ملك الموت لايستأذن أحداً في قبض روحه ، بل وتغيب بحضوره فرص التأجيل ، أوالنظر في شتى القضايا ، والمواقف العالقة ، والتي سيُفصل في صحتها من عدمها في حياة أخرى .. وما بعد (نقطة العبور) تلك ، حسابات كثيرة ، ودقيقة بحجم (الذرة) ..
كل ذلك بحسب نظرتي للموت (وما بعده) كمسلم طبعا .. و بحسب قناعاتي الشخصية ، مع أن إختلافي عن الآخر في القناعات ، أو حتى في المعتقد ، لاينفي إتفاقنا حول حقيقة النهاية المحتومة للإنسان ، ورحيله عن هذا العالم ..
وموضوع المناقشة المطروح في هذا المقال يبدأ بسؤال ( بسيط) وهو : هل يفكرالمدون في مصيره الذي تحدده أشياء كثيرة ، سيتركها عالقة في دائرة [الألفاظ والأقاويل] المنسوبة إليه (دون الفصل في صحتها من خطئها) حتى بعد موته ؟ .. ومدونته الإلكترونية نموذجا ؟! ..
العديد من المنتديات والمواقع العربية ، تكتب الآية : (( .. وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد .. )) في إشارة واضحة إلى أن الكاتب على متصفحاتها يتحمل كامل [ المسؤولية ] عما يكتبه .. والإشارة من مصدر ديني ، لكنها ذات أبعاد إنسانية تتخطى المؤمن بالدين الإسلامي ، أوأي دين آخر ..
ورغم أن [الدين] يبقى هو نقطة الخلاف بين البشر ، إلا أن جوهر الأديان جميعا وعلى إختلافها ، وبإعتراف المؤمنين بها ، هو نيل رضى المعبود ، سواء أكان ثالوثا ، أو فأرا ، أو نارا ، أوبقرة ، أو .. أو .. وكل واحد منهم يكاد يجزم بأن ربه ذاك عادل ، ورحيم ، ولايظلم .. كما ينهاه عن ظلم ، أو شتم ، أو سب ، أو إهانة أخاه الإنسان ، حتى وإن كانا على النقيض ، ومن عقيدتين مختلفتين ..
يكتب المدون إذن كلمات تحسب له ، أو تحسب عليه في حياته.. أوحتى إذا فارق الحياة وتركها على صفحات الويب ، لأنها ستبقى عدّادا يحسب زيادة رصيد أعماله الخيّرة ، أو نقصانه .. طبعا مهما كانت عقيدته ، ومهما كان شكل إيمانه بالرب الذي سيحاسبه .. والحسرة إذا وجد أن الرب الحقيقي هو (ذاك) الذي (كان) يسبه ، ويهزأ ممن عبدوه ..!
لِمَ إذن لايعيد المدنون التفكير في مصيرهم – غدا – بتدويناتهم ، وبمدوناتهم ، ومواقعهم - لو داهمهم الموت بغتة - والتي سيرتادها الملايين – من بعدهم - وينهلون مما كتبوا فيها : من حق يتنعمون بمقتضاه ، أو باطل يتعذبون به ؟! ..
أظن الإجابة عن السؤال كانت بنفس السؤال ، لكنه ليس مجرد سؤال لأنه بلاغ لكل عاقل يبحث عن السعادة الأبدية ، بأن يتخذ الإجراءات اللازمة قبل فوات الأوان : إما بكتابة محتوى لن يندم عليه حين لاينفع الندم .. وإما بكتابة عناوين مواقعه ومدوناته ضمن وصيته ليقوم ذويه بحذفها بعد رحيله ... والخيار الأنسب هوأن يعيد مراجعة نفسه ، وفكره ، وكتاباته (بصفة دورية) ، ويبحث (بصدق) عن الحق ، وعن الصواب.
ــــــــــــــــــــــــ
التعليقات (0)