من نكد الدنيا أن نقرأ ما ألت إليه ثورة 17 فبراير بعد فرحة عمت قلوبنا الجريحة لوصولنا إلى تحقيق حلمنا الذي كنا نصبو إليه كل صباح لنجده سرابا وهو التخلص من عهد القذافي البغيض بيد شبابنا البواسل ومساعدة العالم . كل الناس حكاما وشعوبا ملوا تصرفات الطاغية ، الدول العربية أساء إليها وأهان حكامها علنا وعلى شاشات التلفزيون ووصفهم بالبلاهة والعمالة وهم يضحكون وشر البلية ما يضحك . والدول الغربية عادته وصاحبته واستقبلته وخالف الاحكام والمواثيق فسمحوا له نصب خيمته في كل عاصمة يزورها مصحوبا بحارسات فاتنات يختال بينهم بملابس اقرب إلى ملايس النساء منها إلى ملابس الرجال . ونصبت خيمته في مدينة باريس رمز الحضارة الغربية وقلبها النابض قصر الأليزيه . وجعل الدول الغربية مهزلة وأضحك العالم عليها . ولهذا لم يكن غريبا أن يرحب العالم بثورة 17 فبراير ويقف معها منذ بدايتها ويعترف بها بدون مساع أو واسطة . لقد وجد العرب الفرصة لأانتقام فهبوا في مجلس الجامعة العربية مطالبين مجلس الأمن بالتدخل ووقف عدوان الطاغية على شعبه . ووجدت الدول الغربية الفرصة لأسترداد مكانتها وسمعتها التي وضعها الطاغية في الحضيض ، فسارعت ألى تقديم قرارألى مجلس الأمن حسب البند السابع من الميثاق يطالب بأستخدام كل الوسائل الممكنة لوقف عدوان المجرم القذافي على شعبه ، وهذا معناه بلغة الامم المتحدة إستعمال القوة المفرطة لفرض القرار . وحتى روسيا والصين التي لها مصالح كبيرة معه وقفت على الحياد وهي تعرف ما يعنيه القرار ووقوفها على الحياد قي لغة مجلس الامن معناه الموافقة الضمنية . والأفارقة الذين أطعمهم من جوع وأنعش ارصدة حكامهم في البنوك وافق ممتلوهم في مجلس الأمن على القرار . وهي غير أسفة على التخلص منه فلقد سأمت تدخلاته وفرض زعامته و أفكاره على الأتحاد الأفريقي . ولم تكن كل هذه المساندة الدولية حبا في عيوننا أو عطفا على قضيتنا بقدر ما كانت تحقبقا لمأربهم الخاصة في التخلص من رئيس دولة سأمه العالم وأقلق راحته . بل لم يكن كل هذا طمعا في مالنا فقد أعطاهم الطاغية كلهم ما أرادوا . وهكذا ترك الزمام للشباب الليبي للأنقضاض علية . ورغم جنونه وإستعمال كتائبة الحديدية المعدة لمثل هذا الحدث إلا أن شبابنا الليبي الطاهرلاحقه من مدينة إلى مدينة ومن زنقة الى زنقة وأضطره إلى الهرب والاختفاء في بالوعة مياه تحت الطريق العامة مما ساعد على القبض عليه والتنكيل به أمام شاشات التلفزيون في العالم أجمع , مما بعث الترحيب والتاييد لثورة 17 فيراير وتأييد المجلس الأنتقالي الذي إرتضاه الثوار لقيادتهم في مرحلة الصراع مع طاغية كل العصور .
في هذا الجو هلل الشعب الليبي وكبر وتوجهت الأنظار إلى المجلس الانتقالي والمجلس التنفيذي الذين فوضهما الثوار بدون حتى ان يعرفوا من هم ، فهم في نظر شباب الثورة مواطنين من هذا الشعب الذي تحرربتصميمه وعزمه وسط ترحيب العالم ومساندته . وإنهم سيحققون مطالب الشعب وحقه في الحرية والحياة الديمقراطية السليمة والرفاهية ، خاصة إن الأمكانيات متوفرة والعالم مجمع على التأييد والمساندة . ولكن سرعان ما أكتشف الثوار ومن ورائهم الشعب أن هؤلاء الذين تطوعوا لخدمتهم في المجلس الأنتقالي والحكومة المؤقتة يحملون بذور عقلية معلمهم الكبير القذافي وإبنه سيف في التسويف والتهميش والاستغلال .
ومضت الشهور وبدأت السنوات والبلاد تسير من سئ إلى أسوا ، لا الأمن تحقق ، ولا الأستقرار توطد، ولا أزلام القذ افي وضعوا في السجون أوقدموا إلى المحاكم لينالوا العقاب الذي يستحقوه . بل تركوا طلقاء يتلاعبون بأموال الشعب التي جمعوها بغير وجه حق ، بل وجدوا المساندة من زملائهم السابقين الذين هم الأن في حكومة الثوار ومجالسهم . ولم نعد نسمع سوى زيارات رسمية ومباحثات وإرتباطات دولية وعقود مالية وتجارية ووعود مستقبلية ، حاول العقلاء وقفها حتى تتم عملية إقامة الدولة الدستورية بأنتخاب المؤتمر الوطني والبرلمان . وكل يوم نفاجأ بتصريحات متضاربة ومن أشخاص غير مفوضين وقرارات وقوانين ترسم في ليل من غير إعداد ومناقشات مفتوحة للجميع . وكل ما كتب ونشر وأديع وضع في سلة المهملات . تغاضى المجلس الأنتقالي والحكومة المؤقتة عن أهم مجال لترسيخ الثورة وهو النظام والأمن وإنشاء الجيش وقوات الأمن قبل أي شئ أخر والذي كان يجب أن يتحقق في الشهر الأول بعد التحرير .. ففي هذه الفترة لا صوت يعلو على صوت النظام والأمن . ورغم ما كتب ونصائح العقلاء لم يأخذ المجلس الانتقالي أية خطوة لأنقاذ الموقف ، بل أصبح الوضع أسوا مما كان عليه في الأيام الأو لى للثورة . وأعتقد إنه لم يعد في الأمكان تحقيق أحلام الثوار على الأيادي الموجودة اليوم في المجلس الأنتقالي والحكومة المؤقتة . إن إجراء الأنتخابات للمؤتمر الوطني يحتاح إلى إستقرار الأمن وإصدار قانون للاحزاب وإقامة نظام إدارة سليم وتعيين محافظين كرؤساء محافظات وحكماداريين أمن وجهاز إداري سليم في كل مدن وقرى ليبيا قبل الأنتخابات ، ودعوة جميع هيئات حقوق الأنسان والأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي والصحافة العالمية ويمكن دعوة المستر كارتر الذي أصبح رمزا لحرية الأنتخابات في العالم الثالت ، والمنظمات المختصة والدول التي ترغب في المشاركة في عملية الأشراف على الأنتخابات حسب رغبات الشعب والعالم . إن عدم تحقيق كل هذ المطالب في شهري مارس وأبريل معناه عدم إجراء أية إنتخابات قريبا ونشوب فوضى وحروب أهلية . واعتقد أن الشعب مطالب اليوم للوقوف يدا واحدة وعقد مؤتمرات في كل مدينة لأختيار أو تعديل المجالس المحلية الحالية وبعد ذلك يجتمع الأعضاء المختارين في المجالس المحلية في مؤتمر وطني لأختيار أو تعديل المجلس الأنتقالي والحكومة المؤقتة الحاليين . ودعوة كل الثوار في كل أنحاء ليبيا وإتحاد مليشياتهم وكتائبهم لوضع أنفسهم كقوة متحدة مؤقتة منظمة تحت تصرف الداخلية والدفاع . وقيام كتائب الثوار الرسمية بفرض كل هذا بالقوة على كل من يرفض من الثوار الأنضمام إلى إتحاد الثوار وقبول سلطاته او الأنضمام إلى وزارتي الدفاع والداخلية او رفض مقررات ما تجمع عليه المجالس المحلية والمجلس الانتقالي والحكومة المؤقتة . وأري أن نطلب من الدول الصديقة (غير الشقيقة ) تدريب قوات الجيش والأمن والمشاركة بمدربيها وخبرائها ضمن هذه القوات إذا إسدعت الحاجة إليهم . والعمل فورا على تنفيذ جميع القرارات والقوانبن التنظيمية لأجراء الأنتخابات السليمة في مواعيدها المحددة. إن الثوار في جميع مراحل التاريخ وفي كل الدول الثورية لم يسلموا أمرهم لحكومات أو مجالس لا تعمل تحت أمرتهم ، أو يطلبون من الشعب التصالح لتنظيم أنفسهم واقامة حكوماتهم من تلقاء أنفسهم ، دون فرض إرادة الدولة والنظام العام بالقوة حتى يتمكن الشعب من إقامة هيئاته الدستورية وإكتمال وسائل أمنه وسيادته . والثوار الليبيين مطالبون اليوم بتولي هذه المهمة وتكملة مشوار ثورتهم وفرض أرادتهم على كل من يحاول تمثيلهم والتكلم بأسمهم ويرأسهم لتنفيذ مطامعه الشخصية على حساب المصلحة العامة .الوطن للجميع وليس لفرد أو منطقة أو مدينة أو طبقة أو مجموعة معينة . وأعلموا إن كثيرون يطمحون في تزعمكم وخداعكم وبستعملون كل وسائل التحايل والوعود لتأيدوهم حتى يحققوا مأربهم . وعلى الثوار أن يسألوا أنفسهم لماذا قاموا بالثورة على القذافي ، هل من أجل تغييره بحاكم أخر؟ أو من أجل تحقيق الحريات والديمقراطية والرفاهية لكل الشعب الليبي . إن إختيار الزعامات يجب أن يكون في الأنتخابات النيابية العامة لضمان تأييد أغلبية الشعب لها .والأنتخابات تفويض مؤقت محدد بأربع سنوات أو أقل حتى يكون من يمثلكم خاضع لخدمتكم وإرادتكم وليس لطاعته وتنفبذ رغباته وطلباته . إني أدعوا الثوار باخلاص إلى قراءة ما كتبته أعلاه . إني في أرذل العمر ولا أريد جزءا ولا شكورا لا مالا ولا منصبا ولا جاها والله على ما أقول شهيد . إني إنتظرت 42 عاما لقيام ثورة 17 فيراير وأدعو الله أن أرى بلادي الحبيبة ليبيا دولة حرة ديمقراطية ينعم شعبها بالرفاهية والعزة إذا كان في العمر بقية .والأعمار بيد الله.
التعليقات (0)