مواضيع اليوم

أين الحكمة والموعظة الحسنة؟!

سلمان عبدالأعلى

2012-01-02 13:51:21

0

 

أين الحكمة والموعظة الحسنة ؟ !!

بقلم: سلمان عبدالأعلى

يغفل الكثير من الدعاة أو ممن يحسبون عليهم عن الركائز الأساسية لعملية الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، والتي تحدثت عنها الآية المباركة في قوله تعالى: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ سورة النحل آية 125. فهذه الآية المباركة تبين لنا الأصول والعناصر الثلاث لعملية الدعوة إلى الله تعالى ، وهي:

1. الحكمة.

2. والموعظة الحسنة.

3. والمجادلة بالتي هي أحسن.

وهذه العناصر تعد من أبجديات العمل الدعوي، وبدونها لا يمكننا القيام بعملية الدعوة بالشكل الصحيح، وذلك لما لها من أهمية كبرى في هذا المجال، ولهذا لا يكتمل أي عمل دعوي إلا إذا أعتمد في أسلوبه ونهجه عليها .. فهل يا ترى نرى هذه العناصر من السمات الواضحة في ملامح شخصياتنا الدعوية ؟؟ !!

قد يكون من الصعب علينا نفي هذا عن كل الدعاة، ولكن مع ذلك نستطيع أن نقول: بأن كثيراً ممن يحسبون على هؤلاء أو كثيراً ممن يظنون بأنهم يقومون بعمل دعوي، تفتقر شخصياتهم لهذه العناصر والمقومات الضرورية.

ولذلك، نراهم يخفقون ويتخبطون في مجال الدعوة إما لجهلهم أو لإهمالهم لهذه الأمور، فنراهم يستبدلون الحكمة بالتهور، والموعظة الحسنة بالغلظة والشدة، والمجادلة بالتي هي أحسن بالوعد والوعيد، وكأنهم كانوا يمارسون نوعاً من السباب والشتائم لا دعوة وإرشاد، وذلك لاعتمادهم على الشدة والإجبار أكثر من اعتمادهم على المناقشة والإقناع ..

وكثيراً ما نجدهم يتصرفون وكأنهم يمتلكون مفاتيح الجنة والنار، فنراهم يعيدون هذا بالجنة وذاك بالنار ، وكأن إياب الخلق إليهم وحسابهم عليهم !!

على كل حال، يحق لنا أن نتساءل عن أسباب هذا الخلل الذي نواجهه لدى الكثير ممن يحسب على الدعاة، كما يحق لنا أيضاً أن نبرر ونحسن الظن بهم وبنياتهم، ولكن لا يحق لنا أبداً أن ننفي وجود هذا الخلل أو أن نستبعده لمجرد أننا لا نفترضه أو لا نريد الاعتراف بوجوده، لأن الحقائق لا تنفى بافتراضات لا أصل لها أو برغبات وأمنيات.

مهما يكن، فإننا لو أحسنا الظن بهم فإننا سوف نقول: بأن ما عندهم من خلل قد يرجع لكونهم ينجرون وراء الحماسة ويركزون على تحقيق النتائج الإيجابية -من وجهة نظرهم- مع تجاهلهم أو غفلتهم عن الأسلوب الناجح والمنهج الصحيح، وبالتالي نجدهم يخسرون ولا يحققون النتائج التي كانوا يرجونها، ويخلفون ذكرى سيئة وسلبية تبقى ما بقي الدهر في نفوس من تعامل معهم .

 

ولو أنهم قاموا بعملية الدعوة بأصولها الصحيحة، فإنهم حتى وإن لم يقتنع الآخرون بما يقولون في الوقت ذاته، فإن الأمل لا ينقطع بانقطاع الكلمات، لأنهم – أي الآخرين– ربما يسترجعون ويتذكرون هذه الكلمات والإيجابيات في المستقبل ويكون لها الأثر الأكبر في نفوسهم، على أنه من الطبيعي أن لا يقتنع الجميع بما يقوله الدعاة حتى وإن كان أسلوبهم هو الأسلوب الأمثل، وإلا لآمن الناس جميعاً بما جاء به الأنبياء والرُسول وهل هناك من هو أفضل منهم في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى ؟؟ !!

بالطبع لا، ولكن مع ذلك نجد الكثير يرفض دعوتهم ــ عليهم السلام ــ ويفضل البقاء على ما هو عليه، ومع هذا كله نرى منهج الأنبياء عليهم السلام وأسلوبهم ثابت لا يتأثر، لأنهم قاموا بما كلفوا به، ولأن هدفهم هو القيام بأمر الله سبحانه وتعالى فقط لا غير، قال تعالى مخاطباً رسوله ونبيه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم في سورة الغاشية: ﴿ فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ﴾ . آية 21 – 22 .

فإذا كان الرسول الأكرم ليس عليه إلا التذكير فقط، فكيف إذاً بغيره؟

للأسف أننا نرى من يدعي الدعوة ولا يكتفي بالتذكير والإرشاد، ولكنه يجعل نفسه مسؤولأً ومكلفاً بمحاسبة الخلائق، لذا نراه وقد نصب محكمته ليحاسب هذا ويعاقب ذاك، بأسلوب مليء بالشدة والغلظة، ومع هذا يستغرب وربما يستنكر… من نفور الناس وابتعادهم عنه، مع أن هذا أمر حتمي ونتيجة طبيعية لمثل هذه التصرفات، فإذا كان الله سبحانه وتعالى يخاطب رسوله الأكرم بقوله تعالى : ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾ سورة آل عمران أية 159 فما بالك إذاً بغيره ؟ !!

لذا، يتوجب على الدعاة أن يقتدوا ويتأسوا بالرسول الأكرم لقوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ سورة الأحزاب الآية 21 .

فهو قدوة وأسوة حسنة ليس فقط في العبادات والأحكام الشرعية كالصلاة والصيام والحج وغيرها، بل هو قدوة وأسوة في كل شأن من شؤون الحياة، ولهذا ينبغي للدعاة أن يقتدوا به في أسلوبه وفي طريقته ونهجه في الدعوة إلى الله سبحانه تعالى.

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !