أي مستقبل ينتظرنا ؟
تركي سليم الأكلبي
لست متشائما ، ولست ممن يؤمن بنظرية المؤامرة . ولكن ثمة مؤشرات داخلية لها مدلولات تتسم - من وجهة النظري الشخصية - بالخطورة .
وهي بإيجاز يفرضه الموقف :
- إذا كان الإعلام رسالة – كما تقول نظرية الإعلام العلمية - فأن إعلامنا رسالة ذات وجهين متناقضين : وجه يعمل على فضح بعض جوانب الواقع السلبية بتحفظ من خلال العزف على وتر الفردية فلا يصنع رأيا عاما ولا يؤثر في تغيير تلك الجوانب التي يحاول في خجل إبرازها .
ووجه آخر مضاد للوجه الأول وهو الظل الذي يتبع حركة تلك السلبيات ويجملها من خلال تجسيد أساليب تخدير وتزييف وتظليل وعي المتلقي .
- بطالة لا شيء يبرر وجودها على الإطلاق ، فهي إشكالية لا يستفيد من وجودها أحد . فلا تنظر لأسباب البطالة فهي معروفة وبالإمكان معالجتها بسهولة ، رغم أن سؤ التخطيط يعد من أبرز تلك الأسباب ، فلماذا تستمر البطالة وتتسع وتتفاقم وتبدو إشكالية مستعصية الحل ؟!
- التعليم .. لم تتطور أساليبه التعليمية ومناهجه الدراسية ، ومخرجاته معظمها ما تزال أمية متعلمة !
- الخدمات الصحة تعاني أمراضا مزمنة ، وتتمثل في العدد المحدود للأسرة في مقابل الزيادة المستمرة في أعداد المرضى ، وتدني مستوى الخدمات الصحية ، وتزايد الأخطاء الطبية بشكل مخيف ، وضعف مستوى الكوادر الطبية الأجنبية ، وضعف مستويات التدريب والتأهيل ، وأخيرا عدم قدرة وزارة الصحة على استيعاب خريجي الكليات الصحية والضغط المتواصل غير المباشر على الخريجين للقبول بالعمل في القطاع الصحي الخاص مع علم وزارة الصحة بتدني الأجور في هذا القطاع ومقاومته العنيفة لتوظيف السعوديين !
- احتكار الأراضي يؤدي إلى ارتفاع أسعارها والنتيجة 85 % من السكان السعوديين لا يملكون سكنا خاصا بهم ! وهذا يؤدي إلى ارتفاع أسعار إيجارات الوحدات السكنية مما يؤدي إلى الضغط على دخل المواطن المحدود بمعدل 4781.25 ريال / الشهر أو ( 15300 دولار في السنة ) . ومتوسط ( 5.7 ) لعدد أفراد الأسرة الواحدة !
- أنياب تنهش دخل المواطن المحدود ..لا اتهم أحدا ، ولكن ليس كل براءة كبراءة الذئب من دم يوسف .
المال يمنحك السيطرة حتى لو لم تكن لك سلطة رسمية ويكسبك قوة ضاغطة تجعلك تجير كل شيء لمصلحتك !
وفي ظل الوضع المعيشي الراهن يعتبر الدخل المحدود بـ 4000 ريال هو مؤشر خط الفقر الأحمر في السعودية وما قل عن ذلك فهو تحت خط الفقر ، وهذا يعني أن عدد السكان الذين تكون دخولهم في حدود ألـ ( 2000 ) ريال ! .. هم بحسب آخر الإحصائيات ( 22% ) أي قرابة ربع السكان السعوديين ! ولعل من نتائج ذلك عمل السعوديات كخادمات في بعض دول الخليج وهو مؤشر خطير لمنزلق أخطر !
- القرارات على كل المستويات – إلا ما ندر - عشوائية وارتجالية وتخضع للتقديرات الشخصية ومبدأ " قراري يجب ما قبله " ! وبعضها تنتهي " صلاحية استهلاكه " بسبب اللجان البيروقراطية واللجان المنبثقة عن اللجان البيروقراطية المهجنة !.
- أسراب متفرقة كل سرب له تغريده الخاص .. ذاتية فردية وذاتية نسقية وجميعها تدمر خلايا جسد الكيان القائم وتخلل نسيجه .
- وأخيرا وليس آخرا : الفساد الإداري والمالي وكارثة الحرب الأهلية التي تدور رحاها منذُ زمن في الطرق والشوارع ولم يلتفت لهما أحد ممن يجدون العزف على " رفاهية المواطن .. وكل شيء على ما يرام يا طويل العمر " والله يعلم أنهم لكاذبون .. وممن يجيدون العزف على سيمفونية العاطفة الدينية الضيقة بالنظر لحاجات المواطن والمحدودة بعمل المرأة ، قيادة المرأة للسيارة ، غطاء وجه المرأة بين التحريم والتحليل ، الاختلاط ، الليبرالية والتغريبية والحداثة والعلمانية وبشتم معتنقي الليبرالية ووصمهم بأذيال وأبواق الغرب ودعاة الانحلال والفساد .
هذه المؤشرات ضعوها تحت الشمس لأن وعينا لم يعد يحتمل التزييف والتظليل والمداهنة . فهل باستطاعتكم فعل ذلك ؟
أن استطعتم فافعلوا ، ولن تفعلوا إلا بسلطان ، ولن يكون لكم من سلطان إلا حرية الفرد من عبودية الذات !
وأن لم تستطيعوا فدعونا نتحول تدريجيا لـ : صوم ال الجزيرة !
و... صيام .. صيام يا سادة يا نيام .. !
Turki2a@yahoo.com
التعليقات (0)