مواضيع اليوم

أي صنم سيسقط قريبا ؟

حسن الطوالبة

2011-11-14 14:16:19

0

 كان الانجاز الأول للرسول محمد ( صلى الله عليه وسلم ) عندما دخل مكة فاتحا , تحطيم الأصنام في الكعبة ,لتحطيم الرموز التي كان المشركون يعبدونها . وبعد أربعة عشر قرنا يزحف أبناء الأمة العربية ممن تعلموا الدرس من رسولهم الكريم  ,ليحطموا الأصنام البشرية التي يكاد بعض أزلامها أن يعبدوها لينالوا الأعطيات والهبات المادية .

قد يعجب البعض من موقف الإدارة الأمريكية إزاء عملائها الأصنام , وكيف تخلت عنهم في أصعب الأوقات , وكأن هذا البعض , وكذلك الأصنام لم يدركوا الدروس الماضية من تعامل الإدارات الأمريكية مع عملائها في العالم , فلم يتذكروا تخليها عن ماركوس في الفلبين والشاه في إيران  وبرويز مشرف في باكستان , وأخيرا زين العابدين بن علي في تونس وحسني مبارك في مصر .

الأصنام الذين ما زالوا فوق كراسي الحكم يطبقون الأساليب ذاتها التي طبقها الأصنام من قبل في تونس ومصر , كقطع خطوط الهاتف والانترنت , ومنع الصحفيين من دخول البلاد , ومهاجمتهم إن دخلوا البلاد , وتكسير كمراتهم , أو تكسير أيديهم التي يكتبون بها مقالاتهم الناقدة لأنظمة الحكم وسياساتها الداخلية والخارجية .

الأمر المضحك هو خروج أحزاب تلك الأصنام للتظاهر ضد الثوار الذين يطالبون بإسقاط الأصنام وإسقاط أنظمتهم التي مارست كل أشكال الفساد والظلم ونهب ثروات البلاد وإيداعها في البنوك الأجنبية ,ويستخدم عناصر تلك الأحزاب وسائل العنف مثل الهراوات والعصي والأسلاك المطاطية ضد الثوار , في محاولة منهم لإجبارهم  على التراجع والانكفاء والتنازل عن مطالبهم في إسقاط الأصنام والبدء في بناء مستقبل جديد يقوم على احترام إنسانية الإنسان وتوفير الكرامة له . وقد عرفنا مصطلحا جديدا هو ( البلطجة ) وصارت البلطجة سمة أعضاء الأحزاب الموالية للأصنام , وقد أوقع هؤلاء عشرات الضحايا في صفوف الثوار في تونس ومصر والجزائر وموريتانيا وليبيا والبحرين والعراق وخاصة في منطقة كردستان ,وما يلفت النظر أن ما حدث في ليبيا هو مجزرة بحق , إذ أفادت الأنباء القليلة الواردة من المدن الليبية , أن عدد الضحايا تجاوز رقم 500 بين شهيد وجريح ,وقد استخدمت القوات الموالية للقذافي الأسلحة الحية والمدفعية الثقيلة , وهذا تطور خطير جدا , إذ أنها المرة الأولى التي يستخدم فيها جيش عربي الأسلحة الثقيلة ضد المواطنين العزل .

من مهازل سياسة الأصنام أنهم يوكلون معظم المهمات العسكرية إلى أبنائهم وأقاربهم  وأزلامهم الذين يعبدون تلك الأصنام بدل عبادة الله الواحد القهار , الذي قهر كل الجبابرة على مر الدهور والعصور .

أما المظهر الأكثر إضحاكا هو اتهام الثوار بالعمالة للأجنبي , وبالذات للإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني , وأضاف الأصنام عملاء جدد مثل إيران وحزب الله وحماس ,في حين أن الثوار استوعبوا الدرس العراقي جيدا , لأنه درس جلب  الدمار للعراق, لان المستعمر لا يهمه إلا مصالحه ولو كانت على حساب أبناء البلد ودمائهم .

إن استخدام الرصاص الحي ضد المواطنين من قبل الأجهزة الأمنية يعني أنهم يفتقدون إلى ثقافة حقوق الإنسان, ولا يهمهم إلا حماية الصنم ونظامه, بل يعتبرون الآخرين همج ولا مانع من قتلهم بدم بارد. ويبدو أن العنف صار من سمات أجهزة الأمن العربية, لأنهم لم يثقفوا على مبادئ الأخلاق الفاضلة واحترام الإنسان مهما كانت آراءه ومعتقداته, بل كانت ثقافتهم الوحيدة الولاء للحاكم والتفاني من اجل بقاءه أطول مدة من الزمن.

الأنظمة الديكتاتورية لا تعرف مشكلات الشعب وهمومهم إلا في اللحظات الأخيرة فيقدم الأصنام  التنازلات ويسترضون أبناء الشعب بعد فوات الأوان ,ولا يعترفون بفشلهم صراحة , بل يكابرون ظنا منهم أنهم الحكام المرسلون هبة من السماء لإنقاذ البشر مما يعانونه من هموم ومشكلات , وما زال البعض يعتقد انه القائد الملهم الذي منحه الله كل ممكنات القوة الروحية ليحكم الناس بالحديد والنار , فالعقيد ألقذافي الذي احتكر رتبة ( العقيد ) لنفسه  يصر على عناده ولا يكلف نفسه معرفة ماذا يريد الثوار في مدينة بن غازي والمدن الشرقية الليبية التي انطلقت منها الثورة , بل يتوعد الثوار ( بالرد الصاعق ) ,ماذا يعني بالرد الصاعق إلا استخدام القوة المفرطة ضد الثوار مثل الأسلحة الرشاشة والدفعية , ويدمر البيوت فوق رؤوس المواطنين .

لقد شهد العقد الأول من القرن الحادي والعشرين المد الاستعماري الغربي ,فاحتلت القوات الأمريكية وقوات حلف الناتو أفغانستان والعراق , وغاصت تلك القوات في مستنقعات هذين البلدين ولم تعرف كيفية الخروج منهما , أما العقد الثاني من هذا القرن فهو عقد ثورة الجماهير العربية والإسلامية ,كما هو عقد سقوط الأصنام , والبدء بعهد جديد تعم الحرية بدل الطغيان , والعدل بدل الفساد والفقر , والجهاد بدل الاستسلام والرضوخ ,والحوار بدل العنف والإرهاب .

 لابد أن نعترف أن ثورتي تونس ومصر لهما اكبر الأثر في هذه الهبة الثورية التي تعم الوطن العربي كله , والثورة المصرية بخاصة هي من انجح الثورات في العالم , ويجب أن تدرس في كليات العلوم السياسية وكليات القيادة في الجامعات ومراكز البحوث .




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !