في شقة صغيرة في وسط العاصمة الألمانية برلين يعيش الفنان الكبير أيوب طارش عبسي مرميا ومهملا ويائساً من أي أمل يمكنه أن يجعله متفائلا بواقع وطنه البائس بالأصل .
أيوب طارش الذي يعاني مما شرحناه سابقا في كتابات عديدة تناولت وضعه الصحي السيئ وإهمال الجهات ذات الاختصاص بالشأن الثقافي له ولحالته الصحية اولاَ كفنان وهب حياته للوطن، وفناناَ غدر به المرض فأركنه إلى وطن غير أمين على مبدعيه ،وساسة لا يقدرون الحرف وشاعره وملحنه ومغنيه ..
إنني هنا أتناول الوضع الذي يعيشه أيوب في ألمانيا بعد أن وصلتني شكوى من احد الطلاب اليمنيين في برلين وهو الطالب في إحدى جامعات ألمانيا موفق المخلافي الذي تناول في رسالته معاناة مريرة يتجرعها أيوب طارش عبسي وزوجته المريضة أيضا وابنتهم المرافقة لهما في رحلة سميت بالمنحة الطبية التي منحها الرئيس علي عبدالله صالح وتكفل بها على حساب موازنة الدولة اليمنية والتي يعتبر طارش احد الرافدين لهذه الميزانية كما أن الدولة مَدينة بملايين الريالات لهذا الرجل المبدع ومع هذا لم تستطع هذه المنحة الرئاسية -إن صح التعبير - أن تعتق أيوب من مشقة السفر بل إن الكارثة ان ايوب يدفع كل مصاريف معيشته في ألمانيا من جيبه الخاص وبشهادة هذه الرسالة التي أتحمل مسؤوليتها كما يتحملها أيضا صديقي الجميل والرائع الإنسان والشاعر موفق المخلافي.
حرفيا انقل لكم هذه الرسالة التي اشعرتني كم أنا حقير في وطني، كم هي المواعيد سراب حتى وان كانت من أعلى رجل في سلاليم السلطة ..انهم يخدعون أيوب يا هؤلاء ، إنهم يرمون به في شقة استأجرتها السفارة ربما ليموت أيوب بداخلها في ألمانيا.
لم يجد أيوب في سفارتنا هناك أي رجل جميل يمكنه أن يفقأ عين هذا العبث الذي يعيشه سوى خمسة طلاب يمنيين يعشقون أيوب ويقدرون حجمه الأكبر من وطن والأكثر من وطنية . والى الرسالة التي منعتني مرارتها من تشذيبها أو حرفنتها بطريقة أو بأخرى:
"السلام عليكم أخي الحبيب .وبعد
لقد قرأت مقالتك الصادرة بتاريخ السبت 8 أغسطس-آب 2009عن أستاذنا الكبير وفنان اليمن الأول ايوب طارش عبسي بعنوان "حين يخذل أزلام السلطة أيوب طارش عبسي".
واني يا أخي لينتابني الحزن وانا أرى فنان اليمن مرميا في برلين مهملا من السفارة لا من يهتم به ولا هم يحزنون؟ وقد قمت معه بزيارة الطبيب كوني طالبا في ألمانيا متمكن من اللغة الألمانية وحاولت أن أقف بجانبه في ظل الازمة التي يعانيها استأذنا الكبير.
حين وصل إلى المنايا اخبروه في السفارة اليمنية انه ليس لديهم أوامر من فوق للاعتناء به والاهتمام به حيث وانه لم يأت وحيدا إلى ألمانيا وإنما بصحبة ابنته وزوجته. ووالله إني قبل يومين ركبت معه الباص وتنقلنا من باص إليى باص ونحن نحمل مقاضي البيت رغم شيخوخته ومرضه والسفارة اليمنية نائمة كل النوم. كما انه اخبرني بلسانه انه كان من المفروض أن تتحمل الدولة نفقات علاجه ولكنه الآن مرمي في احد أحياء برلين ويدفع كل شيء من جيبه الخاص فلا حول ولا قوة إلا بالله
1ـ أخذت له السفارة شقة صغيرة جدا بقيمه 1600 يورو شهريا للإيجار مع ان إيجارها لا يزيد عن 400 يورو شهريا.
2ـ لم تعتني به السفارة أي اعتناء إلا في اليوم الذي وصل فيه وبعد ذلك لاحظوا انه ليس من ورائه مصلحه فتخلوا عنه.
3ـ يوم العيد نقلت له الأكل إلى البيت بالباص، لم يهتم به احد من أفراد السفارة ولم يسأل عنه أي فرد.
4ـ لا يستطيع الدخول والخروج وحيدا لان برلين ليست صغيرة وثانيا كبره في السن وثالثا عدم معرفته باللغة الالمانية.
5ـ أهله طوال الوقت محبوسين في البيت لعدم امتلاكي سيارة خاصة وان خرجت معه فإننا نخرج بالباص.
وأضيف إلى ذلك انه قبل عده أسابيع أتى احد افراد قبائل سنحان إلى ألمانيا للبحث عن ولده الفاشل في الدراسى في ألمانيا فتكفلت السفارى بكل مصاريفه وما كان عليه إلا ان يوقع والسفارة تستلم الفواتير وتدفع.
في الأخير أخبركم أن مجموعة صغيرة من الطلاب اليمنيين الآن لا تتجاوز 5 أفراد هم من يهتموا بأمور الأستاذ أيوب طارش. وتقبل تحياتي".
هل قرأتم جيدا ، نعم هذا هو الواقع الذي يعيشه كل مبدعي الوطن ، لا شيء يمكنه أن يعيد البسمة إلى أيوب سوى الجماهير وحدها ..نعم بالتأكيد أقصد جماهير ايوب طارش في الوطن اليمني من أقصاه إلى أقصاه . لقد عقدت في مقالي السابق مقارنة عن معاناة ايوب من الأمرين المريرين وقلت حينها ماذا لو كان الأستاذ أيوب طارش عبسي من مدينة غير تعز، ماذا لو كان من سنحان وهي قبيلة الرئيس علي عبدالله صالح ، فعلا لو كان أيوب طارش كذلك لكان هو من يوقع على الشيكات ويستلم مبالغها في ألمانيا أو في أي دولة يذهب إليها ..فقط لأنه من معقل الرئيس -أو من مطلع- وليس من تعز المدينة المنكوبة ذات الدرجة الدنيا في نظر الحاكم اليمني.
المنحة الطبية خدعة ومطب رئاسي تجرعه أيوب وزوجته لوحدهما، هو لا يعلم جيدا من المستفيد من إجهاض حلمه بوطن يعتني أو سيعتني به وبزملائه المبدعين، خصوصا مبدعي الجيل الأول للثقافة اليمنية وللفن اليمني تحديدا وأيوب طارش ملحن النشيد الوطني لليمن واليمنيين احد مؤسسي جمالية هذا الفن .
أنهرُ الآن في كل وجه سيغيضه هذا النبأ الغير سار ، أستغيث بكل شريف وكل وطني أن يعمل على الضغط على الجهات المختصة في اليمن وألمانيا لاستخراج مستحقات أيوب طارش من جيوب النظام اليمني،حيث ان أيوب يذهب إلى الطبيب هناك ويدفع من جيبه.
وقد اخبرني موفق المخلافي وزملاؤه في المانيا أنهم قاموا بالاتصال إلى أهل ومعارف الاستاذ ايوب طارش في اليمن ليرسلوا له أموالا تمكن أيوب طارش من تجاوز محنته الصحية حيث وان الأطباء قد قرروا وضع مادة كروية لتمنع الاحتكاك في كتفه العليل...مرة أخرى لك الله يا أيوب.
التعليقات (0)