مواضيع اليوم

أية حرية في أسطول الحرية؟.

محمد مغوتي

2010-05-31 13:52:53

0

    في خطوة لم تكن واردة على بال أكثر المتشائمين، نفذت اسرائيل تهديداتها، وهاجمت سفن " أسطول الحرية " لتكسير الحصار على قطاع غزة بآلتها الحربية مخلفة خسائر فادحة في الأرواح، بلغت حسب رواية التلفزيون الاسرائيلي 19 قتيلا و26 جريحا.
    التصرف الاسرائيلي جاء في سياق سياسة احكام الحصار الذي تفرضه دولة الاحتلال على الفلسطينيين في غزة. لكن استعمال القوة في وجه ناشطين ينتمون الى جنسيات مختلفة أتوا من أجل التخفيف من مأساة الشعب المعتقل تحت سماء غزة، يشير الى أن الرهان على صورة اسرائيل في العالم ليست ضمن أولويات حكومة نتانياهو. والآلة الاعلامية الاسرائيلية قادرة على امتصاص ردود الأفعال في الشارع الغربي ( وهو المهم طبعا ) بوسائلها التبريرية الخاصة. غير أن الحضور التركي الوازن في الموضوع لا بد أن يثير الأسئلة حول رد فعل حكومة " أردوغان ". فالأمر يمثل تحديا واضحا للأتراك الذين وجهوا عدة رسائل الى اسرائيل، لكن يبدو أنها لم تكن لتخيف الاسرائيليين. وأسطول غزة مبادرة انسانية تبنتها الحكومة التركية. وهذا يعني أن ماحدث يمثل تصعيدا خطيرا بين تل أبيب وأنقرة ، خصوصا وأن الأنباء تتحدث عن مقتل 15 تركيا في الهجوم المذكور. وهذا هو السبب الذي دفع بوزير الخارجية التركي الى المطالبة بعقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن لتدارس الوضع.
     من الطبيعي أن يثير الهجوم الاسرائيلي استنكارا دوليا واسعا ومتفاوتا، لكن ذلك لا يعني الكثير بالنسبة لحكومة دولة الكيان الصهيوني، فقد تعود الاسرائيليون دائما على هذا الأمر، وهم ينجحون في تهدئة الزوبعة في كل مرة. ولأن العرب- كما هو الحال دائما - هم خارج التغطية في هذا المصاب، فان تركيا قد وضعت نفسها في موقف حرج حقا، فقتل مواطنين أتراك في مياه اقليمية مع سبق الاصرار والترصد يعتبر في عرف القوانين الدولية اعتداء على أمن وسلامة الدولة التي يتعرض مواطنوها لمثل هذا الاعتداء. فماذا يمكن أن تفعل تركيا بالتحديد؟. سؤال يقفز الى الأذهان بسرعة، لكن الجواب لا يتطلب أية صعوبة. وتركيا التي تريد أن تفرض نفسها لاعبا أساسيا في المنطقة، تدرك جيدا أن لكل خطوة حساباتها. وفي السياسة لا تكون للعاطفة والشعارات الحماسية أية نتائج على مستوى الواقع. وأقصى ما يمكن أن يقوم به العثمانيون الجدد في هذه المرحلة هو تجميد العلاقات الديبلوماسية مع اسرائيل ( و هذا بحد ذاته موقف شجاع لا يستطيع العرب المطبعون حتى التفكير فيه ). لكننا اذا تجاوزنا لعبة شد الحبل بين تركيا واسرائيل التي بدأت منذ منذ واقعة منتدى دافوس الشهيرة بين أردوغان وشيمون بيريز بشأن حرب اسرائيل على غزة تحديدا، اذا تجاوزنا الأمر اذن، فلا بد أن يكون لأسلوب اسرائيل في التصدي ل" أسطول الحرية " دروسا لمن يحتاج أن يعتبر. وفي ظل الصمت الرسمي العالمي على ما يجري في قطاع غزة، ترسل حكومة الاحتلال الاسرائيلي لكل من يهمه الأمر رسالة مفادها أن طريق الحرية الى غزة لا يمر الا عبر الدم، وأنها لا تقبل من أي طرف أن يحاول تكسير مشاريعها وبرامجها. وعندما يقتل جنود مدججون بكل أنواع الأسلحة مواطنين دوليين بدم بارد، فهذا يعني أن لغة السلام التي يعشقها العرب الى حد الثمالة تعبر عن الخوف والعجز. واسرائيل تدرك ذلك جيدا وتستثمره بدقة متناهية.
     " أسطول الحرية " لم يكن هذه المرة اسما على مسمى، فقد حول الجيش الاسرائيلي الأمل في تكسير الحصار الى ألم ورعب. وفي هذه الأثناء ينتظر الجميع تطورات الأحداث بعد واقعة الهجوم، ولا تهم بيانات التنديد والاستنكار، ولا قرارات أممية على الورق. ان المهم هو الأفعال وليس الأقوال. والتاريخ علمنا دائما أن الحرية تحتاج الى ثمن.
                                                                             محمد مغوتي.31/05/2010.
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !