رغم تصويت المغاربة على الدستور الجديد و رغم إقراره من جانب المجلس الدستوري للمملكة مما يعني دخوله حيز التنفيذ لم تحرك الدولة المغربية ساكنا لتفعيل مضامينه و مقتضياته خاصة في شق الامازيغية الذي يهمنا في هذا المقام.
متى يا ترى سينعم المغاربة بترسيم لغتهم الامازيغية؟لا شك أن مسألة التدرج في إدماج الامازيغية في شتى مناحي الحياة مسألة تكاد تكون مفروغا منها،إلا أن الإحجام عن أي خطوة إلى الأمام يستحق التوجس و التخوف من حقيقة النوايا خاصة إذا ما تتبعنا مسار الترسيم و الجهود المبذولة و الكثيفة من جانب القوى الرجعية لإجهاض هذا المشروع المجتمعي و الحقوقي الطموح.إن الإعلام والتعليم هما البوابتان الأساسيتان لفتح صفحة جديدة في العلاقة بين الدولة المغربية و الامازيغية وها هي الدولة المغربية تلتزم الصمت القاتل و غير البريء.
فالدولة المغربية لم تحرك ساكنا مع الموسم الدراسي الجديد لتحسين تدريس الامازيغية - إن كانت تدرس أصلا – حيث لا تزال الاجتهادات الشخصية و التخريجات النزوية عنوان التعامل مع الامازيغية، من الرفض البات إلى التدريس الصوري المرتجل إلى تعبئة الأوراق و لغة الأرقام المغلوطة،حالات يسهل الوقوف عليها بزيارة ميدانية إلى مؤسساتنا التربوية حيث التملص من المسؤولية كل حسب ذرائع و حجج باطلة.
ليس الشق الإعلامي أحسن حالا من نظيره التربوي حيث لا وجود لمنابر إعلامية أمازيغية تنافس "الإعلام الامازيغي الرسمي" الذي يعاني الأمرين ،فلا تغطية كاملة للوطن من أجهزة الدفع المهترئة ,ولا تواصل مع المواطن المغربي ولا لغة إعلامية تحترم مشاعر المغاربة و لا اهتمام بهموم المواطن و مشاكله و لا كفاءة في أهل الدار نتيجة التوظيفات المشبوهة أو ما يعرف ب "تحت الدف" و التدخلات المقيتة في العملية.انه ليحز في النفس ألا نجد و لو جريدة أو مجلة أو أي صحيفة أمازيغية تدعمها حكومتنا الموقرة،نأسف للنظرة الدونية التي ينظر بها مسؤولونا إلى ثقافتنا و لغتنا و ندين و بكل قوة تلكؤ بعض الجهات في تنفيذ مذكرات و مراسيم رسمية خطتها أياديهم و ذات صلة بالامازيغية.
إن خطوة كتعميم توظيف اللغة الامازيغية و حرفها العريق "تيفيناغ"في واجهات المؤسسات العمومية إلى جانب المكاتب و الشركات و علامات التشوير و غيرها لن تكلف الدولة المغربية أكثر من إرادة حقة في صنع التغيير و تكسير الحاجز النفسي المرضي الذي لا يزال سائدا لدى الكثيرين من المسؤولين.إنها عملية رمزية لكنها ذات أبعاد كبيرة ستمكن لا محالة من انفتاح المواطن المغربي على لغة أجداده و يتصالح مع ذاته و تاريخه.
لقد آن الأوان أن تعبر الدولة المغربية عن حسن نواياها و جديتها في ترسيم الامازيغية.إن الأمر لا يتطلب تكوينا و لا ميزانيات و لا عدة تكوينية بل قرارا سياسيا سيجعل منا أناس عمليين نؤمن بالتغيير و نسهم في صنعه. صحيح أننا لن نختلف في أن تكوين الأطباء و القضاة و المحاماة و القواد و العمال و المدراء و غيرهم من أطر أجهزة المؤسسات العمومية في اللغة الامازيغية يحتاج إلى وقت و مجهود جبار،لكن تدشين هذا المشروع المجتمعي الضخم خطوة آنية و عاجلة يتعين على الدولة المغربية القيام بها في أقرب الآجال دون أي تأخير.
سنعود إلى العنوان/السؤال:أين وصل ترسيم الامازيغية؟ لنجيب أنفسنا بكل أسف و تحسر أن الامازيغية تراوح مكانها و لم يزدها الترسيم في الدستور الجديد أي شيء بتاتا،فأمازيغية ما قبل الدستور في الإعلام و التعليم لم تتغير في شيء،و السلوكات الرسمية هي هي.لنهمس في أذن الجميع و المسؤولين خاصة أن مسافة الألف ميل تبدأ بخطوة،فهلا خطوتم تلك الخطوة !!!
التعليقات (0)