أول قمة مغربية أوروبية بغرناطة الإسبانية:
ملفا الصحراء وحقوق الإنسان في المغرب يعكران أجواء القمة
بقلم/ ممدوح الشيخ
عقدت بمدينة غرناطة جنوبي إسبانيا أول قمة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب لمناقشة قضايا بينها الهجرة غير الشرعية والأزمة المالية والتغير المناخي والصحراء الغربية والاتحاد من أجل المتوسط، وبحث المجتمعون الشراكة المغربية الأوروبية حيث التي اعتبرها رجال أعمال مغربيون فرصة تاريخية لتحسين أداء الاقتصاد المغربي الذي يراهن على فتح الأسواق الأوروبية أمام منتجاته.
وأظهرت قطاعات اقتصادية إسبانية تحفظا من تأثيرات سليبة محتملة لمنتجات زراعية مغربية على مثيلاتها في بلادهم. وقد ظهر احتقان في المدينة بسبب مسيرات نظمتها جهات مختلفة احتجت على عقد القمة، فتظاهر مزارعون إسبان يخشون على إنتاجهم، كما تظاهرت أحزاب يسارية إسبانية، ونشطاء مؤيدون للبوليساريو على.
غصة حقوق الإنسان
وقد انتقل الاحتقان للندوة الصحفية التي عقدت على هامش اختتام القمة، فظهرت دعوات أوروبية للمغرب بضرورة الانفتاح في مجال حقوق الإنسان. وقال رئيس الوزراء المغربي عباس الفاسي إنه ينبغي النظر لتلك المسألة بنظرة شمولية من باب أن المغرب يراكم جهودا مهمة في هذا المضمار.
أما رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبي فقال إن الاتحاد يدعم مطالب الأمم المتحدة في تحقيق حل عادل ودائم لمشكلة الصحراء يقبله الطرفان. وأعرب المسؤول الأوروبي عن أمله في إدخال تحسينات على حالة حقوق الإنسان والمدافعين عنها. ومن الواضح أن الطرفين كانا يقدران أن ملف حقوق الإنسان سيكون عقبة أمام مشروع التعاون، حيث قال مصدر دبلوماسي أوروبي في بروكسل قبل القمة: "إن الاتحاد الأوروبي لا يعتزم تقديم دروس وسيستمع لما يقوله المغرب بشأن الأمور التي لا تسير بشكل جيد". وأضاف أنه "سيتم التطرق لحقوق الإنسان. وليس من الممكن أن يغفل الاتحاد الأوروبي ذلك". وانتهزت منظمات حقوقية دولة مثل منظمة مراسلون بلا حدود فرصة القمة ووجهت رسالة للقادة الأوروبيين "للفت انتباههم للتدهور المثير للقلق الشديد لحرية الصحافة في المغرب في الأشهر الأخيرة".
الاقتصاد يزاحم السياسة
ومع التقدير الكامل لأهمية الملفات السياسية فإن الاقتصاد كان حاضرا ربما بالدرجة نفسها، وحسب رئيس الوزراء المغربي فإن بلاده ذهبت للقمة آملة في "مشاريع ملموسة" وفي العمل لبناء "فضاء مشترك مزدهر وديناميكي وقوي".
وكان رجال أعمال مغاربة وإسبان عقدوا لقاء اقتصاديا دعا في ختامه رئيس اللجنة الأوروبية جوزيه مانويل باروسو لخلق فضاء حر للتبادل التجاري في المنطقة الأورومتوسطية. ويعتبر المغرب أول بلد عربي يعقد قمة مع الاتحاد الأوروبي، الذي منحه في أكتوبر /تشرين الأول 2008 وضع شراكة متقدم.
كانت إسبانيا أعلنت أن رئيس الحكومة خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو الذي ترأس بلاده مجلس الاتحاد الأوروبي، وضع برنامج عمل المجلس في مجال السياسة الخارجية والتعاون خلال المرحلة المقبلة، وفي هذا الإطار تقرر عقد القمة الأوروبية المغربية وهي تأتي في إطار مساعي مدريد لتعزيز العلاقات الأوروبية المغربية في مجالات السياسة والاقتصاد والأمن والثقافة، نظرا للموقع الجغرافي الاستراتيجي للمغرب عند الحدود الجنوبية للاتحاد الأوروبي، والأهمية الواعدة لمنطقة المغرب العربي من الناحية الاقتصادية.
وترغب مدريد خلال رئاستها للاتحاد الأوروبي في التركيز في سياستها الخارجية على تصحيح علاقاتها الثنائية مع المغرب التي تشهد مدا وجزر. وترى ديبلوماسية إسبانيا أنه إذا كانت فرنسا خلال مرحلة رئاستها للاتحاد الأوروبي قد أعطت العلاقات الأوروبية المغربية قفزة نوعية، بالتوقيع على اتفاقية
الشراكة المتقدمة (أكتوبر 2008) وهي ضمن برنامج "سياسة الجوار"، فإن مدريد ستسعى جاهدة لإرساء عرف تقليدي في السياسة العامة للاتحاد الأوروبي عملا بمضمون اتفاقية الجوار أو الشراكة المتقدمة وهو عقد قمة ثنائية دورية بين الاتحاد الأوربي والمغرب.
وعقدت القمة في إطار رغبة مدريد في ربط اقتصاد المغرب بالاتحاد الأوروبي لتستفيد الرباط من اتفاقية التبادل الحر. فضلا عن رغبتها بجعل المغرب شريكا مهما في مكافحة الإرهاب، وبخاصة مع تنامي ظاهرة اختطاف الرعايا الإسبان بمنطقة الصحراء وعلى المثلث الحدودي الموريتاني المالي الجزائري، وكذلك في مجال مكافحة المخدرات والهجرة السرية التي عرفت تراجعا كبيرا خلال السنة الماضية حسب تقارير أوروبية. وترغب مدريد كذلك بإعطاء دور جديد للاتحاد الأوروبي مع دول المغرب العربي التي ترتبط معهم بعلاقات تاريخية تقليدية، وتعزيز العلاقات مع هذه البلدان من الناحية ثنائيا وجماعيا.
حلم النفق
وعلى جانبي المتوسط هناك من يحلم باليوم الذي يمر فيه نفق تحت المتوسط ليربط المغرب بالقارة الأوروبية عبر إسبانيا ويربط هؤلاء بين هذا الطموح وحقيقة أن مدينة طنجة تشهد إنشاء ميناء طنجة/ ميد الذي سيكون مخصصاً لإعادة تصدير منتجات أوروبية ومحلية تصنع بالمغرب إلى أوروبا.
وخلال أكثر من عقدين عملت أوروبا لأجل تعاون مع دول الاتحاد المغاربي لكن الاجتماعات بين الدول الخمس أعضاء الاتحاد والدول الخمس الأوروبية "خمسة زائد خمسة" لم تؤد لنتائج حيث العائق الأول في طريق هذا التعاون حال الجمود التي يعانيها الاتحاد المغاربي. بسبب جمود العلاقة بين المغرب والجزائر، والسبب طبعا ملف البوليساريو. ومنذ سنوات يتبادل الطرفان الاتهامات بالمسئولية عن استمرار الأزمة. ورغم أن الملك محمد السادس لم يحضر قمة غرناطة ومثله فيها رئيس وزرائه عباس الفاسي فإن الملك حرص على توجيه رسالة للقمة تدعو لتسوية نزاع الصحراء "المفتعل"!
لكن هذا "المفتعل" ما زال حتى الآن – للأسف – يكبل الاتحاد المغاربي ويعرقل مشروعاته للشراكة مع الاتحاد الأوروبي!
التعليقات (0)