مواضيع اليوم

أيتها الطريدة لماذا أتيت

نزار يوسف

2010-02-24 20:21:10

0

أيتها الطريدة .... لماذا أتيتِ

 

يقف وحيداً على شاطئ البحر .. على شاطئ البحر وحيداً يقف .. وحيداً يتأمل الأفق .. الأفق البعيد القريب معاً .


فجأة حانت منه التفاتة فرآها قادمة من بعيد .. كانت تقترب منه ... شيئاً فشيئاً بدأت ملامحها تتشكل تدريجياً ليظهر منها جمالها و أنوثتها ... تتبلور و تتضح أمامه كقطع الحجارة المكعبة التي تشكل لوحة جدارية كبيرة ... اتضحت تموجات شعرها الكستنائي و اتجاهاته المختلفة المتباينة إلى الخلف .. إلى اليمين ... إلى اليسار .. اللعنة عليه .. إنه يعذبه .


اتضحت تضاريس جسدها ، النافرة و الغائرة و المتماوجة و المكتنزة ... اللعنة عليها .. اللعنة عليها ، لطالما جننته .. لطالما أسرته .


وقفت أمامه و نظرت إليه بخجل و استحياء و قالت : لقد عرفت أنك هنا فجئت إليك .... عرفت أنك مشتاق لي و ... تريدني .. فجئت .


قال لها مبتسماً و كيف عرفت كل ذلك ؟؟ .. و بالذات أنني مشتاق إليكِ ؟؟!! قالت : لقد وصل إلي فجأة .. صوت هادر أشبه بصوت نمر .. ذئب .. صوت ممزوج بتنفس حاد .. شهيق و زفير مخيف و سريع اخترق عقلي الباطني فعرفت أنه أنت .. أنت نانو . قالت ذلك ثم أطرقت إلى الأرض بحركة سريعة من رأسها .


اقترب منها ... اقترب أكثر فأكثر حتى التماس و قال لها بصوت حنون دافئ عذب : لماذا لا تنظرين إلي يا كتكوتتي الغالية ؟؟؟ أجابت و هي لا تزال مطرقة إلى الأرض : لأن عيناك مخيفتان .. مرعبتان .. عندما تلتقيان مع عيناي أحس بشيء صاعق يمسني .... لا أستطيع النظر في عينيك لأنني عندما أفعل ... أشعر بشيء خفي يلتف حول رقبتي و جسدي ، و من ثم ينسل إلى أحشائي ، ليبدأ بتمزيقها من الداخل ... أشعر الآن بألم خفيف في أحشائي ... إنني خائفة منك يا ننونة ... خائفة منك .


أمسكها من كتفيها بلطف ثم وضع أصابعه الاثنين على حافة ذقنها الطرية الناعمة و رفع رأسها قائلاً بنعومة : لا تخافي يا حبيبتي ... لا تخافي ... أنا نانو !!! ... نانيتّو !!! . فبدأت ترتجف أمامه كغصن شجرة خفيف تعصف به رياح الخريف و قالت مع صوت أنفاس سريع : نانو إنني خائفة .. هناك شيء ما بداخلك ... إنني أشعر به .... صدقني إنني أشعر به و أسمع صوته المخيف .


ابتسم لها ابتسامة واسعة ...حانية ... رؤوفة ... عطوفة . فنظرت إليه برعب ثم شهقت بخوف و أشاحت وجهها جانباً بسرعة بانت فيها كل تفاصيل رقبتها و قالت : إنه هو .. نعم إنه هو ... لقد رأيته الآن ..... لقد بان في أسنانك البيضاء اللامعة ... لقد ظهر في بريقها السريع الخاطف .... أرجوك يا نانو .... أتوسل إليك إنني خائفة .. خائفة .


ضغط على كتفيها بشدة أكثر و قال لها بحنان و عطف : ماذا تقولين يا حبيبتي يا غاليتي .. يا معذبتي يا مولاتي !! ما دمت أنا معك فلا تخافي من أي شيء .... إنني أموت و أفارق الحياة و لا أسمح لأحد أن يمس شعرة واحدة منك و لا حتى شحمتي أذنيكِ الطريتين هاتين . قال ذلك و مد يديه بحركة سريعة خاطفة ليلتقط لها شحمتي أذنيها بنعومة و رقة و حنان .


شلت تماماً و أصبحت عاجزة عن الحراك ثم همست بصوت خافت ... مبحوح ... متقطع ... متهدج : نانو .. إنني في أضعف حالاتي ... إنني أسمعه الآن بوضوح ... إنه يقول لقد وقعت في قبضتي و سوف أمزقك إرباً إرباً و أشرب من دمك حتى لا أدع قطرة واحدة منه تنزل إلى الأرض ...... أيتها الطريدة ... لماذا أتيتِ ؟؟؟ .... لماذا ؟؟؟ لماذا ؟؟

 

نزار يوسف




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !