أيها المتأسلمون ...أين الإسلامُ فيما تخوضون؟؟
إنقسمت الساحة المصرية الى ثلاث اقسام وذلك بعد إنتخابات الرئاسة و حصول الرئيس محمد مرسى مرشح الاخوان المسلمين على الاغلبية , وهذه الاقسام الثلاثة هى مؤيدى الدولة الاسلامية ومؤيدى الدولة المدنية والقسم الثالث وهم الاغلبية الذين يقعون فى بين بين , فهم مسلمون ولكنهم لا يؤيدون الاسلاميين وأخطائهم وهم ايضا اصحاب مبدأ مدنية الدولة ولكنهم لا يؤيدون المعارضة وأخطائها , وهذا القسم هو رمانة الميزان وهو الاغلبية الكبيرة فى الشارع المصرى ... وحديثنا اليوم يتناول القسم الأول وهم مؤيدى الدولة الدينية , أو ما نطلق عليهم لقب الاسلاميين وهم جماعة الاخوان المسلمين الذين خرج من عبائتهم الرئيس محمد مرسى ومعهم بعض الاحزاب الدينية المرتبطة بفكر الاخوان مثل حزب الوسط , وهناك جماعة السلفيين والذينيمثلهم حزب النور السلفى وكذلك اتباع حازم ابو اسماعيل وبعض الاحزاب السلفية ومعهم ما يُطلق عليه الجماعة الاسلامية والتى خرج منها الاسلامبولى قاتل السادات فى بداية الثمانينات , وهؤلاء جميعا يجمعهم فكر الدولة الدينية , ويتلخص فكرهم حول مبدأ أن الاسلام دين ودولة وأن الاسلام جاء ليحقق الدولة الاسلامية الحاكمة بشرع الله وباحكام القرآن , وحجتهم فى ذلك قوية وكبيرة ومنها الآية القرآنية ( بسم الله الرحمن الرحيم "وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ" [المائدة:44]) , والى هؤلاء نقول:
1- إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمثل الزعامة الدينية ( رسولٌ من الله وخاتم الرسل والانبياء) وكان يمثل الزعامة السياسية الذى يرجع اليه المسلمون فى كل امورهم , وهو صلى الله عليه سلم كان لا يحكم برأيه فى الحالتين ففى كل ما يخص احكام الدين كان يتلقى الوحى الالهى ويخبر به المسلمين إما قرآنا يُتلى أو حديثا شريفاً يتكلم به الرسول ليوضح للمسلمين شؤن دينهم وهذا الحديث هو من عند الله حكما ومعنى ً, أى أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان المرجعية الدينية للمسلمين وهذه المرجعية كانت من الله عن طريق القرآن و الهاما له عن طريق الحديث الشريف والسنة النبوية , وكذلك كان فى الامور الدنيوية والسياسية لا يأخذ برأيه بل يعود لأهل الخبرة والدراية والتخصص لأنهم ادرى بشؤن دنياهم كما اخبرنا صلى الله عليه وسلم , واكبر مثل على هذا هو رجوعه صلى الله عليه وسلم عن رأيه فى غزوة بدر وإتخاذه رأى الخبراء والمتخصصين و وهكذا كان فى حياته صلى الله عليه وسلم , وحتى بعد وفاته وعند بيعة ابى بكر الصديق بالخلافة فإن أبا بكرٍ كان يلتزم برأى رسول الله فى الشؤن الدينية وكان يستشير صحابة رسول الله فى امورهم الدنيوية , وقد كانت فترة حكم ابى بكر الصديق قصيرة وذات خصوصية حيث جاء حكمه بعد رسول الله مباشرة , وعندما تولى امير المؤمينين عمر بن الخطاب امر الدولة الاسلامية , بدأ فى تشريع الحكم الاسلامى ففصل الدين عن الدولة , واعتبر نفسه اميرا للمؤمين لا يحكم فى الدين برأيه بل بالقرآن وبالسنة وبرأى الصحابة , حتى أنه منع الصحابة من السفر خارج المدينة لأنهم كانوا يمثلون له المرجعية الدينية بعد وفاة الرسول , وبخصوص امور الدولة الدنيوية والسياسية فكان يستعين بأهل الخبرة والتخصص فأنشأ الجيش وحدد له الرواتب وانشأ الدواوين مثل الوزارات هذه الايام وانشأ اركان الدولة السياسية , ويُعتبر عمر بن الخطاب مؤسسا فعليا للدولة الاسلامىية سياسيا وعسكريا , وهو اجتهادٌ يُحسب له ان شاء الله يوم القيامة , ونستنتج من هذه المقولة ان الدول الاسلامية كانت تدين بالاسلام وتُحكم بالسياسة وشتان بين الدين والسياسة , وكما قال عمر بن الخطاب عن اهل السياسة ( لستُ بالخِبِ ولكنَّ الخبَ لا يخدعُنى) أى انه ليس كأهل السياسة مكرا وخداعا وتلوينا ولكنه لا يخدعه المكر والتلوين , والخِبُ هنا هو السياسى الذى يحكمه السياسة ولا يحكمه الدين .
2- عندما بدأ الاسلاميون فى تولى الحكم بعد انتخاب الرئيس محمد مرسى بدأت معضلة الدين والدولة فمن جهة اراد الاخوان المسلمون ان يلتزموا احكام الدين وارادوا ان يتمسكوا بأركان الدولة والحكم , وكانت تلك اول الاخطاء فإما الدين وإما الدولة , فالجمع بينهما فى هذا الزمان وتحت تلك الظروف اوجدت نمطا جديدا علينا, نطلق عليه اسم المتأسلمون لأنهم ليسوا مسلمين ولكنهم يرتدون عباءة الاسلام شكلا وهم ايضا يتمسكون بالدولة واحكامها موضوعا وليس شكلا وتلك هى الازدواجية , فلا هم اصبحوا مسلمين حقا ولا هم نجحوا فى ادارة الدولة بل تسببوا فى انقسام الدولة بين مؤيد لهم ومعارض لهم , والحقيقة انهم قليلى الخبرة فى امور ادارة الدولة و ايضا قليلى الخبرة فى احكام فقه الضروريات والاولويات واجتهاد الائمة , وهوعلم يحتاجه اهل الحل فى البلاد ,ومن صور فشل التيار الاسلامى فى الحكم أنه لم يفهم ضرورة فصل الدين عن الدولة وان احكام الدين مقدسة واحكام الدولة لا تقديس لها بل يحكمها المنافع والمصالح وعلوم السياسة , وقد ظهر جليا لنا ازدواجبة المعايير عند الاخوان المسلمين فهم يحرمون الخمر والربا والفجور ولكنهم لا يمنعو الخمر ولا الربا والفجور لأن اقتصاد الدولة يرتبط ارتباطا كبيرا بهذه الامور , وهم كذلك ونتيجة هذه المعضلة يعلنون شيئا ويأتون اشياء اخرى كثيرة متضادة , وذلك لأن الاسلام دين وله احكامه والاسلام دولة ولها احكامها ومقتضاياتها , وهكذ واجه الاخوان كثيرا من الفشل نتيجة عدم الاعتراف بفصل الدين عن الدولة , و تتجلى اهم اسباب فشل الاخوان فى اداء الرئيس محمد مرسى والذى يتمسك بعباءة الاخوان إما عن عدم قدرة على ترك تلك العباءة نتيجة ضغوط مجلس الارشاد بزعامة المرشد ونائبه ورئيس حزب الحرية والعدالة ورجال الحزب وهم كثيرون أو نتيجة عدم قدرته على قيادة البلاد بمفرده وبدون مساندة الجماعة والحزب له , وهو موقف يُضعفه كثيرا خصوصا وهو يلاقى تيارا معارضا كبيرا وقويا , وقد تمثل ضعف اداء الرئيس فى تردده و تسرعه فى بعض القرارات ثم تراجعه عن هذه القرارات , وكذلك فشل مساعديه ومستشاريه الذين اختارهم بنفسه , مما اظهره بصورة الضيعف المتررد امام الشعب مؤيدين له ومعارضين له , وذلك طبعا لا يبخس الرئيس محمد مرسى استاذ الجامعة والدكتور المهندس صاحب الخبرة الطويلة فى الحياة الجامعية حقه وقدره وقيمته , ولكن ما يعيبه أنه لم يظهر امام الناس بصورة الاستاذ الجامعى المخضرم بل اصر على الظهور بصورة رجل الدين المعمم فكان اقرب ما يكون الى خطباء المساجد عن رؤساء الدول , رغم عدم ارتدائه للجُبة و العمامة .وفىى الختام فإننا نسألُ التيار الاسلامى بجميع أطيافه قائلين ( وأين الاسلام فيما تخوضون؟),
هل الاسلام هوالكذب وتلويين الحقائق للمصلحة ؟, هل الاسلام هو العنف والرد على العنف بالعنف؟ , هل الاسلام هو الجمود فى الفكر والتعصب الاعمى واتباع الهوى؟ , هل الاسلام هو حكم القطيع وخداع العامة من الناس واستغلال حاجتهم ؟ لا والله ,إنكم بهذا لستم اسلاميين بل انتم متأسلمين ترتدون عباءة الاسلام عن طمع ٍ للسلطة وخداع ٍأوعن جهلٍ وتعصبٍ واتباع ٍ...وشتان بين الاسلام والمتأسلمين !!!!!!!!!
والى مقالة اخرى نتوجه بها الى المعارضة وادعياء الدولة المدنية باسم ( أيها المعارضون...وأين مصرَ فيما تعارضون؟)......
التعليقات (0)