في غياب أي تغطية إعلامية حقيقية مستقلة لما يقع ويُمارس على المتظاهرين في الشارع المغربي المُطالبين بحقوقهم الشرعية سِلميا من طرف قوات الأمن والفُرق المختصة في مكافحة الشغب التي أصبحت مُسخرة فقط للتنكيل والقمع والحط من كرامة المواطن المغربي، في تناقض صارخ مع مشروع المملكة المُراد به النهوض بثقافة حقوق الإنسان وترسيخ دولة الحق والقانون..؟ الكل متآمر على الشعب المغربي، والكل يُريد ركوب موجة الإصلاح والتغيير، والكل يُريد أن يكون في الواجهة، والكل أرادها فرصة لا تُعوض من أجل تصفية الحسابات والإطاحة بالخُصوم...؟ هنا ضاعت المصلحة العليا للبلاد بين مُستبد ومُتملق ومُستغل..؟
فأي مغرب نعيش..؟
المؤسسة الملكية تقمصت دور المتفرج وأدارت ظهرها إلى الشارع المحتج والثائر المُطالب بالتغير والإصلاح من أجل مغرب جديد حداثي ديمقراطي.. وفي خضم هذا التصعيد بين الشعب والنظام تأبى هذه المؤسسة إلا أن تُرجح كفة أصدقاء الدراسة والمحيط الملكي على مطالب الشعب وإرادته، فلا دستور لجنة المانوني ولا تمويه الحكومة للرأي العام ولا نفاق المجلس الوطني لحقوق الإنسان ولا سحر مداخلات أعضاء البرلمان ستُنقد المغرب من هذا الحراك ويُخرجه من مستنقع الإحتجاجات والتمرد الذي لم يأتي من فراغ وإنما جاء جراء تراكم الإخفاقات تلوى الأخرى في جُل المجالات سواء سياسية كانت أو إقتصادية وإجتماعية..؟ هنا وجب على المؤسسة الملكية التدخل الفوري والفعال بما يُخول لها الدستور الحالي الفصل بين الشعب والحكومة والخروج من شرنقة البروتكول الملكي ورأية أزمة الشارع المغربي بعيون المواطن العادي قبل فقدان الشرعية الشعبية حتى لا يصدق علينا قول الشاعر يا ليت الشباب يعود يوما ...؟
الأحزاب بمختلف إديولوجياتها بعد أن فقدت ثقة المواطنين والشعب بصفة عامة ها هي اليوم تلعب دور المرشد والمصلح والوسيط في هذا الحراك المستجد متناسية أن منذ نشأتها أو تأسيسها لم تُقدم أي جديد للبلاد اللهم خدمة مصالحها الخاصة والعمل على تعزيز مكانتها وطنيا ودوليا، أليس البرلمان النائم مشكل من هذه الأحزاب، أليس منها تُصطفى الحكومات التي تعاقبت على إمتصاص دماء المواطنين..؟ أليس هي من خرجت علينا مؤخرا متآمرة مع النظام على الشعب تنفي وجود معتقل سري إسمه تمارة يُمارس في التعذيب وتُنتهك في دهاليزه حقوق الإنسان..؟ أليس هي من تطل علينا مرة كل خمس سنوات فقط لشراء أصواتنا وذممنا..؟ شباب مغرب اليوم يعي كل الوعي أن هذه الأحزاب لا تستحق أن تُتبع أويُقتدى بها لأن المنطق والعقل يقولان من باع مرة ليس بالمستعصي عليه البيع ألف مرة..؟
إعلامنا الرسمي المستقل بين قوسين الذي لا تمارس عليه أي رقابة من الوزارة الوصية.. هو أيضا يُعد من المتآمرين على المغاربة إلى جانب باقي المؤسسات كالقضاء والمجلس الوطني لحقوق الإنسان والبرلمان وغيرهم ممن يُريدون إدخال المغرب في مستنقع الفوضى والحروب الأهلية لا قدر الله..؟ إن وطأت خيانة الإعلام المغربي لميثاق الرسالة الإعلامية أشد من تآمر جهات أجنبية على المغرب الحبيب ...؟ فما عهدناه يوما نقل لنا الحقيقة من قلب الحدث على سبيل المثال ليس الحصر قمع القوات الأمنية لشباب المغرب والمتظاهرين سنين خلت، إنطلاقا بإعتصام المكفوفين وحاملي الشهادات العليا أمام البرلمان مرورا بأحداث صفرو وسيدي إيفني وأكديم إيزك وصولا إلى المستجد الجديد الذي تشهده البلاد من مظاهرات تصتدم بجدار القمع المخزني..؟ قط لم تحظى بتغطية ومواكبة إعلامية تنقل الحقيقة للمشاهد المغربي اللهم البث الحي والمباشر للسهرات الغنائية وكذا المهرجانات ذات صبغة مخزنية كموازين وأسبوع الفرس ومهرجان الموسيقى الروحية بفاس ما عدا ذلك فلا نصيب له من إعلامنا المحترم..؟
نُقر ولا ننكر أن حركة عشرين فبراير لا تُمثل كل الشعب المغربي إستنادا للقاعدة التي تقول - إذا كان هناك واحد في الألف معارض فليس هناك إجماع -..؟ وهذا لا يعني أن مطالب هذه الحركة تُضرب عرض الحائط مع إحترامنا الكامل لباقي الشعب والمواطنين المناهضين لحركة العشرين فبراير، بعيدا عن أي ثانويات المراد بها التشويش على المشروع الإصلاحي الذي تقدم به شباب الحركة المذكورة والذي يجب أن يُستجاب له من طرف صناع القرار السياسي المغربي ومسؤوليه، كما يجب إحترام مظاهراتهم في جميع أنحاء البلاد ما دامت سلمية وقانونية بمقتضى الدستور الحالي ولم تقترن بأي عمل تخريبي أو مسلح..؟ فكل تدخل أمني عنيف يحط من كرامة المتظاهرين يزيد الطينة بلة ولا يُولد إلا العنف كما يُسيئ إلى صورة مغربنا الحبيب دوليا.. ونخشى ما نخشاه أن يتفاقم هذا التصعيد الخطير والمتأجج بين قوات النظام والمتظاهرين كما وقع في طنجة والدار البيضاء ومدن أخرى ويُسفر عن إنفلات أمني لا يُحمد عقباه على إثره نقع فيما وقع فيه أشقائنا في تونس ومصر وسوريا وليبيا ودول أخرى..؟
نرجوا من المؤسسة الملكية أن تضع نصب أعينها مطالب الشعب المغربي والإستجابة والإنصات لصوت الشارع ما داموا مُتوسمين خيرا في ملكهم، وما دام سقف مطالب الشعب حط رحاله على إسقاط النظام السياسي وليس إسقاط المؤسسة الملكية..؟ هنا وجب على ملك البلاد تدارك الموقف بإصلاحات فعلية ميدانية تشمل كل القطاعات بدون تجاهل مطالب الشارع..؟ نسأل الله أن يجعل بلدنا المغرب بلدا آمنا ويجنبنا سياسات الأنظمة القمعية والحروب الأهلية
التعليقات (0)