قد يحسب الناس أن موقف الغرب من الإسلام جديد , وبالذات بعد أحداث الحادي عشر من أيلول / سبتمبر 2001 ,بل إن موقف الغرب من الإسلام قديم يعود إلى الحملات الصليبية في القرنين الحادي عشر والثاني عشر , حيث دمر جنود الصليبين معالم إسلامية وقتلوا المسلمين بالألوف داخل المسجد الأقصى ,وذكر المؤرخ البلاذري انه قتل عشرة ألاف عالم داخل الأقصى في تلك الموقعة . كما استخدم الأقصى إسطبلا للخيول , وتم تمزيق القرآن الكريم , وشتم النبي ( صلى الله عليه وسلم ) .
ولم يتوانى المستشرقون عن الإساءة للإسلام , وهم الذين عرفوا اللغة العربية , وقرءوا التاريخ العربي والإسلامي , ورغم معرفتهم بكل ذلك إلا أنهم اساؤا للإسلام , ودسوا عليه وحرفوا في تعاليمه .
وجاءت ثورة الإعلام والاتصالات لتفعل فعلها في تشويه صورة الإسلام والمسلمين بفعل مدبر من قبل الحركة الصهيونية والدوائر المتحالفة معها , واثر الإعلام في الرأي العام العالمي بشكل كبير جدا .
لم يقتصر الأمر على ما سبق بل انضمت أحزاب يمينية في أوروبا وشخصيات فكرية ودينية في الولايات المتحدة للإساءة للإسلام والمسلمين مستغلين بعض أنماط السلوك غير السوي من قبل بعض المسلمين الذين يعيشون في بلدان الغرب ,في حين لا تثير هذه الأطراف ضجة مثلها عندما تحدث مثل هذه الإساءات من قبل الجاليات غير العربية مثل الهندية أو الإفريقية وغيرها .
لقد استغلت الإدارة الأمريكية أحداث سبتمبر لتشن الحرب على العراق , وتحتله وتجعله ساحة للاصطراع الديني والطائفي والعرقي , وتم نهب خيراته المادية والحضارية والتراثية ,وسمحت لدول الجوار بالتدخل في شؤونه الداخلية وتمزيقه بالاقتتال الطائفي والعرقي , وبات العراق مهيئا للانقسام والتفتيت إلى دويلات وفق رؤية نائب الرئيس الأمريكي جون بإيدن , صاحب نظرية الفدراليات التي صارت مطلبا من قبل بعض الطوائف والقوميات .
علاوة على ذلك فقد اعتمدت الإدارة الأمريكية استرتيجية الحرب على الإرهاب ,ومن خلالها صار المسلم مستهدفا من قوى الامن في الدول الغربية بسبب سحنته السمراء ,وتعددت أشكال الإساءة للا سلام تارة بالرسوم الكاريكاتورية للرسول الكريم , وتارة للمرأة المسلمة لأنها ترتدي الحجاب ,وتارة لبيوت الله ومنعها من رفع الأذان أو منع بناء المآذن بدعوى أنها تزعج السكان , ووصل الأمر بقس مسيحي أن عزم على إحراق القرآن على مرأى الناس .
إن الإساءة للإسلام في الغرب ليست إساءة جماهيرية بالكامل بل هي إساءة مدبرة من الحركة الصهيونية والأحزاب اليمينية وبعض الشخصيات التابعة لهذه الجهات
وعليه فان بإمكان العرب والمسلمين أن يدافعوا عن الإسلام وينشروا مبادئ الإسلام الحنيف بشكل مقنع وبأسلوب علمي حضاري . مثل هذه المهمة تقع على عاتق جهات عدة منها :
1 .الحكومات العربية من خلال دائرة الإعلام في جامعة الدول العربية ,وكذلك بجهودها الذاتية . ولكن الحكومات لم تنفذ ما تم الاتفاق عليه في اجتماعات وزراء الإعلام العرب المتعاقبة , وضلت مكاتب الإعلام في عواصم العالم مجمعا للموظفين والبطالة المقنعة .
2 . الجاليات العربية في بلاد الغرب ,تقع عليها مسؤولية كبيرة كونها تعيش في تلك البلاد ويعرف أفرادها لغة تلك البلاد واقدر على مخاطبة سكانها بالمنطق الذي يفهمونه . ولا تقع كامل المسؤولية على المهاجرين لأنهم هاجروا بالأساس من اجل الرزق وعليه فهم بحاجة إلى دعم مادي من الحكومات العربية . أقول إنهم بحاجة إلى دعم مادي لان الساحات الغربية مفتوحة لأي رأسمال قادم من الخارج , ولنا في الصهيونية مثالا حيث تمكنوا من تأسيس شركات للنشر والطباعة والتوزيع وصارت إمبراطورية ( مردوخ ) الإعلامية من اكبر المؤسسات الإعلامية تأثيرا في الرأي العام الغربي . وإذا توفر المال فبإمكان العرب في المهجر تأسيس شركات إعلامية مؤثرة تخاطب الغربيين بلغتهم وبعقليتهم التي يفهمونها .
3 . القطاع الخاص العامل في حقل الإعلام فتقع عليهم مسؤولية كبيرة أيضا ,بفتح قنوات فضائية ناطقة بإحدى اللغات الأجنبية الأساسية كالانكليزية والفرنسية . وإذا نظرنا إلى عدد القنوات الفضائية الناطقة بالعربية لوجدناها كثيرة جدا ومعظمها بهذه اللغة .
4 . الدعاة والعلماء والمفكرين والمختصين بعلوم الدين , فهؤلاء عليهم مسؤولية كبيرة أيضا لأنهم الأقدر على شرح مبادئ الإسلام للغربيين .
5 . وأخيرا المواطنون العرب عليهم مسؤولية في ضبط سلوكهم عندما يسافرون إلى ديار الغرب , بحيث لا يسيئون للإسلام , بل يقدمون صورة ناصعة عن الإسلام والمسلمين .
التعليقات (0)