أين شيوخ السياسة الليبيين
الثورتان في مصر وتونس إعتمدتا على شيوخ السياسة لوضع قطار الثورة على السكة الحديدية لينطلق بأيدي الشباب في الطريق الصحيح . إن دور الساسة مثل السيد الباجي قائد السبسي وغيره في تونس والدكتور كمال الجنزوري وغيره في مصر وهم فوق السنة الخامسة والثمانين من العمر كان هاما في نشر الاستقراروالأمن والسير بالثورتين التونسية والمصرية إلى النجاح وتسليم السلطة إلى جيل الأبناء. وفي ليبيا تناسى الأبناء دور الأباء وقدرتهم على مواجهة الواقع السياسي المضطرب الذي تعيشه ليبيا بحكمة وتصميم وقوة عرفت عنهم ، فالشيوخ أقدر على مواجهة الأخطار ولا يطمعون في المال والجاه ولا يخافون التهديد أو الموت أو الأنتقاد وليس لهم مستقبل يطمعون فيه للمناصب والثروة ، لهذا فان جهودهم ستقتصر على إستقرار ليبيا وأمنها وإعدا د الأبناء العلماء والأخصائيين للعمل السياسي لأتمام عمليةالأعمار والبناء لأظهار وجه ليبيا المضئ . لقد عجز جيل الأبناء من الساسة الليبيين رغم مؤهلاتهم العلمية العالية في نجاح ثورة 17 فبراير وفي تحقيق أحلام الشباب وأمال الشعب الليبي بسبب خلافاتهم على المناصب والسلطة والثروة من أجل المصالح الشخصية والمال والجاه . لقد لعب الأباء في العهد الملكي دورا بناء رغم فقرالبلاد وحاجتها إلى المال والتعليم ونجحوا في إقامة دولة من العدم أصبحت مثالا يقتدى به في الدول النامية والدول العربية والأفربقية التي تلت ليبيا في تحقيق إستقلالها من الأستعمار الغربي . ثم جاء عهد الطاغية فأبعدهم عن دورهم القيادي وأتى بحثالة المجتمع لقيادة البلاد وإفسادها ليحتكر الحكم له ولأولاده . وقد بقى هؤلاء شيوخ الساسة القدامى في عزلة بعيدين عن المشاركة في بناء الوطن الذي شيدوه من العدم حتى إنتقل أكثرهم إ لى رحمة الله . وما زال بعض من مد الله في أعامرهم يتمتع بالصحة والصفاء الفكري قادرا على إبداء الرأي وقيادة مسيرة ليبيا الحديثة . ولكن يظهر إن أنانية الأبناء جعلتهم يتناسون دور الأباء. أعتقد أن بعض شيوخنا الأفاضل أطال الله في أعمارهم أمثال الدكتور على إعتيقة والدكتور قدري الأطرش والسادة عبد المولى لنقي وعلي حسنين وأنور ساسي ومعتوق أدم وأحمد صويدق ورجب الماجري وسعد الدين بو شويرب ومبروك العجيل وإبراهيم الهنقاري وشيخ الساسة الشيوخ المهندس مصطفى بن حليم ومن لازال حيا وفي صحة جيدة ونقاوة الدهن من عقداء الجيش وقوات الأمن في العهد الملكي وغيرهم وهم اكثرالناس خبرة ومتابعة للأحداث في ليبيا طوال عهد المقبور للمشاركة في أبداء الراي في مشاكل البلاد وقيادتها، ولا زالوا قادرين على العطاء في مجالات تأسيس الدولة الليبية التي نحلم بها وعلى جمع الكلمة وإسباغ الأحترام لسيادة الدولة التي عملوا من أجل بنائها وتحقيق رفاهيتها وصيانة إستقلالها . وهم الذين تضرروا أكثر من غيرهم من إنقلاب ستمبر وأعرف الناس كيف يعاملون رجال عهد القذافي وملاحقتهم ومنع عودتهم من القفز على السلطة من جديد والمؤمن لا يلدغ مرتين من نفس الحفرة التي أوقعهم فيها الرئيس جمال عبد الناصر رحمه الذي نادى بالقومية العربية وبالدعوة إلى الأتحاد والنظام والعمل ونال ثقة الأمة العربية بدون نقاش وفي نقس الوقت علم إخوانه العسكر في العالم العربي سحر السلطة والمحافظة عليها وتسخيرها لمصالحهم الشخصية .
التعليقات (0)