الى السيد رئيس تحرير جريدة الصباح
شارع 07/11 المنزه – تونس
صفحة المنتدى
أين هو المدرس في هذه الثورة ؟
في هذه الثورة ثورة التي أصر على تسميتها ثورة الكرامة كما كتبت سابقا في جريدة الشرق الأوسط في ركن بريد القراء وليست ثورة الياسمين كما رغب الغرب تسميتها وحاول تبسيطها وتمريرها للرأي العالمي بأنها ثورة جياع اختلط الحابل بالنابل وتعالت الأصوات كلها تنادي نداء واحد لا للظلم والقهر جامعين ملخص الظلم في شخص رئيس الدولة السابق زين العابدين بن علي وزوجته وإتباعهما ولكن في طي ذلك وعند كل شخص نزل للشارع للهتاف بإيقاف الظلم صورة عن مظلمة محددة حصلت له من شخص ما في هذه الدولة وليس بالضرورة أن يكون قريبا من الرئيس بل الظالمون اخذوا أشكالا متنوعة وهو المستوى الثاني والثالث من الظالمين وهم خدمة النظام ومشرعيه الذين كانوا آلة في الإدارة خدمة للرئيس وخدمة لمصالحهم ، فهم إن لم يطيعوا الأوامر يطيروا من مناصبهم وبحكم الاجتهاد أصبح المسؤول يخدم سيده ويخدم نفسه لان القانون لا يمنع في ذلك الوقت لذلك فان المحتجين أيام الثورة كانت همومهم مشتركة ومظالمهم متعددة ولكن بعد تغير النظام سمعنا كل الأصوات تتحدث بحرية عن مشاغلها وعن نوع القهر الذي كان مسلطا عليهم إلا المدرس في الابتدائي آو بالثانوي فإننا لم نسمع له صوت وان سمعنا من حين لآخر فهو صوت مبهم محجوب وراء نداء مبهم أيضا من نقابة التعليم الأساسي أو التعليم الثانوي ينادي بضرورة مواصلة الكفاح من اجل العدالة ولكن لا وجود لنداء خاص بالقطاع ولا نداء بالمظالم التي يتعرض لها المدرس من وزارة التربية إلى اليوم ولا صوت واحد تجرأ لفضح ممارسات مسؤولي وزارة التربية في نقل المدرسين أو الإيقاع بهم وقهرهم عن طريق التفقد والتآمر عليهم قهر ادخل العديد في متاهات الأمراض المزمنة النفسية أو البدنية قهر جعل العائلات مشردة والأسر مشتتة قهر ألزم العديد أن يغير أسلوب حياته قهر جعل المسؤول في وزارة التربية يشعر بأنه الرب قادر على فعل كل شيء وكل أمر مباح له ذلك أن المدرس يتعرض إلى القهر النفسي على عدة مستويات فبداية فهو تحت رقابة عون المؤسسة التربوية الحارس أو غيره لان ولاء هؤلاء مطلق لمدير المؤسسة التربوية حتى يتحصل على منحة كاملة ثم يأتي دور المدير ويساعده أيضا بعض المدرسين المتواطئين مع المدير في أمور عدة منها تقاسم أموال دروس التدارك وتقاسم بيع الامتحانات وتقاسم النسب في الدروس الخصوصية التي لا يعلنوا عنها حتى يبقى السوق رائجا ومربحا وبعد المدير نجد المدرس يخضع لرقابة بيداغوجية من المساعد البيداغوجي ثم المتفقد ثم بعد ذلك تأتي الرقابة الجهوية وهي الإدارة التي هي تكوّن ملف المدرس وتعطيه صبغته النهائية إما متعاونا ومتفهما لمنطق الإدارة أو رافضا ويا ويل من يبدي رفضه لقرار رئيسه المباشر الجهوي فهو الخارج عن القانون ويواجه بفقرات جاهزة من الدروس الأخلاقية التي افتقر لها هذا المدرس الذي يرفض قرار الإدارة في خصم أيام عمل دون حق أو نقلة تعسفية دون موجب أو إعطاء الحق لغير صاحبه أو افتكاك مكان شاغر لمدرس يستحقه إلى آخر لا تتوفر فيه شروط التعيين ولكنه من المقربين فإما ابنا للمسؤول أو للوالي أو للمعتمد أو جار المندوب أو أمه( حنانة )زوجة المندوب وهكذا تسير الأمور بأوامر واضحة من الوزارة أو بقرارات من المديرين الجهوين وكل طرف يأخذ نصيبه من القرار . هذه هي الإجابة عن السؤال لماذا لا نسمع أصوات المدرسين إلى اليوم لكشف المستور بوزارة التربية ؟الجواب واضح لأنه إلى اليوم الوزارة تتعاطى في دراسة ملفاتها بشكل غامض وبشكل النظام القديم واغلبهم أي المسؤولين يقومون اليوم بتنظيف بعض الوضعيات الصارخة وبتمويه عمليات الظلم التي وقعت ويقومون بحجب المعطيات الصحيحة على الوزير فالي اليوم الإدارات الجهوية تتعامل مع الإدارة المركزية ورموزها القديمة لتغييب الواقع وعدم ترك الفرصة للوزير بان يتعمق في الملفات الخصوصية إضافة إلى ذلك فان المدرس يتلذذ الأسلوب القديم ويستحسن الحلول الفردية ولم يصارح نفسه بحقيقة واقعه .إلى اليوم المدرس يبحث عن واسطة لقضاء شانه في الإدارة الجهوية دون اللجوء إلى الخطاب النزيه والصريح الذي هو القانون في والحق في النقلة أو في الترقية .المدرس يمارس الرقابة الذاتية على نفسه دون الحاجة إلى توجيهه فقد تعود القمع والقهر على مدى عقود وتعود التقرب والتودد إلى المسؤول بإعداد وجبة معتبرة للمفقد أو بتقديم خدمات مجانية للمسؤول مقابل أن يساعده في نقلة أو في غياب أو في القيام بدروس خصوصية مخالفا للقانون . اليوم الوزارة تسعى لتغييب الرأي العام وقمع المدرس من البوح بأسرار ومعاملات تعرض إليها من قبل مسؤولين بارزين مركزيين أو جهويين بالضغط عليه أو بدعوى إننا اليوم أمام ملفات أكثر أهمية وهي انتداب أصحاب الشهادات ومقاومة البطالة أساليب معتمدة قديمة لطالما ما اتبعها النظام القديم لتضليل المواطن وجعله يحس بالذنب لأمر لم يقترفه ولكن هذا الوضع لا يبرر صمت المدرس هذا المدرس الذي من المفروض أن يعمل في المستقبل على تحرير أطفالنا من عهد العبودية ومن عهد الولاء فهل المدرس الذي لم يتحرر هو من قيوده ومن ولائه التام لمسؤول محدد هل هو قادر على تحرير فكر التلميذ من التبعية ؟عندما يجرا المدرس على كشف المستور وفضح ممارسات مسؤولي وزارة التربية كل في اختصاصه ولا نغفل عن إدارة التنشيط الثقافي ومساهمتها الفاشلة في تكوين ناشئتنا ولا ننسى المعاهدات والمناقصات العبثية التي تسعى فئة حذقت كيفية التلاعب بأموال الدولة والمواطن .الأمر مهم جدا والموضوع يستحق الدراسة والغوص في تفاصيل النقل خاصة مهم جدا حتى يتجرد المدرس من أنانيته ويكون موضوعيا وان يقبل الواقع وان يبتعد عن الحلول الفردية وان يسال نفسه إن كان يقبل بنقلة لا يستحقها بل هي على ذمة مدرس آخر له الأولوية في الحصول عليها وهل يتجرد المدرس من ولائه للوزير أو للمندوب وهل يغلب المصلحة العامة على الخاصة وهل يقبل بان يكون نزيها في علاقته بالتلميذ الذي يقدم له دروسا خصوصية أم انه يبجله على زميله الذي لا يجد مالا ليدفعه له مقابل درس خصوصي أم إننا سنعود لنسمع تلاميذ تعرضوا إلى الإقصاء والى الاهانة والى تنقيص في العدد المستحق لمجرد انه لا يقبل الدروس الخصوصية لقلة المال أو لعدم الرغبة في ذلك ؟هل سنسمع أصوات المدرسين في المستقبل كاشفين عيوبا ساهمت في تدني مستوى تلاميذنا وهل سيتجرد المدرس من أنانيته وان يكون موضوعيا في راية وفي حكمه حتى نرتقي بمستوى مدرستنا اليوم أم إن البرامج التي كانت مسلطة ومسقطة والتي ساهمت في تدهور المستوى الأخلاقي للتلميذ التونسي مما يفسر اللجوء إلى العنف في اغلب الأحيان لفض مشاكل قائمة بين المدرس والتلميذ أو بين المدرس والولي ؟هل سيرتقي المدرس ويتحرر من قيوده الذاتية ليصارح المجتمع بأنه كان طرفا فاعلا في تضليل المواطن عبر التلميذ الذي يدرسه ؟أليس الصمت والتلذذ بعلاقات شخصية تخدم مصلحة زيد على عمر وتسرق حق بكر على حق خالد أليس هذا خيانة للوطن في نهايته ؟أليس التحرر للمدرس هو الأساس لتحرير أبنائنا من قيود التبعية ؟ هذه بعض أسباب عدم سماع أصوات المدرسين في أعقاب ثورة الكرامة ثورة نادت باسترجاع كرامة الإنسان في كل الميادين ولكن لم نرى دعوة واحدة من المدرسين تنادي باسترجاعها رغم أن العبودية والقهر كانا أهم عامل يحكم المدرس ويا ويل من يعبر عن رأي مخالف للمسؤول او يتقدم بشكوى ضد رئيسه من اجل مظلمة حصلت فان نقلة أو طرد ينتظره مع تشويه لسمعته بين زملائه .
نابل / تونس في 03 فيفري 2011
سامي بلحاج كاتب صحفي
للتواصل 97348802
Belhaj.samy@gmail.com
التعليقات (0)