لم يتبقى في ملف المصالحة الفلسطينية سوى الملف الأمني، ويتم بعدها انجاز ورقة التفاهمات الفلسطينية، ويذهب الجميع إلى القاهرة للتوقيع على ورقة المصالحة الفلسطينية، ومن ثم تعود الوفود إلى الأراضي الفلسطينية للعمل على وضع الآليات العملية لتنفيذ الورقة المصرية على أرض الواقع، وكذلك ملاحظات حركة المقاومة الإسلامية حماس، باستثناء كلاً من الرئيس محمود عباس، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، حيث سيستقلان طائرة تقلهم من القاهرة إلى مدينة سرت الليبية ليشاركان في أعمال القمة العربية الاستثنائية، والتي سوف تستمع إلى ما آلت إليه الأمور في ملف المفاوضات المباشرة، وتحدد الموقف العربي المشترك بعد فشل خيار المفاوضات مع حكومة اليمين المتطرف بزعامة بنيامين نتانياهو في إسرائيل، ولكن هذا سيصطدم في حائط الزمن، فلا يمكن انجاز ذلك قبل القمة العربية الاستثنائية المقرر عقدها يوم 9/10/2010م، ولكن إن صدقت النوايا فمن الممكن أن يذهب الطرفين موحدين أمام القادة العرب، وبعدها يتم استكمال ورقة التفاهمات والتي ستؤدي بالتأكيد إلى التوقيع على وثيقة المصالحة في القاهرة.
إن الملف الأمني هو من الملفات الشائكة، وفي ظل المعطيات الحالية، وكنتيجة حتمية لسيطرة حركة حماس العسكرية على قطاع غزة، فمن المؤكد أن تبقى الحركة الإسلامية تملك زمام الأمور الأمنية في القطاع، وهذا ينطبق على الضفة الغربية، فحركة فتح ستبقى تسيطر سيطرة مطلقة على الجهاز الأمني والشرطي الفلسطيني فيها، في تجسيد حقيقي للنظام الفيدرالي، حيث سيتم وفقاً لورقة المصالحة المصرية تشكيل حكومة وحدة وطنية، تكون بمثابة الحكومة المركزية في النظام السياسي الفدرالي، وستنوط بها مهام سياسية واقتصادية وإستراتيجية، وهذا سيعطي الرئيس محمود عباس قوة تفاوضية مع العالم الخارجي، وتعطي الانقسام السياسي شرعية دستورية وسياسية ولمحة جمالية، بحيث يبقى الحال في الضفة الغربية وقطاع غزة على ما هو عليه الآن، وكأن الوحدة الوطنية عادت من جديد، وهذا قد يكون أفضل الحلول السياسية الممكنة في تلك المراحل السياسية الهامة التي تمر بها القضية الفلسطينية، بحيث تسحب مبررات إسرائيل بعدم سيطرة الرئيس محمود عباس على قطاع غزة، وكذلك تعطي حماس شرعية سياسية دولية كانت مرهونة بزوال الانقسام، وبهذا السيناريو يكون قطبي الحركة الوطنية الفلسطينية، فتح وحماس، قد نجحا في تحقيق اختراق سياسي في حالة الجمود التي تحيط بملف المصالحة، وقد تكون تلك الخطوة في الاتجاه الصحيح نحو إعادة النظر في بنية النظام السياسي الفلسطيني الحالي، والعمل الجاد والمشترك على بناء نظام سياسي فلسطيني يقوم على أساس التعددية والمشاركة السياسية والتبادل السلمي للسلطة، ويحترم الديمقراطية ممارسة وسلوك، وهذا يتطلب أيضاً إعادة النظر في مواد الدستور، والاستفادة من المرحلة السابقة، والتي عجز الدستور الفلسطيني حسم الخلافات السياسية بين المؤسساتية السياسية الفلسطينية.
أعتقد أن المصالحة الفلسطينية هي اليوم في مرحلة متقدمة، فالسيد الرئيس محمود عباس يرغب في الذهاب إلى قمة سرت ومعه خالد مشعل، حتى ينتزع موقفاً عربياً موحداً يخدم المصالح العليا للشعب الفلسطيني ولقضيته الوطنية.
Hossam555@hotmail.com
التعليقات (0)