندوق الدولة، في حين لا نكاد نودع يوما دون أن تصل إلى مسامعنا محاكمات في حق "السنسر" الذي قد يكون بعضه ارتكب خروقات قانونية و أخر استفتى نفسه في لحظة عسر وغاص في مياه "الهمزات"، دون ان يعلموا أن المخزن ينتظرهم ف "الدورة" ويصبحوا على ما فعلوا، بعد ذلك، من النادمين.

فالقانون في مملكتنا السعيدة قيدوه، ومنذ قرون، بسلاسل "مقدسة" ، ولهذا فأخر ما يمكن للمرء ان يتمنى تحقيقه، حتى لا يصاب بخيمة أمل صادمة، هو أن يرى هذا القانون يتحرك أمام عينيه، بحرية واستقلالية ، نحو إنصاف المسحوقين من الشعب وإخراجهم من دائرة الفاقة التي تشدد الخناق على أعناقهم يوما بعد يوم.

فهل كان من الممكن مثلا أن يبقى رموز الفساد أحرارا طلقاء، وهم الذي نهبوا الملايير من اموال الشعب، في الوقت الذي يسُلط سيف القانون على رقاب الضعفاء من الذين لم يُسعفهم الحظ في أن تحضر إحدى جداتهم "المعروف"، لولم يكونوا يملكون مفاتيح سرية لبعض من غرف دار المخزن المظلمة حيث يختبأون مُحصنين حتى يمضى "مول الضريبة" الى حال سبيله؟!

تصفحوا كل الجرائد اليومية وانظروا هل ترون إسما واحدا من أولئك المحظوظين يلتحق بصفحة الاقتحامات

الاعتقالات أو المتابعات القضائية التي لا تعرف طريقها إلا الى منازل الشرفاء والشريفات في هذا البلد و التي اكتشفت احداهن صورتها

بالمصادفة على صدر الجرائد الصفراء محاطة بشتى انواع التهم الثقيلة التي "تُلفق" عادة حتى و قبل ان تُعلن المحكمة قرارها!

فبعد ان مرت "نوبة" الاشتراكيين، والتي خلفت وراءها نوبة "قلبية" اصابت حزبهم بحالة شلل سياسي، لم ينفع معه علاج، نتيجة لابتعادهم عن هموم المواطنين الحقيقية وفشلهم في ترسيخ العدالة الاجتماعية التي طالما شنفوا اسماعنا بها، يبدو و اننا على موعد جديد مع "نوبة" الاسلاميين الذين اصبحوا تحت رحمة التنازلات التي تمليها طبيعة التحالف الحكومي حتى أننا لم نعد نرى اختلافا كبيرا بين صدمة الامس وهستيريا اليوم.

فبعد ان توقعنا ان تطرق العدالة والانصاف ابواب سيدي افني وتعيد لنا الامل في امكانية طي صفحة الانتهاكات الجسيمة من خلال تبرئة المتهمين على خلفية احداث السبت الاسود وإرجاع الحقوق الى اهلها، بتنا نشهد على حالة جديدة من الانفصام و الانفصال عن الشعارات التي كانت تؤطر الخرجات السياسية ونتابع الحلقات الاولى من مسلسل أستسمحكم في تسميته ب"التكرار الهْزْمُوقراطي" الذي بدأ بعمليات "بطولية" تستهدف تصفية الحسابات في حق البوبريا في سيدي افني وفي غيرها، في الوقت الذي ترتع الحيتان في محميات آمنة و بعيدا عن سلطة قضاء غير مستقل.

ولهذا فمن المستبعد جدا، ونحن نتابع قفشات رئيس الحكومة، و الذي لم يفقه قوله بعد، رغم دعواته المتكررة بان يُحلل الله العقدة من لسانه ، أن نرى تنمية حقيقية ما لم تحضر العدالة أولا كشاهد اثبات لا كشاهد زور ، العدالة التي يبدو وأننا بعيدين جدا من محطة الوصول اليها، خصوصا حينما ندرك أن "الشيفور جْديد اللي جات فيه النوبة هاد المرة عاطيها غير للنكات"، والمصيبة انه حينما يكتشف أن لا احدا قد اقتنع بطريقة قيادته ، يلجأ الى الصراخ في وجه الحضور قائلا:

"وَاش فْمْتِيوا ولا لا!؟"

وعلاش قال بعدا شي حاجة حتى نفهموه!؟

 

 

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !