أيُّها الغُرابُ ؛ أعرْنِي منقارَكَ !
(رسائلُ الرَّجُلِ الَّذي ظنَّ بأنَّه يحيطُ بكلِّ شيءٍ .. تقريبًا)
غُرابٌ :
أيُّها الغُرابُ ؛
ألبِسْني ملامحَ وجهِكَ الباردِ ،
أعرْنِي منقارَكَ النَّافذَ هذا !
لا لا ؛ افعلْها أنتَ ..
افقأْ عينيَّ باتقانٍ !
شوْطٌ :
أيُّها المسيحُ ؛
اهبطْ من صليبِكَ الخشبيِّ و افعلْ شيئًا مؤثِّرًا ..
بمَعنى : رافقْني في هذا الشَّوطِ العسيرِ .. إنْ شئتَ !
شَرَفٌ :
أيُّها الجُنديُّ ؛
اقتنصْ كِسرةَ الخبزِ هذهِ ..
و اتركْ لي سلاحَكَ ..
اتركْ لي الشَّرفَ الذي ستذبحُني بهِ لاحقًا !
هَزيمةٌ :
أيُّها العَدَّاءُ ؛ أخبرْني :
كيفَ أضعتَ الشُّعلةَ ؟
كيفَ ضحَّيتَ بكلِّ ذاكَ الهُتافِ ؟
كيفَ تلْمعُ لحظةُ الخَسارةِ ؟
طمَعٌ :
أيَّتُها الشَّرِهةُ ؛
ألا يكفي الحُبُّ ؟
هل كانَ ضروريًّا أنْ ترتمي - بعدَ ليلتِنا الصَّاخبةِ - على سريرِكِ ..
[أعني بهِ السَّفينةَ ذاتَ الشَّراشفِ المُلوَّنةِ و العَاطرةِ]
فيلتهبُ سؤالٌ أزليٌّ مُلتبِسٌ : ممممممم ماذا بعدُ ؟
ثُمَّ ستحلُمينَ : بليلةِ الزِّفافِ الآتيةِ لا ريبَ ،
و بصورةٍ تجمعُنا مُبتسميْنِ للغيْبِ الشَّاحبِ ،
و بأسماءِ ذُريَّتِنا ،
بل بأسماءِ جِراءِ كلبتِنا التي لم نقتنِ بعدُ !
ألا يكفي الحُبُّ وحدَهُ ؛ كيْ يَنبتَ على شفتيْكِ تُوليبُ الرِّضا ؟
ألا تكفي حياةٌ واحدةٌ ؛ كيْ نعيشَ خلودَنا المُفترَضَ ..
دونَ قيامةٍ مُقلقةٍ ؟
بلادُ ما بينَ النَّاريْنِ :
أيُّها المُطوَّقُ بالحِرابِ و الرَّاياتِ السُّودِ ؛
انزعْ من روحيَ خنجرَ فراتِكَ المسمومَ بالحنينِ الهائلِ ..
أتركْ في جيبيَ الخاوي هَدأةَ المَنفى ..
و سأتقافزُ كالمُهرِّجِ لأرفِّهَ عنكَ ..
أعدُكَ بأنْ أفعلَ !
خِيانةٌ :
أيُّها الصَّديقُ المَالحُ ؛
صافحْني بحرارةِ من سيخونُني حينَ ألتفتُ ..
و دعني أهمسْ في أذُنِكَ الجافَّةِ من أثرِ الغفلةِ ..
دعني أهمسْ بعِبارةٍ مُريعةٍ : أنا أدري !
ثُمَّ ناولْني منديلَكَ المتَّسخَ ..
و ارحلْ مَخفورًا بالحالكيْنِ ؛
بالصَّمتِ و إنارةِ الغُرفةِ الكئيبةِ !
عَشيقةٌ :
أيَّتُها الشَّقيَّةُ ؛
حرِّري أزرارَ قميصِكِ الفاضحِ ،
أهمليني بفُحشٍ هناكَ ..
تمامًا ؛ عندَ الجهةِ اللاَّهبةِ ،
و سأصمدُ كالطَّلْعِ على نخلةٍ !
قصيدةٌ :
أيُّها الشَّاعرُ ؛
انسَ الكبرياءَ لمرَّةٍ واحدةٍ ..
و اكتبْ عن الخَجلِ الذي لا يعتريكَ أمامَ الدَّمِ ..
عن الجُثثِ مَعصوبةِ العينيْنِ على ضِفَّتيْ الرَّصيفِ ،
عن المقهورينَ إذْ يتدثَّرونَ بأعلامِ أوطانِهم بعدَ أنْ وسِعَتْهم أخيرًا ،
عن الآيةِ الكريمةِ [الشَّعبُ يُريدُ ...] ،
عن مُذيعي نشراتِ الأخبارِ الـ صِرنا نأْلفُهم .. مَثلاً !
أُحجيَّةٌ :
أيُّها الصيَّادُ ؛
غَنِّ .. تَهجعِ الغزالةُ ..
و ارقصْ .. ينتشِ الفخُّ !
ضَعفٌ :
أيُّها المُسنُّ ؛
اخلعْ وقارَكَ الأبيضَ ؛ الآنَ ..
قُلْ لأبنائِكَ – غيرِ المُكترثينَ سِوى بتَرِكَتِكَ المُتواضعةِ - حقيقةً أخيرةً :
كمْ أخشى الموتَ و العاقبةَ !
مشروعُ سعادةٍ :
أيَّتُها الرِّيحُ ؛
امنَحي العاجزَ حوافرَكِ ، و مِعطفَ الفَوْضى ..
علِّميهِ التناغمَ .. العودةَ إلى الخطأِ بسعادةٍ !
ثورةٌ I :
أيُّها الثَّائرُ ؛
عاليًا .. ارفعْ هاتفَكَ النَّقَّالَ - ذا الشَّاشةِ الملوَّنةِ - عندَ المُنعطفِ ..
و اقبضْ بيدِكَ الأُخرى على مكتوبٍ حميمٍ لحبيبةٍ تنتظرُكَ ..
فيما يواجهُكَ العَسسُ مُدجَّجينَ بأزيائِهم المُريبةِ و قلوبِهم الدَّاكنةِ !
ثورةٌ II :
أيَّتُها الثَّائرةُ ؛
بالحَنونِ الحَنونِ .. اغْوي وطنًا يتخلَّقُ ،
قُولي :
هييييه .. أنتَ يا وسيمُ ؛ كُنْ حبيبي ..
وليكُنِ الشَّارعُ - الملتوي بمكرٍ - سريرَنا .. و الأبدَ !
جُوعٌ :
أيُّها الغَريبُ الذي لا يعنيهِ جُوعُنا ؛
أرِني جُرحِي على خارِطتِكَ الآثاريَّةِ هذه ،
أرِني جارَتي و أبنائِها نصفَ العُراةِ !
رسالةٌ متعدِّدةُ الوسائطِ MMS :
أيُّها الرَّبُّ ؛
يا ذا الخُصلةِ الشَّيْباءِ المَهيبةِ ،
لو كففتَ عنَّا ورثتَكَ و وكلاءكَ ..
آهِ لو فعلتَ ..
لما خاطبتُكَ الآنَ !
سَعْد اليَاسِري
السويد
شباط - آذار | 2011
الموقع الشّخصيّ
التعليقات (0)