أولادك الذين من جيبك !!
من أكمل أسباب الرقي على مستوى الأشخاص والمجتمعات في كل العصور ماضيها وحاضرها ، قوتها والتي تكمن في عدة نواحي ومن أهمها الناحية الثقافية ، والثقافة في نفسها اليوم أصبحت لها جهات ومصادر كثيرة تأخذ منها إلا أن هناك جهة مشتركة بين الماضي والحاضر تبقى ناهضة وبارزة بين كل المصادر الحديثة والقديمة إلا وهي الكتاب .
فللكتاب مكانته وقيمته التي لايمكن لأي مصدر آخر أن ينازعه عليها ، لأنه المصدر الأول وشوائبه أقل من غيره أن صح التعبير.
لذلك نرى أن معظم الأماكن لا تخلو من الكتاب سواء في الجامعة أو المدرسة أو العمل ، والأهم من ذلك كله المنزل لأن الكتاب سيصاحبك فيه المدة الأطول ، فمن المفترض أن لا يكون فارغا ( إي المنزل )على أقل تقدير من مكتبة متوسطة الحجم تستطيع خدمة من بداخله وتمدهم بالمعرفة والمعلومات والإطلاع على العلوم وكل ما هو جديد أو ما بحاجته صاحب المنزل من البحوث والتحضيرات الأدبية والعلمية وغيرها.
وعلينا أن لا نبخل في الإنفاق على المكتبة المنزلية وتكوينها فكما أنفق بسخاء على بقية حاجات المنزل أنفق على المكتبة ، وينبغي أن نتذكر جيدا مقولة الكتاب والخطيب الروماني (( ماركوس شيشرون )) حيث قال ( بيت من غير كتب كجسد من غير روح).
وكما قلنا آنفا ينبغي أن أكون من مشجعي الكتاب وقراءته بل من أصدقائه في كل مكان وليس فقط في داخل المنزل أو المكتب أو المدرسة .. الخ ، وأجاد ((أبو الطيب المتنبي)) حين قال ( وخير جليس في الأنام كتاب ).
ومن هذا المنطلق يجب الحرص على الكتاب وعدم التفريط فيه والمحافظة عليه وعدم إهماله فيما لو توفرت أسباب لفقدانه أو تلفه لا سامح الله .
فمن ذلك مثلا التنقل من بلد إلى بلد ومن محافظة إلى محافظة أو من منزل إلى آخر أو حتى إعارته في بعض الأحيان ، ففي التنقل ضياع وفقدان للكثير من الكتب بل أحيانا مكتبات بكاملها تضيع هدرا، فقد تحدث لنا أحد أساتذتنا أيام الدراسة بالجامعة فقال أنه درّس بدولة الكويت وتدرك مكتبة له هناك وكذا حدث معه في مصر وليبيا وفي المملكة عندنا في محافظات عديدة ، وكذا الحال مع اثنين من الأصدقاء الذين يقرأون ويملكون مكتبات جيدة كثرت تنقلاتهم أضاعت عليهم كتبا ليست باليسيرة.
أما السبب الثالث وهو الإعارة فحدث ولا حرج فقد عانينا الكثير منه وبسببه ، فمن المفترض تبديل الإعارة بأن نعمل كما كان يعمل الأوائل بأن يجعلوا المحتاج للكتاب يدخل المكتبة ويأخذ من الكتاب ما يريد أو ينقل منه ما يشاء ثم يرحل من المكتبة من غير أن يخرج الكتاب منها، لأن خروجه بالكتاب قد يؤدي إلى عدم رجوعه إلى المكتبة أو ضياعه أو تلفه وهذا يعني خسارته الذي هو في الواقع ولدك لكنه من جيبك لا من صلبك فالكتاب هو ولدك المخلد كما يعبر عن ذلك ، (( ابن الجوزي )) في قوله ( أن الكتاب ولد العالم المخلد ) فنذكر من جديد بوجوب العناية بالكتاب لأنه من أغلى ما نملك حقا لأنه ليس عندنا أثمن من ولدنا المخلد.
محمد المبارك – الاحساء
التعليقات (0)