.
منذ أن وعت أذهاننا على قضية عظيمة هي قضية فلسطين ونحن نسمع عن حماية الحريات، وتذليل الصعوبات، وحفظ الكرامة العربية، وصون الحق الفلسطيني، وحق الفلسطينيين في العيش بكرامة على أراضيهم . تلك شعارات مرادفة لأخرى جوفاء كانت ترن في أسماعنا كلما مر هذا الوطن العربي الكبير بكارثة دبلوماسية، وانتكاسة سياسية حين يُغار على أرض فلسطينية أو تُباد أرواح لا يد لها ولا حيلة فيما يحدث، فيصدر رد الفعل العربي الذي اعتدناه مترنحاً بين “نشجب” و”نندد” و”نستنكر”، ومضت بنا الأيام لتتعزز تلك الشعارات الثلاثة وتتمطى أكثر لتغرس في أرواحنا كشعوب عربية تتطلع إلى اليوم الذي يُستعاد فيه الحق الفلسطيني نصلا حادا من الصعب اقتلاعه مهما مرّت بنا من أيام، وأحداث لاتبرح مكانها في الذاكرة .
ولأننا وحدنا كشعوب عربية، وبعض من الشعوب الشقيقة والصديقة الأخرى نؤمن بالحرية وآفاقها غير المحدودة فقد اجتمع أنصار السلام ونشطاؤه لنصرة الفلسطينيين في غزة، وتنادى دعاة الحفاظ على سلامة وكرامة الفلسطينيين الذين يقبعون تحت عبء المقاطعة، والتنكيل “الإسرائيلي” في غزة، وتداعت القلوب، وتدافعت الهمم من أكثر من قطر صديق وشقيق عابرة البحار، وقاطعة المحيطات، بسفن محملة بما يسد الرمق، وبقلوب لا تنطق إلا بالحب، وبأياد لاترفع إلا أغصان السلام .ولأن “اسرائيل” لاتعترف بأغصان السلام المزروعة في بقاع تحب الإنسان وتحترم حقه في العيش بسلام وحرية فقد سارعت إلى تحطيمها، وإبادة رسالتها الإنسانية من خلال قيام جيشها بجريمة استنكر لها العالم حين هاجم بلا رحمة أو احترام للمواثيق الدولية، وخارطة الطريق، وخريطة الكلام الفاضي سفن السلام وفعل فعلته البغيضة في رجال عُزل، ونساء وأطفال غامروا بحياتهم، ومستقبلهم ليقوموا بعمل إنساني عظيم ونبيل لم يُكتب له في ظل الغطرسة “الإسرائيلية” غير الفشل الذريع بكل أسف .وإن كان العمل العسكري “الإسرائيلي” والهجوم المسلح على السفن وبخاصة السفينة التي سقط على متنها عدد من الناشطين، وأصيب أفراد آخرون من نشطاء السلام، أقول إن كان تصرف “إسرائيل” الأرعن بشعاً فإن رد الفعل العربي الصامت إلا من بعض مفردات منددة من هنا، وشاجبة من هناك يعتبر أشد بشاعة في التقييم مما فعله “الإسرائيليون” ضد المجموعات الإنسانية على ظهر سفن السلام .والمشكلة في “إسرائيل” أنها لا تتوانى عن الدفاع عن موقفها فتدّعي أن السفن هي التي بدأت بإطلاق النار لتقنع العالم بصواب ما فعلت وهو أمر خاطئ بالطبع ولايحمل أي دلالة ولو بسيطة لافتراض الصحة وليس تصديقها فقط، ثم يأتي نتنياهو ليتحدث عن حق “إسرائيل” في حماية نفسها من تكوّن ترسانة حربية متوقع أن تنشئها إيران قي قطاع غزة، وتتزايد المبررات والتفسيرات لتؤكد من الجانب “الإسرائيلي” شرعية ما حدث . وحدنا العرب، ومجلس الأمن المصوت لم نستطع بعد تفسير معنى الحرية وأهميتها، ولا ندري: أي حرية، وأي بطيخ ما دامت العزيمة تتهاوى، والكرامة تتراجع إلى الخلف مئات السنين، إنها الكارثة والله .
رابط النشر :
http://www.alkhaleej.ae/portal/326d147e-4168-42f2-a71b-5f91b6d168ed.aspx
التعليقات (0)