مواضيع اليوم

أيمن اللبدي في حوار عن غزة

نوارة لحرش

2009-01-22 20:14:56

0

الشاعر ونائب رئيس تحرير جريدة الحقائق اللندنية والمشرف العام على الحقائق الثقافية أيمن اللبدي :

 

 

(الانقسام الفلسطيني أغرى العدو،وهو كان سبباً مركزيا لاستعجال العدوان)

 

(الخطاب السياسي الفلسطيني ممزق بضراوة)

 

أيمن اللبدي شاعر فلسطيني معروف وهو نائب رئيس تحرير جريدة الحقائق اللندنية والمشرف العام على الحقائق الثقافية ، في هذا الحوار المفتوح على الجرح الفلسطيني النازف في غزة الذبيحة يتحدث اللبدي عن الذي يحدث الآن في غزة من حرب تدميرية بشعة وظالمة وعن الخطاب السياسي الفلسطيني الذي يرى أنه ممزق بضراوة وعن الخطاب الثقافي الفلسطيني الذي يرى أنه هذه الأيام مشغول بعملية المزاودة على السياسي دون أن ينتبه لأهم المركبات التي تشكل مهمته العاجلة، كما يتحدث عن النخب العربية وعن أمور أخرى تتبدى ملامحها من خلال هذا الحوار الصريح .

 

حـاورته / نـوّارة لـحـرش

 

 

كيف تقرأ الذي يحدث الآن في غزة ؟

 

أيمن اللبدي: الذي يحدث في غزة بالصورة المجرّدة مذبحة حقيقية، حلقة من حلقات الحرب العنصرية الإحتلالية المفتوحة على فلسطين منذ القرن الماضي، والذي يحدث في غزة هو استكمال لحلقات المؤامرة الإستراتيجية ضد الشعب العربي الفلسطيني وأرضه ومقدراته، وجزءً من الحرب الاستعمارية على المشرق العربي والإسلامي، باختصار هو حلقة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، نحن ليس لدينا شك في نوايا العدو، وليس لدينا أوهام في تغيرات إستراتيجية على الكيان الصهيوني المغتصب نحو التنازل عن صلب النظرية الصهيونية التي لا تزال فاعلة، لكن لدينا عدة يقينيات للأسف عن تنازل الأمة عن شرفها وكرامتها وحريتها ودورها الحضاري والإنساني من بوابة فلسطين، العالم لم يتعلّم بعد أن استقراره في العدالة ولو النسبية في فلسطين لتمكين هذا الشعب من حقوقه الوطنية العادلة والمحقة والمشروعة وهي أدنى الممكن، وأن الحرب والكوارث والإرهاب فيه مستمر طالما فلسطين لم تحصل على حقها، المعركة هذه المرة فرضت علينا، ومع ذلك لن نتخلى يوماً عن واجبنا ولا عن دورنا التاريخي والقومي والوطني والإنساني، نحن سنبقى على ذات الرسالة وذات المعنى الذي أراده الزعيم الراحل أبو عمار لبني شعبه في شعاراته الخالدة، نحن مشاريع شهادة ، نحن نذهب للقدس شهداء بالملايين، ومع كل ذلك نحن نرى الضوء في آخر النفق، ولو أن كل الأنفاق تستهدف اليوم، فهذا الضوء روحي وليس فيزيائي، والعدو يجهل هذه القيمة، نحن سنقاتل ونقاوم في الوقت الذي نبني ونعيد البناء، سنصمد ونطالب بحقنا عبر الأجيال، ولن نرفع للعدو راية استسلام من أي نوع، فالألوان فقدت معناها في فلسطين، اليوم فلسطين لونها أحمر،هذا ما يحدث في غزة.

 

برأيك هل الانقسام الفلسطيني الفلسطيني ساهم في إشعال الحرب بهذه الضراوة على غزة ؟

 

أيمن اللبدي: الانقسام الفلسطيني أغرى العدو نعم باستعجال قطاف ثماره، وهو كان سبباً مركزيا لاستعجال العدوان والبناء عليه، الهدف الاستراتيجي الصهيوني كان دوما هو قاعدة الانجليز الكولونيالية (فرق تسد)، العدو حاولها في مركبات بغيضة ومقيتة في فلسطين عبر محاولة زرع انقسام ديني كفتن بين الإخوة المسيحيين والمسلمين فلم يوفّق، ربع القادة التاريخيين للثورة الفلسطينية هم من أخوتنا المسيحيين، حاول أن يلعب على حدود المناطق الجغرافية كعامل موضوعي للقسمة والتقسيم، متخذا الخطوط التي وضعها هو عبر مراحل عدوانه التاريخي، حاول أن يفصل الشعب الفلسطيني الذي بقي في الداخل عن أأأأأأأأأأأأأأأأأأبناء الضفة والقدس وغزة فلم يفلح، حاول فصل القدس عن الضفة وغزة فلم يفلح، حاول فصل الضفة عن غزة فلم يفلح، استخدم الطبقات الاجتماعية أيضا في محاولات الفصل بين قطاع العمال وقطاع البورجوازية الوطنية، لم يحقق نتائج، بين القرى والمدن عبر دميته المسمى روابط القرى في أوائل الثمانينيات أيضا لم ينجح مع حكومة الصهيوني بيغن، وأخيراً لم يستطع أن يكون له دور حتى عبر محاولاته الجنونية في إستصناع عملاء صغار أو من يقوم بأدوار الكومبرادور، كل ذلك فشل منذ بداية فشله في فصل المخيمات اجتماعيا عن المدن والقرى، الشعب الفلسطيني بالوحدة الشعبية الوطنية قراره واحد، داخل وخارج بين المنافي وعلى التراب الوطني لا للانقسام لأنه خط أحمر، عملت فصائل منظمة التحرير الفلسطينية ثلث قرن دون أن تتناحر بينها رغم وجود كل المشارب الفكرية والعقائدية فيها من الماركسية اللينينية والتروتسكية على أقصى يسارها، إلى الإسلامية السلفية وحتى الجهادية على أقصى يمينها، لكنه فقط نجح مؤخرا عبر جماعة الإخوان المسلمين التي رعاها بنفسه في قطاع غزة مطلع الثمانينيات، فقط عندما اختارت خيارا خارج القرار الوطني. المثير للسخرية أن هذه الجماعة كانت تتدرب في السبعينيات بدعوة من حركة التحرير الوطني في معسكراتها في الأردن، سميت آنذاك بمعسكرات الشيوخ، مع أحداث الأردن المؤسفة انسحبت من التعبير النضالي إلى الخلف، مع بداية الثمانينيات أعادت فتح من جديد الاتصال بهذه الجماعة وهي تحضّر المسرح للانتفاضة بتعليمات مباشرة من الأخ الراحل خليل الوزير أبو جهاد، كانت فكرة هذا العسكري الاستراتيجي الفذ في قيادة الحركة الوطنية ومنظمة التحرير تقول بضرورة شحذ كل القوى في عملية النضال الوطني، إن لم يكن اليوم فمتى؟ وعليه كانت الحوارات تجري في الوطن مع هذه الجماعة وبالذات مع شريحة الشباب المتحمّس فيها والذي كان يجري الحوار معه بعد أن ملَّ من الجواب المجهز عند شيوخه لسؤال محق لماذا لا ننخرط في النضال الوطني بالقول : ليس بعد ....نحن من الذين عايشوا ذلك كله بدقة في قلب هذه العملية حتى ما بعد الانتفاضة المجيدة الأولى، المثير للسخرية ولعله سخرية الأقدار أن خياراً جرى في صيف العام 2007 بحرف البوصلة، ألا يذكرك ذلك بقول الشاعر: "وكنت أعلمه الرماية كل يوم فلما اشتد ساعده رماني ؟".

نحن نريد الجميع أن يرمي العدو، نحن نقول البوصلة هي القدس، نحن نقول اللقاء على أرض المعركة، نحن نقول لتتفتح كل يوم زهرة في بستان فلسطين، نحن نقول القرار المستقل هو الأخذ على أيدي خارقي الزورق الوطني، سواء كان هذا الزورق يسير على أرض المعركة القتالية أو المعركة السياسية فهي معركة وهي ذات القوانين، المعيار الأول والأخير في الحكم على أي برنامج سياسي أو قوة سياسية مهما كانت الأسماء هي حروف ستة: فلسطين.

اليوم نحن سعداء لأن الوحدة فرضت نفسها بالميدان القتالي فكل القوى والفصائل مجتمعة لرد العدوان وكسره ومحاولة الدفاع عن شعبنا وعن مكتسباته، وهي تقوم بالواجب الوطني والقومي والديني، لكن لا زالت الوحدة السياسية غائبة عن متابعة الوحدة الميدانية هذه، أقول لكِ وأنا على يقين: اليوم ليلتقي وفد من قيادة حماس مع وفد من قيادة فتح والجهاد والفصائل الوطنية شركاء الدم من الرفاق في الشعبية والديموقراطية ليعلنوا قيادة موحدة سياسية في بيت منظمة التحرير، وبعد ساعة ستقف فوهات مدافع العدو وصواريخ غربانه وجنازير دباباته وفسفوره الأبيض والأسود...

 

كيف تقرأ مستوى الخطاب السياسي الفلسطيني في خضم هذه الحرب،كإنسان فلسطيني أولا وكمثقف وصحفي ثانيا؟

 

أيمن اللبدي: بأمانة لا حدود اليوم، لا يمكنني أن أكون جالساً للتنظير أو العمل الأكاديمي لأفرق في مستويات النظر لهذا الخطاب، أنا سأعطيكِ محصلة هذا جميعه ، كيف تنظر جموع الشعب الفلسطيني لما يحدث، فهذا هو الأصدق وهذا هو ضمير الشعب الذي يريد أن يرى وحدة أداء وتناغماً فيه...يريد أن يسمع مفردات معاني حرمة الدم الفلسطيني وقيمته، يريد أن يرى الأهداف السياسية والبرامج السياسية أمامه مقرونة بجدول أهداف حقيقية متراكمة قابلة للتطبيق، يريد أن يرى الضوء في آخر النفق...هذا ما يحضر بقوة اليوم هنا.

الخطاب السياسي الفلسطيني ممزق بضراوة،ثمة نداءات كثر لاستعادة الوحدة الوطنية والتنسيق على الأقل لإفشال أهداف العدوان صدرت ليس فقط عن الرئاسة الفلسطينية والرئيس عباس، بل عن منظمة التحرير الفلسطينية بفصائلها، لقد استمعنا إلى نداءات متكررة من فم جميع القوى من الرفيق عبد الرحيم ملوح، ومن الرفيق نايف حواتمة،من الرفيق والزميل بسام الصالحي،من كل حدب وصوب وقبل ذلك من كل فتح،من لجنتها المركزية وحتى من الأخ فاروق قدومي أمين سر هذه اللجنة وهو المعلوم موقفه من كل قصة أوسلو والسلطة والمفاوضات والتجربة هذه وخياراتها ومآلاتها،فماذا كانت النتيجة؟ لا شيء ، غمغمات وحروف متقطعة لا معنى لها، ليس هكذا تورد الإبل ولا هكذا تقاد الشعوب،ليس هكذا تكون السياسة، أي ثورة في العالم تقودها برامج سياسية عابرة للقارات متنازعة بينها؟.

على كل اليوم هناك ثلاثة أهداف يقول الكل أنه يريدها وينادي بها:وقف العدوان وانسحاب العدو، فتح المعابر لكسر الحصار، الذهاب لخيار المصالحة الوطنية والتوافق الوطني عبر الحوار، فلماذا لا يتم صياغة خطاب واحد حولها؟ ما الذي يمنع حقيقة ذلك ! صارحونا وقولوا لنا ما الكابح أم أن هذا العدوان حلقة من مسألة تنازع الشرعيات والمصالح الإقليمية والدولية والمحلية...نريد أن نضع حدا للاستهتار بالدم الفلسطيني ولاستنزاف القدرات الفلسطينية.

 

 

ومستوى الخطاب الثقافي ، هل يتوافق مع الخطاب السياسي في هذا الظرف الراهن المأساوي و الدامي إلى حد اللا معقول ؟

 

أيمن اللبدي:...... إنه الحسرة الدائمة مع هذا التشظي وبعض النفاق التام أحياناً. الخطاب الثقافي الفلسطيني هذه الأيام مشغول بعملية المزاودة على السياسي دون أن ينتبه لأهم المركبات التي تشكل مهمته العاجلة. طبعا بحسب موقعه الجغرافي وليس بحسب أي عامل آخر في الأساس. سأقول لكِ أن أهم المهمات اليوم ثقافيا هي الإصرار على الوحدة الوطنية وصيانة صلب جدار الدفاع عن ثوابت الإنسانية الفلسطينية ودورها الحضاري والإنساني، دورها هو إعادة إنتاج مكونات الاستقطاب فوق الفصائلية والزمانية والراهن، إعادة التأكيد على ما يجمع لا ما يفرّق، إعادة روح الأمل والصمود وبثها في المستقبل، إعادة الإصرار على قيم وطنية ثقافية حقيقية تتمثل في الإصرار على الحياة وعلى قيمة الحياة حتى في الاستشهاد، نحن يجب أن يكون خطابنا ولغتنا واضحة، لا بكائيات ولا ندبيات، وفي نفس الوقت لا إنتحاريات أيضا، لا ضرورة للبقاء في المحاكاة الفونوغرافية والفوتوغرافية والكاليغرافية للحالة، فالفضائيات تفتتح بزنسها من هذا، الثقافة عملها اليوم شيء آخر، اليوم عملها هو التقاط صورة ومعنى البناء على الأمل، لا مقولات حتى آخر قطرة اليوم ولا يهم الغد...هناك طوباوية مقبولة، وهناك تطهرية عند بعضهم زائدة عن الحد تزاود حتى على ملائكة السماء وتريد أن تقود موكب انتحاري باسم الثورية، الثورية أن تجعل قرار الثورة عند الجماهير قناعة ويقينا للمستقبل ولحياته واليوم ومتطلباته وليس أن تجمع الثلج مع النار وتقول أنا ثوري في مقدمة الجماهير، يجب أن تكون قيادة الجماهير حكيمة، نعم لإعطائها صورة أمينة عن دورها وما ينتظرها، ونعم لتنويرها ومصارحتها، ونعم لمراقبة حركة الحدث من حولها، ولكن أيضا للحرص عليها وهي تسير، الثقافة هي الأم الرؤوم إن كانت السياسة هي الأب في الدفاع وجلب المصالح ودرء المفاسد، فالثقافة هي الأمل وهي الحنو وهي الصدر النبيل والصوت الذي يجب أن يبقى مترددا في الأذهان والعقول والقلوب معا، إنها الأم وخطابها يجب أن يكون خطاب الأم في حدبها ورعايتها وشراستها عند اللزوم.

 

كيف هي علاقة المثقف الفلسطيني بالسياسي،هل هم على نفس الخط أم لكل جبهة خياراتها المتضادة واللاتوافقية حتى ولو كانت على حساب القضية ؟

 

أيمن اللبدي: لا يجب أن يكون ذلك أصلا هو القاعدة. الثقافي يجب أن يكون متقدما على السياسي من حيث الإصرار على الكمال، على الحق التام، الخطاب الثقافي الفلسطيني لا يجب أن يتنازل ذرة ولو لمرة واحدة عن الرواية الفلسطينية بكل تفاصيلها الإنسانية والحضارية.

في الخطاب الثقافي الفلسطيني فلسطين كلها وكل ترابها للفلسطينيين، في الخطاب الثقافي الفلسطيني سيقاوم إلى الأبد حتى نيل حقوقه كاملة، بما فيها تعويضه عن كل إفرازات مراحل الظلمة والقهر التي مورست بحقه دوليا. في الخطاب الثقافي لا شأن له لا بمرحلية نضال ولا بعملية الممكن، الخطاب الثقافي فن التمام والصدق والجمال والخير والحق. وهكذا يكون المثقف الوطني وحتى يكون كذلك يجب أن يكون بإرادة وباستقلال ودون إمكانية الاستخدام أو إمكانية التأثير عليه في خطابه من باب احتياجاته الإنسانية والمعيشية. هنا المثقف الفلسطيني العضوي، لا يقول لي أحدهم أن المثقف الفلسطيني الوطني والعضوي هو الذي يقول ويفعل ما يؤمن به في مصلحة الأمة من وجهة نظره في موقعه من تراتبية العلاقة داخل منظومة مؤسساتية معينة، ولا حزبية ، فقط  بل هو الذي يفعل ذلك وهو غير مرتبط بأي حاجة إنسانية أو معيشية أيضا في هذه العلاقة.عندها تكون هذه الصياغة صحيحة فعلاً، غير ذلك هي ناقصة بدرجة اختلال هذه الشروط.

طبعا الصور الأخرى تقود إلى جوابك الشرطي في السؤال، طبعا بغير ذلك قد يكون هنالك نماذج تذهب حتى هذا ولو كانت على حساب القضية، وبحسب درجة الاختلال. لكن من العدل أن يقال أن هنالك علاقات فوق الارتباطات المؤسساتية بكل المعاني، هنالك نماذج كانت أمثلة حتى وهي في درجة اختلال بما أراه من معايير هنا، لدينا ماجد أبو شرار ولدينا كمال ناصر ولدينا غسان كنفاني وغيرهم في مواقع ثقافية وسياسية في ذات الوقت وضمن شروط ناقصة في مسألة ما سبق قوله ومع ذلك كانت طلائعية ورسولية، لكن ليس دائما هذه هي القاعدة.

حينما تجدين المثقف الوطني الذي يجهّز نفسه أو يحضّر نصه فقط ليقول لا قبل أي حدث مهما كان للسياسي، بل يستطيع القول: لا عندما تكون ضرورة ونعم عندما تكون لازمة حتى لرأس الهرم السياسي عندها العلاقة نظيفة وعضوية وفي مكانها. طبعا الذي يرهن كلمة النعم دائما هو مثل الذي يرهن كلمة لا دائما، كلاهما في حالة (ممايعة) والثقافة الحقة التي في مصلحة القضية لا تخدمها الممايعة.

 

برأيك ما المطلوب من هذه الجبهات الثقافية والسياسية الفلسطينية ؟

 

أيمن اللبدي: باختصار مطلوب نقد ذاتي ومراجعة شاملة وشفافية وصراحة تامة، مطلوب تجديد قسم اليمين لفلسطين فقط، مطلوب حالة إدراك وتقرير، مطلوب خارطة خطى للحاضر والمستقبل على أن يجري كل ذلك من أجل فلسطين وحدها عربية حرة.

 

المثقف العربي، هل كان صوته مسموعا خلال هذه الحرب الشرسة على غزة، هل كان خطابه في مستوى الدم الفلسطيني، أم هو أشد خفوتا من السياسي ؟

 

أيمن اللبدي: في فمي ماء...أهديهم جميعا نصا كتبته للزيتونة الفلسطينية جميلة الهباش التي قطع العدوان ساقيها ولم تنقطع.. أهديهم نص (كلنا معك).

 

ما المطلوب من النخبة العربية الثقافية، ما الدور الذي يجب أن تفعله حقا ؟

 

 

أيمن اللبدي: الأدوار التي عرفها رجل الشارع العربي بعفويته لم تلقّن له ولم تطلب منه، هل يجب علينا أن نقول للنخب ماذا تقوم به من أدوار؟.. هي تستطيع الإجابة الأدق وعندها ضميرها الثقافي أيضا إضافة إلى القيمة النخبوية، فقط نقول لهم أرحمونا من الإصطفافات العقائدية والفكرية، أرحمونا من عمليات نقل الدم الفيروسي، قفوا معنا كفلسطينيين وكفلسطين ، لا نريد أكثر من هذا...

 

من المفروض أن القدس عاصمة للثقافة العربية 2009، فهل قدرها أن تغيب احتفالية التظاهرة لتحل محلها الحرب الشرسة المدمرة والجنائزية اليومية ؟

 

أيمن اللبدي: أنتِ استنتجتِ ما أراده العدو على كل حال.

العدو يفتح كل يوم علينا في كل فلسطين حربه، عنيفة وشرسة وقاتلة وماكرة، هناك في الضفة يقتلنا بصمت الجدار والاستيطان والمعزل والحواجز والحصار البطيء، وفي غزة الآن يقتلنا بالسكين المشحوذ. العدو في كل ساعة وعلى مدار السنين حربه علينا عنوانها الثابت هو القدس بالمناسبة، بقية المدن والقرى والتراب الحبيب في كل فلسطين، هي حروب متنقلة وبروفات لحرب القدس.

العدو في غزة يجرّب بروفة الترانسفير والقلع، ويجرب معها بروفة هدم الأقصى أيضا وتهويد المدينة بالكامل.

ليست المشكلة في الصورة الجنائزية، ولا المشكلة في التضحيات التي دفعها شعبنا ويدفعها ومستعد دوما لدفعها، المشكلة هي في (وحدنا) داخل هذه المعركة. يقول البعض نيابة عن الأمة. نحن نخوض هذه المعركة أيها السادة كشعب فلسطيني منذ صد المغول والتتار والصليبيين نيابة عن هذه الأمة وليس اليوم فقط. الفرق أننا كنا معاً ومنذ قرن نحن وحدنا. الجنائزية المشهدية في تشييع أبناء شعبنا وسلاح العدو المار في لحمنا العاري، ليست هي المشهدية الحقيقية هي في جنائزية الأمة هذه ، نحن نشيّع جنازة هذه الأمة التي يصرون على أنها بخير ويعدوننا بالأجيال القادمة. نحن راضون وشاكرون، لكن اليوم ثمة مفصل تاريخي هام، ماذا سيكون عليه الحال؟. نحن نريد كلمة عربية واحدة، هل يريدون أن يسندوا خيارنا الأبدي بالمقاومة حتى نيل حقوقنا سواء أكان في أسلوب قتالي أم أسلوب سياسي أم لا !؟ هذا هو السؤال...أقول لكِ والله من المضحك المبكي أن أحدهم قال لي أن حلمه كفلسطيني بات أن يتفق العرب والمسلمون على موقف ويدعمونه فعلا حتى لو كان يا أخي ضدنا كفلسطينيين...!! هل رأيتِ إلى أي حد وصلت الأمور.

مع ذلك أن نستقيل ولن يفلح العدو في تركيع شعبنا وفرض إرادته، المقاومة لا يمكن حصرها فيزيائيا ولا الإجهاز عليها، المقاومة عقيدة في الأرواح والنفوس، العدو سيفشل ونحن على قناعة أننا سننتصر.

 

هل من كلمة أخيرة :

 

أيمن اللبدي: كلمة للسياسي الفلسطيني والعربي: صارحونا..........

كلمة للمثقف الفلسطيني والعربي: ارحمونا............

كلمة لله: راجعون حامدون...........

--------------------------

جريدة النصر الجزائرية في 20 جانفي 2009

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !