دخلت قضية أشرف مراحل خطيرة , على طريق التصفية , وطرد سكانه البالغ عددهم 3500 فرد بين رجل وأمرأة وطفل , وهؤلاء ينتمون الى منظمة مجاهدي خلق الايرانية المعارضة لنظام رجال الدين في ايران .
خرج مجاهدو خلق من ايران بعد استعدائهم خميني , وصنفهم في خانة العملاء للاستكبار العالمي , وجاء قسم منهم الى العراق في وقت كان قد دخل الحرب مع ايران , بعد سلسلة من الاعتداءات والتجاوزات الايرانية على المدن العراقية , وقصف خمس مدن عراقية بالمدفعية والطيران , يوم الرابع من ايلول عام 1980 , أي قبل نشوب الحرب بثمانية عشر يوما في 22 /9 / 1980 .
دخل عدد من مجاهدي خلق الى العراق في ذاك الوقت المتأزم مع ايران , وسكنوا في منطقة في محافظة ديالى , صار اسمها " معسكر اشرف " , وقد اعتمدوا على جهدهم الذاتي في المعيشة , واعلنوا معارضتهم لنظام خميني انذاك , ووقفوا مع العراق ضد نظام طهران .
سرت شائعات من قبل النظام الايراني واعوانه العراقيين , أي الاحزاب التي كانت تتمركز في الاراضي الايرانية , وتعمل ضد النظام العراقي , شائعات تقول ان مجاهدي خلق قد شاركوا في قمع الحركة المدعومة من ايران في شهر نيسان عام 1991 , ولكن هذه الشائعة لم يثبتها أحد بالدليل القاطع , أي لم يتم اعتقال شخص من مجاهدي خلق أو قتله في حينه . وقد أستغل النظام الايراني هذه الشائعة لاستفزاز المواطنيين العراقيين , ودفعهم للتظاهر ضد الاشرفيين في معسكرهم المحاصر منذ قرابة العام .
ازداد الضغط على معسكر اشرف , بعد الانتخابات الثانية في ايران , وفوز محمود أحمدي نجاد بالرئاسة , في انتخابات شابها التزوير , وقد احتج الاصلاحيون على ذاك التزوير , وخرجوا في مظاهرات صاخبة في طهران والمدن الايرانية الاخرى . وقد واجهت حكومة نجاد تلك المظاهرات بالقمع والقتل والاعتقال والتشريد . وكان لمنظمة مجاهدي خلق دور في تلك الانتفاضة الاصلاحية , وتم اعدام عدد من أعضائها واعتقال المزيد منهم .
بعد تلك الانتفاضة الاصلاحية , أوعز النظام الايراني الى حلفائه في بغداد لمحاصرة أشرف والتضيق عليهم , تحت حجج واهية , لا تصمد امام العقل والمنطق , وقد ادعت حكومة المالكي أن المعسكر بني فوق اراضي الفلاحين العراقيين , والسؤال هو : لماذا اثيرت هذه القضية في هذا التوقيت بالذات ؟ ولماذا لم تثر قبل هذا الوقت ؟ واذا كانت الارض لفلاحين حقا الم يقم النظام السابق بتعويضهم منذ ذاك الوقت ؟ . والادعاء الاخر هو أن الاشرفيين ارهابيون , في حين أن الاتحاد الاوروبي قد حذف المنظمة من قائمة الارهاب , وطالب الادارة الامريكية أن تحذو حذوه . الامر الاخر هو ان معسكر اشرف محمي من الامم المتحدة , بدليل ان القوات الامريكية قد تسلمت حماية المعسكر بعد احتلال العراق عام 2003 , ولكن لغاية في نفس يعقوب , انسحبت هذه القوات من حول اشرف , بدعوى تسلم القوات العراقية المسؤلية الامنية في تلك المنطقة .
تعاملت القوات الامنية العراقية مع سكان أشرف بأقصى درجات القسوة والعنف , وقد استخدمت العربات المصفحة التي داست الرجال والنساء بدون رحمة . وسبق أعمال الاقتحامات العسكرية اجراءات جعلت المعسكر بمثابة سجن كبير , فقد وضعت اكثر من 500 مكبرة صوت حول المعسكرتصدح ليل نهار , بهدف ازعاج سكانه وتحطيم نفسياتهم ,كما داهمت القوات العراقية المعسكر عدة مرات , أودت بحياة عشرات من سكانه , وجرح المئات , وقد شاهد الراي العام العالمي تلك المشاهد المروعة , واعداد القتلى مسجيين بدون دفن , لان الحكومة تدعي ان ارض المقبرة هي ملك الدولة والفلاحين .
أثارت اجراءات حكومة المالكي استياء العديد من المنظات الدولية والانسانية , وطالبت بمحاكمتة , وخاصة طلب المحكمة الاسبانية بامتثال المالكي أمامها تمهيدا لمحاكمته . كما عقدت عدة مؤتمرات دولية تطالب بحماية سكان أشرف , وفق ما نصت عليه القوانين الدولية , واتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين .
الحكومة العراقية تضيع على نفسها ورقة في صالح العراق , يمكنها أن تتفاوض مع ايران بما يؤمن مصالح العراقيين والعراق معا . ولكن الحكومة الحالية تغلب مصالح ايران على مصالح العراق , وهذا يؤشر مقدار الارتباط المذهبي بايران , والذي لا يعود على العراقيين الا بالضرر الكبير .
التعليقات (0)