قد يكون ضرب الأطفال من أكثر المواضيع التي تشمئز نفسي منها و لا أستطيع رؤية طفل يوبخ أو يعنف أو يضرب لأنه باختصارلا يستطيع الدفاع عن نفسه أولا و لأنه أمانة أُسدلت لنا من الله كي نرعاها و نحفظها لا أن نجعلها مصبا لعقدنا النفسية و مشكلاتنا السلوكية ..
لكن ما رأيكم بضرب و إهانة هذه الورود و هذه البراعم الصغيرة أمام مرأى و مسمع من الناس!!!! أعني في الشارع و في الطرقات !! و أمام المارة !! أليس الموضوع ذو أهمية وشجن ولا نستطيع الاستخفاف به !!
لماذا نحن العرب و نحن المسلمون باتت أخلاقنا بهذا السوء !! وما الذي حصل لقلوبنا حتى صارت بهذه القسوة !! وأصبحنا أكثر شراسة و أكثر عنفا و فظاظة مع الجميع و مع أولادنا !! مع أننا نحيا حياة كريمة و لا ينقصنا شيء حتى نعلل غضبنا و قسوتنا !! لماذا لغة العنف سادت بيننا حتى أصبحنا نُدخل ألفاظ المجريمن في قاموسنا اليومي ( والله لأقتلك ! والله لأذبحك ! والله لأشرب من دمك !! ) و على أمور تافهة وسخيفة إن لم تكن في المزاح أيضا .. خصوصا المرأة في مجتمعاتنا باتت أكثر خشونة و جلافة !! وكذا الأم والتي عهدناها مصدرا للحنان وللعطف و للهدوء و للسكينة .. تجدها تشتم أبناءها وتعنفهم في الأسواق و في كل مكان و على أقل الأسباب و كأنها رئيسة مافية أو بنت شوارع !!! أو كأنها كانت يوما من الأيام ضابطا متمرسا على تعذيب السجناء و إهانتهم في المعتقلات !!!
لماذا استشرى العنف اللفظي والعنف المعنوي في مجتمعاتنا العربية حتى طال أطفالنا !! فلم نرحمهم من سوء أخلاقنا و لم تستعطفنا عيونهم البريئة من أن ننزل فيهم ألوان العذابات و الآلام سواء كان من أجل أمور مهمة أو من أجل أمور تافهة خصوصا المادية منها !! لمَ لا تُوضع قوانين صارمة من حكوماتنا و من مؤسسات الدولة المهتمة بالشؤون الداخلية للمجتمع تحول دون تعرض الأبناء لمثل هذا العنف الأسري البغيض !!
ألا نخشى على الأجيال القادمة من الدخول في دهاليس المخدرات و متاهات الانحراف بأنواعه !! العنف الأسري من أهم أسباب الانحراف ( إن لم يكن سببها الوحيد ) .. واليوم نرى أن هذا العنف الأسري تحول إلى عنف مجتمعي وظاهرة مجتمعية منتشرة في كل مكان .. في الأماكن العامة و في المتاجر .. فضلا في الأساس داخل البيوت حيث لا رقيب و لا حسيب إلا الله .. فأين هي الأعين الأمينة و العقول الحكيمة التي تضع حدا لهذا العنف البشع !!
و من هنا و من منبر إيلاف أناشد المسؤوليين في الشؤون الداخلية و مؤسسات الآداب العامة و كل من له دور فاعل في هذا الموضوع ألا وهو ( العنف ضد الأطفال ) أن يُصعد هذا الموضوع .. و أن لا يستهين بخطورته مستقبلا و أن يعرضه على أصحاب القرار في بلده بحيث
يُغرم كل من يخرق الآداب العامة و يمارس ( أي ) عنف ضد الأطفال من ضرب أو سب أو إهانة أو حتى تهزيء و امتهان أمام الناس بدفع غرامة مالية أو حبس أو أن تُرفع عن هذا الوالد أو هذه الوالدة الحضانة لعدم توفر الأهلية لها ..
من كل قلب أتمنى أن تصل هذه المناشدة للمسؤولين و أن يصل صداها للآفاق ..
و أطيب المنى لأطفالنا وفلذات أكبادنا بحياة آمنة بعيدة عن العنف الأسري ..
التعليقات (0)