كم ستمتد الفترة الانتقالية في مصر؟ فبعد تمديد حالة الطوارى وتباطؤ السلطات القائمة في تنفيذ مراحل خارطة الطريق بات هذا السؤال مشروعا، فالحكام الجدد وكما يبدو اتخذوا حرب الإخوان المسلمين والتيار الاسلامي عموما أولية، حرب على مراحل، فبعد فض اعتصامي النهضة ورابعة واعتقال أعضاء الجماعة وذراعها الجزبي ومتابعتهم قضائيا وتضييق الخناق على آخرين، تعرض أنصار الرئيس المعزول إلى حملة تشويه إعلامي جعلت من الجماعة جماعة إرهابية وكل تحرك لها هو تحرك للعنف والإرهاب، كما تعرضت أيضا لحصار أمني حد من قدرتها على تعبئة مؤيديها من باقي محافظات الجمهورية وحشدهم في العاصمة للمظاهرات أو إنشاء اعتصامات في القاهرة مما جعلها تعتمد على مظاهرات الأحياء كبديل، بالموازاة مع ذلك قام الجيش بعملية تطهير في سيناء ضد المسلحين الإسلاميين أو التكفيريين كما يسميهم الإعلام، حملة تستغل داخليا ودوليا للربط بين هذه الجماعات والاخوان المسلمين في مصر وفي غزة أيضا، إنها الحرب ضد الإرهاب، ولذلك تحتاج إلى تمديد حالة الطوارئ، من الحصار والتضييق وقطع الرؤوس إلى مرحلة الاستئصال، ما يسمى بتجفيف المنابع، هكذا يقولون، وزارة الأوقاف المصرية بقرارها غلق ألاف المساجد والزوايا ومنع إقامة صلاة الجمعة فيها وتسريح ألاف الائمة بدعوى افتقارهم للأهلية، هي تدعي أنها بصدد هيكلة القطاع وتنظيمه وتعزيز مكانة الأزهر ومنتسبيه مقابل المد السلفي، لكن هناك من يرى فيالإجراء لا يعدو كونه إجراء سياسي أمني فرضته حرب الدولة ضد الإسلام السياسي، وقد تمتد أيادي الدولة ولغرض التجفيف إلى المناهج الدراسية وإلى تاطير العمل الدعوي الخيري ومنع تأسيس الأحزاب على أساس ديني.
إجراءات لا يمكن إلا أن تكون معدة سلفا، وهي وكما يبدو تظهر توجه السلطات المصرية لتأسيس مشهد سياسي خال من التيار الإسلامي، هم أقرب إلى سياسة الإقصاء من مشاركة ودمج التيار الأخر في لعبتهم السياسية، وما على حزب النور إلا أن يقبل بكونه خدع واستثمر في تسويق الإجماع الوطني على انقلاب الثالث من يوليو، لكن كم يحتاج حكام القاهرة من الوقت لإنجاح أمرهم؟ هذا إن نجح، فحرب المساجد وحدها قد يفهمها العامي بأنها حرب ضد الإسلام، وحالة الطوارئ وإن مددت لأشهر فهي لم تمنع أنصار مرسي من متابعة مظاهراتهم الدورية، فالإخوان في حربهم الاستنزافية يستغلون عامل الوقت كورقة لضم المزيد من المتذمرين من الوضع الأمني ومن ثم الاقتصادي إن لم تستطع الدول التخفيف من الحالة الاقتصادية المزرية، ولما باقي الفعاليات الحزبية والثورية.
وعلى الرغم من تريث الحاكمين في مصر وعدم تعجلهم في تنفيذ بنود خارطة، فإن العامل الخارجي وتعجل القوى المدنية والحزبية المشاركة في العملية السياسية الحالية في الوصول إلى السلطة واستمرار أنصار مرسي في التظاهر، قد تدفع الحكومة الانتقالية إلى استكمال مراحل خارطة الطريق من إنشاء دستور جديد وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسيا، لإرضاء الغرب والدول الناقمة على الانقلاب، ولسحب البساط من معارضي الانقلاب بتسليمهم مقاليد الحكم لسلطات منتخبة، وفي حالة عدم مشاركة حزب العدالة وباقي أحزاب التحالف من اجل الشرعية، فإن خارطة الطريق هذه ستجعل من مصر حبيسة لمرحلة انتقالية أكبر عنوانها الإقصاء، فالمشاركون في استحقاقات خارطة الطريق هم أنفسهم من يتصدر المشهد السياسي، وبالنظر إلى الأحزاب المشاركة، يمكن القول بأنها غير مؤهلة للفوز بأصوات أكثر باستثناء ما يسمى بالفلول أو الأحزاب المنبثقة عن الحزب الوطني السابق، وبالتالي فمن عير المستبعد رموز النظام السابق إلى البرلمان وإلى الرئاسة أيضا، لتعود مصر إلى أجواء ما قبل ثورة يناير.
وفي حالة توجه الحكام الجدد وتحت ضغوط أو توافقات دولية مثلا أو داخلية نحو إشراك التيار الإسلامي وقبل حزب العدالة بشروط اللعبة السياسية المزمع بناؤها في مصر، من قبيل التخفيف من سقف المطالب ونهج سياسية اعتدال بعيدا عن الخطاب الديني الممارس خلال حقبة ما بعد ثورة يناير وصولا إلى فض الاعتصام، مقابل مساومات قد تنتهي بإطلاق سراح رجالات الجماعة، فإنه أي حزب العدالة قد يحرز نتائج مرهونة بتدخل الدولة، التي قد تعمل وكما في الحالة التركية والمغربية وكما فعل مبارك مع الإخوان إلى وضع سقف محدد لنسب الفوز والمشاركة بحيث لا يفوز الحزب بأغلبية مطلقة تمنع استحواذه على مختلف السلطات التشريعية والتنفيذية، أقول هذا وفي حقيقة الأمر لا ندري هل في نية الإخوان معاودة اللعبة وانتهاج خط سير حزب المصباح التركي؟ أم أنهم على في معركة الفوز المطلق سائرون، وهي معركة قد يطول أمدها، فحرب الإخوان ليست ضد تيار أو قوى داخلية فقط، بل تشاركهم دول إقليمية وغربية ترى في الجماعة خطر يهدد مصالحها الإستراتيجية، رأينا كيف سارعت دول خليجية لدعم الحكومة المصرية بمليارات الدولارات وكيف هللت إسرائيل ومحللوها لانقلاب السيسي، علاوة على ذلك خوف المواطن المصري من تكرار تجربة ما بعد سقوط مبارك والأزمات الاقتصادية والأمنية التي عانت منها مصر إلى حد الآن يصعب من عمل الإخوان في عودة الشرعية كما يطالبون، ولعل من أسباب عدم خروج الشارع الجزائري ضد بوتفليقة ونظامه، ونجاح هذا الأخير في إخماد الاحتجاجات التي شهدتها الدولة بدايات الربيع العربي هو هاجس سنوات العنف الدموي لدى المواطن الجزائري في التسعينات من القرن الماضي.
التعليقات (7)
1 - الى\\الكاتب
ابن\\النيل - 2013-09-20 00:59:10
خريطة\\الطريق\\سوف\\تكمل\\باذن\\اللة\\لان\\التسرع\\لايفيد\\حتى\\لا\\تطلع\\علينا\\جماعة\\مثل\\الاخوان\\ويسرقون\\الثورة\\الثانية\\ثورة\\شعب\\كما\\فعلو\\فى\\الثورة\\الاولى\\ودمرو\\اقتصاد\\البلد\\هذا\\للعلم
2 - لا للإنقلاب
أحمد - مصر - 2013-09-20 12:35:56
التيارات الإسلامية في مصر ومعظم المواطنين العاديين ضد الإنقلاب النجس على الشرعية
3 - ” أخوان” شادر السمك
زياد العطار - 2013-09-20 18:05:41
لم تترك الجماعة لنفسها حليفا إلا غدرت به بنزعتها الاحتكارية الإقصائية، وتركيزها فى مشروعها الخاص وأجندتها الذاتية بعيدا عن أجندة الوطن، ولم تترك داعما حقيقيا لها إلا خذلته بأدائها، وأحرجته برعونتها، وحاصرته بمواقفها السلبية. خاصمت الجماعة المجتمع بكل أطرافه وقواه الفاعلة، وخاصمت الدولة بكل أجهزتها ومؤسساتها، ظنا منها أنها قادرة وحدها على مواجهة الجميع متسلحة بجهودها الذاتية وتحالفاتها التنظيمية مع ذراعها الفلسطينية فى قطاع غزة والتفاهمات الدولية مع واشنطن وتل أبيب. حذرت وحذر غيرى الجماعة من هذه النزعة، ذكرتهم فى هذه المساحة بفيلم “شادر السمك” فى أبريل 2012، وقبل أن يصل محمد مرسى للرئاسة،…بــــاقى المقال بالرابط التالى www.ouregypt.us و لا يفوتك مشاهدة فيديو مدته 3 دقائق بنهاية المقال تحت عنوان ” عصام العريان يدعو اليهود المصريين للعودة إلى مصر “ محمد بديع (المرشد الذى قاد جماعة الأخوان للهاوية) قــال : و لماذا لا نسمح للفلسطينين من غزة فى أقامة مخيمات للاجئين فى سيناء و هذا ما فعلته دول مثل سوريا و الأردن و لبنان؟ - و ده بالضبط هو مخطط التوطين الذى تريــــده إسرائيل للحل النهائى للقضية الفلسطينية على حساب مصر.
4 - شكرا على التفاعل
ماءالعينين - 2013-09-20 18:43:54
أخطاء الاخوان ليست كبررا لدعم الانقلاب الذي أجهض ليس فقط حكم الاخوان بل مكتسبات الثورة المصرية
5 - فضيحة
مصري - 2013-09-21 14:24:37
بعد فضيحة علاقة احدى قريبات عدلي منصور بشبكة دعارة يجب حرقة في ميدان عام
6 - ثورة 25 يناير أنتهت
زياد العطار - 2013-09-21 20:22:15
ما كتبته فى تعليقى ” أخوان” شادر السمك ليس دعما للأنقلاب و لكن لإيضاح حقيقة الأخوان و ثورة 25 يناير أنتهت و رجعنا للنقطة صفر مرة أخرى و الفضل أولا و أخيرا فى هذه النهاية لغباء و سؤ تصرف و خيانة الأخوان. و هم ليسوا أكثر من حزب سياسى يرفع شعارات دينية ليضحك بها على السذج و البسطاء.
7 - رد
ماءالعينين - 2013-09-21 22:24:20
باعتبار الثورة انتهت ما المفروض فعله