أول تمثيل رسمي ليهود الجزائر:
مطالبات يهودية بـ 144 مليار دولار تعويضات!
بقلم/ ممدوح الشيخ
في تطور مهم أعلنت الجزائر رسميا اعتماد أول ممثلية للديانة اليهودية في الجزائر واعتمدت وزارة الشؤون الدينية فعليا ممثلية للديانة اليهودية في الجزائر يترأسها روجي سعيد وفقا لقانون تنظيم الشعائر الدينية لغير المسلمين الذي أصدرته الحكومة عام 2006. وكان روجي سعيد رئيس الجمعية الدينية اليهودية يقيم في ولاية البليدة، 50 كيلومترا جنوب العاصمة الجزائرية، قبل أن يغادر عام 1993 لفرنسا بسبب اندلاع العنف في الجزائر عام 1992 وظل يتردّد على الجزائر. وكانت وزارة الشؤون الدينية تحصي 25 معبدا يهوديا مرخصا لإقامة الشعائر الدينية اليهودية، لكن أغلبها غير مستغل حاليا بسبب تناقص أعداد اليهود الجزائريين في السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى تخوّف غالبية اليهود الجزائريين المقيمين من تنظيم شعائر دينية علنية.
وتشرف الممثلية اليهودية بالتنسيق مع وزارة الشؤون الدينية على وضعية المقابر اليهودية في الجزائر وبخاصة في تلمسان والبليدة وقسنطينة، كما تنظم رحلات سياحية لليهود إلى أحيائهم العتيقة في مدن جزائرية كتلمسان التي استقبلت قبل أعوام أول وفد يهودي يحج إلى مقبرة "قباسة" التي يرقد فيها الحاخام "إفراييم بن كاوا". وشهد العام 2005 عودة "هادئة" لليهود، ووصلت حافلات مليئة بالسياح اليهود والفرنسيين نصفهم من مواليد قسنطينة في مشهد هو الاول منذ عقود. وكان معظم يهود الجزائر غادروا البلاد بعد استقلالها عن فرنسا عام 1962 بسبب خوفهم من موجة انتقام تطالهم بعد وقوفهم ضد ثورة التحرير واستقلال الجزائر.
وكان العام 2007 شهد الكشف عن معلومات تنشر للمرة الأولى عن دور للمخابرات الإسرائيلية في دفع يهود الجزائر للرحيل بعد أن استقر لسنوات أنهم هاجروا بسبب وقوفهم ضد استقلال الجزائر. فحسب تقرير نشره مركز هيرداد بمدينة هرتزيليا الإسرايئلية قامت المخابرات الإسرائيلية بتدريب حوالي 40 من يهود الجزائر وتونس والمغرب بإسرائيل ليشكلوا فرقا شبه عسكرية سرية كلفت بمهام خاصة في الخمسينات لاسيما في الجزائر. ويظهر التقرير أن الموساد كلف شلومو غابيليو للإشراف على هذه المجموعات بعد موافقة رئيس وزراء إسرائيل آنذاك ديفيد بن غوريون وبناء على مبادرة من رجل الأعمال المغربي اليهودي الأصل سالومون أزولاي الذي فر بعد ذلك لإسرائيل والذي يصف نفسه عبر بأنه "مؤسسي الدولة اليهودية على أرض فلسطين". وقد قام بالتخطيط لهذا المشروع العسكري خلال السنوات الأولى التي تلت إنشاء إسرائيل مدير المخابرات الإسرائيلية آنذاك عيزر هاريل. وتم تدريب هذه المجموعات في ثكنات الجيش الإسرائيلي لمدة 4 أشهر خضعت للقيام بعمليات تفجير واغتيال وخطف، وبعدها خضعت لمدة 9 أشهر لتدريب إضافي في مركز للموساد في واكتسبت قدرة فائقة على الاختراق والتحسس والدعاية في الوسط اليهودي والجزائري. ومن ثم أرسلت ابتداء من سنة 1955 لتشتهر بالعديد من العمليات ضد المسلمين الجزائريين وحتى اليهود. ومن أشهر عملياتها الهجوم بالقنابل اليدوية في مايو 1956 بقسنطينة في يوم صادف آنذاك عيد الفطر بالنسبة للمسلمين وعيد الشابات "يوم الصيام" بالنسبة ليهود المدينة. وبعد ذلك وجهت الدعاية اليهودية أصابع الاتهام لجبهة التحرير وقام بعدها يهود بالانتقام من المسلمين وقتلوا العشرات منهم. وحسب رئيس هذه الفرقة شلومو غابيليون الذي غادر الموساد سنة 1960 فإن جبهة التحرير اعتقدت حينها بأن القوات الخاصة الفرنسية أو ما يعرف بفيالق الموت السرية كانت وراء هذه العملية.
واستنادا لتقرير مركز هرداد فإن مهمة هذه المجموعات كانت تتمثل أيضا في زرع الرعب وسط يهود الجزائر لإجبارهم على المغادرة الى إسرائيل التي كانت بحاجة إلى مستوطنين، حيث أشرفت من جهة أخرى هذه المجموعات على تسهيل عمليات رحيل يهود الجزائر إلى فلسطين المحتلة، بخاصة بين 1956 و 1962. وقد اتبعت المخابرات الإسرائيلية السيناريو نفسه في الفترة نفسها ضد يهود العراق لدفعهم للهجرة لإسرائيل.
ويفتح إنشاء الممثلية اليهودية في الجزائر الباب لتبعات كثيرة في مقدمتها ما يعتبره اليهود حقوقا دينية، فقد سبق إعلان القرار الجزائري إعلان يهود مولودين بالجزائر نيتهم "الحج" وممارسة طقوس "الهيلولة" هذا العام بتلمسان. ويبدي هؤلاء اهتماما خاصا بمقبرة اليهود بمنطقة قباسة، حيث ينام الحاخام آفراييم آلان كوا الذي يعد ضريحه من بين الأماكن الأكثر تقديسا لليهود، وبخاصة الحجاج منهم لأداء طقوسهم الدينية والتعبدية والمعروفة في الأوساط الشعبية بـ "الهيلولة"، وتعني الاحتفال بالطقوس الدينية وإحياء الشعائر الديانة اليهودية أمام ضريح الحاخام آلان كوا.
وإلى جانب الحقوق الدينية يتوقع أن تشهد الجزائر فتح ملف ممتلكات اليهود الذين هاجروا عقب الاستقلال سنة 1962، وتشير مصادر جزائرية إلى أن اليهود لما هاجروا من الجزائر تركوا ممتلكات هامة حسب وضعيتهم الاقتصادية التي كانوا عليها آنذاك، فالطبقات الثرية كانت تملك مساكن فخمة ومحلات تجارية كبيرة وسط تلمسان بالحي الذي يحمل اسم "درب اليهود" حاليا وهي سكنات ومحلات ذات موقع ممتاز لممارسة النشاطات التجارية. وبعض اليهود كانوا يمارسون حرفا فترك محلات بأحياء أخرى.
وبدأت المطالبات اليهودية بممتلكات يهود الجزائر تخرج للعلم في أكتوبر 2007 عندما أعلن يهود شرقيون (سفرديم) مباشرتهم أولى خطوات مطالبة عدد من الدول العربية، بينها الجزائر، بالتعويض عن ممتلكات يقولون إنهم تركوها في بلدانهم الأصلية، بعد هجرتهم لإسرائيل، وقد قامت الفيدرالية الدولية للسفرديم بنيويورك بتوزيع ما لا يقل عن 150 ألف استمارة على المعنيين المنحدرين من دول كالجزائر في محاولة لتوحيد جهودهم، ودفعهم نحو المطالبة بممتلكاتهم. وبناء على هذه الاستمارات كتبوا قوائم بالممتلكات. وفيما يخص يهود الجزائر وزعت أكثر من 60 ألف استمارة. وتلخصت مطالب يهود الجزائر آنذاك في تخيير السلطات الجزائرية بين السماح باستعادتهم ممتلكاتهم أو تعويضهم بـ 81 مليون دولار. وقد أثيرت القضية مرة أخرى هذا العام فارتفع رقم التعويض الذي يطلبونه إلى 144 مليار دولار!
التعليقات (0)