أوضاع اللاجئيين السودانيين في القاهرة
القاهرة: حذيفة محي الدين
hozifa_2000@yahoo.com
مقدمة:
لم تكن أحداث او ما تعرف بمجزرة (ميدان مصطفي محمود) الشهيرة للاجئيين السودانيين بجمهورية مصر العربية هي المحطة الأخيرة لمعاناتهم التي راح ضحيتها (56) مواطن وفقدان (70) طفل وعشرات الجرحي.حيث تبلغ اعدادهم حوالي 220227 لاجئ حسب اخر إحصائية للمفوضية في اكتوبر المنصرم منهم 723 مسجلين ولم ينظر في ملفاتهم (ملتمسى اللجوء) والبقية معترفين بهم كلاجئيين حسب اتفاقية 1951 و1969 .و مازال اللاجئيين في مختلف أنحاء جمهورية مصر العربية يعانون الأمرين وذلك لعدم وجود الحماية الكافية لهم مما أدي لمقتل عدد من السودانيين بصورة تعسفية ودخول العشرات منهم للسجون المصرية إضافة للتجاهل الكامل لمفوضية الامم المتحدة للاجئيين لقضيتهم وتجاهلهم لأكثر من (7) سنوات مما نتج من كل ذلك مغادرة ما يقارب الـ(6000) لاجئ خلال هذه الفترة للتسلل والدخول لإسرائيل.
بداية الأزمة:
قرار المفوضية العليا لشئون اللاجئيين (مكتب القاهرة):
أصدرت المفوضية العليا لشئون اللاجئيين قراراً في يونيو 2003م يفيد بوقف التعامل مع اللاجئيين السودانيين والإكتفاء بمنحهم حماية محدودة ومؤقتة في مصر.
وجد هذا القرار انتقاداً واسعاً من اللاجئيين وعدد من الناشطين الحقوقيين وطالبوا بقيام حملة واسعة لمناهضته باعتباره تمييزاً ضد اللاجئيين السودانيين وانتهاكاً واضحاً لحقوقهم الواردة في اتفاقية 1951م وغيرها من المواثيق الدولية لحقوق الانسان والتي نصت مواردها علي عدم التمييز لأي سبب من الأسباب بما في ذلك العرق أو البلد.
مبررات واهية:
جاء تبرير القرار من المفوضية العليا للأمم المتحدة بحدوث التقدم الذي تم في مباحثات السلام بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان مما اعتبرها كثير من المراقبين انها مبررات واهية ولا تمت لواجب المفوضية تجاه اللاجئيين بصلة وذلك لأن الأصل في عملية البت في طلب اللجوء هو أن تكون حالة طالب اللجوء تنطبق او لا تنطبق مع المواثيق الأساسية وهي في مصر اتفاقية 1951 وبروتكول 1967م وكذلك اتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية ، وأن تكون المبررات التي يقدمها طالب اللجوء لفراره من بلاده تنطبق مع المعلومات المتوافرة لدي المفوضية عن الأوضاع في تلك البلد التي قدم منها طالباً اللجوء وأخيراً التأكد مما اذا كان طالب اللجوء سيعاني اضطهاداً من اي نوع لو عاد الي بلاده أم لا.
يقول عبدالله ادريس حنظل مسئول الدراسات والبحوث بمركز السودان المعاصر للدراسات والإنماء بالقاهرة: قد شهدت السنين الأخيرة وصول الكثير من السودانيين الي القاهرة وطلبوا اللجوء خاصة أبناء دارفور وكان ذلك في أعقاب دخول حركة العدل والمساواة لأمدرمان والإعتقالات التي اعقبت تلك الأحداث مما ساهم في هجرة أعداد كبيرة ومطالبتهم بحق اللجوء.كما أن التوقعات من كثير مراكز الدراسات والتنبوءات باحداث عنف ومشاكل في حال انفصال الجنوب أيضاً ساعد في هجرة الكثيرين من السودانيين ومطالبتهم باللجوء.ويضيف حنظل أن هذه كلها حجج موضوعية دعت كثير من السودانيين بالتماس اللجوء ولا بد من المفوضية العين لهم بعين الإعتبار والنظر في أمرهم.
عدم وجود حماية للاجئيين في مصر:
طيلة الفترة التي قضاها اللاجئيين السودانيين بعد قرار المفوضية كانت الأسوأ علي الإطلاق دون ان يحصلوا علي اية حقوق من اي نوع اللهم إلا (الورقة الصفراء) (وهو كرت الحماية الذي يسلم لطالب اللجوء يمنحه اقامة مؤقتة وحماية) ، ومفهوم الحماية هو أن يتحرك محامون مفوضون من المفوضية لإخلاء سبيل أحد طالبئ اللجوء اذا تم الإشتباه فيه والقبض عليه. وهي في الواقع الحماية معطلة حيث في أغلب الأحيان لا يسمح للمحامي بمعرفة مكان وجود الشخص المقبوض عليه أو رؤيته فضلاً عن التمكن من اطلاق سراحه وحتي لو تقاضينا عن معاناة طالب اللجوء من قرار المفوضية فما ذنب المئات من هولاء الذين تم منحهم وضع اللاجئ بالفعل ليمنعوا من اعادة توطينهم في دول اخري ليبدءوا حياة جديدة ليظلوا بدلاً من ذلك في (طوابير) الإنتظار دون مبرر سوي إحتمال أن تتحسن الأوضاع في بلادهم ؟،إن قرار المفوضية يعكس الآية فبدلاً من البت في شأن طالبي اللجوء واللاجئيين بناء علي القواعد الواجب إتباعها فيمنح المستحق وضع اللاجئ حقه في اعادة التوطين ثم اذا تحسنت الظروف في بلاده يكون له الحق في العودة (طوعياً) إليها تقرر المفوضية بدلاً عنه دون ان تعطيه الحق في ممارسة حقه.
التسلل لإسرائيل:
يقول رئيس رابطة (الأما) لجبال النوبة أنهم في وضع غير آمن ويمكن ان تحدث لنا إعتقالات ونسجن ونرحل الي السودان دون أدني حقوق لنا هذا ما دفع كثير من اللاجئيين السودانيين للهروب الي اسرائيل من جراء ما يواجهونه هنا في مصر من عدم وجود الحماية لهم كلاجئيين بالرغم من أنهم معترف بهم عالمياً ويحملون البطاقات (الصفراء) أو (الزرقاء) وهم في انتظار التوطين . وقال ان المفوضية العليا لشئون اللاجئيين اصبحت تنفذ قرارات الحكومتين السودانية والمصرية دون اي اعتبارات قانونية كما حدث في احداث ميدان مصطفي محمود.
ويذهب سامي شكا – لاجئ- المسئول الثقافي لرابطة جبال النوبة العالمية لـ(السوداني) ان تسلل اللاجئيين السودانيين لإسرائيل في الغالب نتيجة لعدم وجود الحماية وخوفاً من دخول السجون المصرية والترحيل للسودان. وقال شكا كما ان هنالك إغراءات من بعض الموظفين المصريين في المفوضية بدفع اللاجئيين لدخول اسرائيل وذلك لتورط عدد من موظفين المفوضية المصريين ببيع ملفات اللاجئيين السودانيين داخل مفوضية الامم المتحدة لمصريين سافروا بملفات سودانيين.. وقال ان هنالك كثير من الحالات التي تم ضبطها .. كمثل مصري يسافر باسم لاجئ سوداني من جنوب السودان.ويضيف عبدالله حنظل (مركز السودان المعاصر للدراسات) اننا رصدنا ان الجهات المتورطة في التهريب في الغالب هم ضباط مصريين والدور السوداني دور ضعيف جداً أو يمكن ان يطلق عليه (مسّهل)فقط.وعند تحققنا من ذلك من عدد من السودانيين الذين دخلواالي اسرائيل فقال لنا أحدهم :" عند مرورنا بالبوابات عند الحدود المصرية الاسرائلية فالأمن المصري سأل الدليل المصري الي أين ذاهبون فقال له : هولاء سودانيون تابعين للباشا فسمح لنا بالدخول".ويضف حنظل أن مصر بإمكانها وقف دخول السودانيين الي اسرائيل إن هي ارادت ذلك.
يقول رافع علي- مدني –لاجئ:
وصلت مصر منذ10 سنوات وتقدمت لجوء سياسي لمكتب المفوضية 2001م وتم قبولي والاعتراف بي كلاجئ واخذت بطاقة اللجوء بانتظار التوطين بموجب القانون ولكن المفوضية لم تلتزم بالتزاماتها تجاهنا كلاجئيين وتوفر لنا الحماية والإعانة والسكن والتعليم والعلاج لكن للأسف لم يحدث هذا والمشكلة الأساسية التي تواجهنا ان الموظفين بالمفوضية حوالي 80% منهم مصريين ومعينيين من قبل الحكومة المصرية ومعروف تعاملهم معنا كسودانيين باستفزاز واضطهاد ودونية ونتج ذلك من تواطؤ الحكومة السودانية مع المصرية وهذا يؤكد عدم حياد مفوضية الامم المتحدة وحتي منظمة (كارتاس)التي تتعاون مع الامم المتحدة والمفوضية تقوم بتمييز بين اللاجئيين في تقديم الخدمات وعندما نحتج اليها يتم تهديدنا بجهاز امن الدولة والشرطة والترحيل القسري والتعذيب.كما ان البطاقات التي منحتها لنا المفوضية فالسلطات المصرية تتعامل معها كورقة ليس الا ويتم التعدي عليها بالتمزيق من قبل رجال الشرطة في احايين كثيرة وهي في الواقع لا تكفل لك اي حماية والدليل علي ذلك اعتقال كثير من السودانيين والزج بالعشرات في السجون المصرية وتعزيبهم بالرغم من امتلاكهم لبطاقات اللجوء
ويذهب علي الي ان وضعهم ووجودهم في مصر اصبح غير مجدي يقول:فقبل احداث (مصطفي محمود) لم يتم توطيننا ما بالك بعدها فالامر زاد سوءاً فحقيقة ان احداث مصطفي محمود كشفت الحكومة المصرية والمفوضية لان كل التقارير التي وردت بعد الحادث اثبتت ان هنالك فساد في مكتب المفوضية فتورطوا في بيع ملفات سودانيين سفّروا بها مصريين ووطنوهم في كندا واستراليا وتم كشفهم في استراليا وهم الان محبوسين
فاصبح اللاجئيين السودانيين الان مطوقين من قبل المفوضية
ك م طبيب سوداني 65 عام -لاجئ يقول: انه اتي في العام 2002م وتقدم بطلب لمفوضية الامم المتحدة للاجئيين ومفترض ان تكون المفوضية لها مقرات في الحدود لاستقبال اللاجئيين ولكن في الواقع هي موجودة في وسط القاهرة
فانا الان موجود في القاهرة ومعي اولادي واسرتي ونعاني من عدة مشاكل في التعليم والعلاج والتعامل الغير لائق من قبل المصريين وكان من المفترض ان المفوضية ان تجهز لنا (مخيمات) للاجئيين وهم دائما يبررون تبرير غير موضوعي ويقولون: انهم لم يعملوا مخيمات (لان السودانيين اخوتنا واشقاء ولا يمكن ان يسكنوا في مخيمات؟؟؟)وايضاً هنالك لاجئيين غير سودانيين والمقصود من الامر كله الاستفادة مادياً من ايجار الشقق
وبعد احداث (مصطفي محمود) والمضايقات التي طالت اللاجئيين والتعامل معهم علي اساس انهم مجرد مشردين ومروجئ مخدرات وعصابات ضاقت بهم مصر ففكروا في السفر الي اسرائيل
ونحن الان اصبحنا (مخللين) المفوضية اعطتنا (البطاقة الزرقاء) بانتظار التوطين ولا اعانة ولا تعليم للاولاد ولا علاج ووعدونا باعطاءنا 300الي 200جنيه لتعليم الاولاد وعندنا اولاد مفترض يدخلوا الجامعة فوضعهم كيف يكون ؟؟؟ايفضلوا علي هذا الحال؟؟وانا طبيب اعمل في مركز تطوعي يعني بدون عمل (فانا هنا معصور) ولو مشيت السودان (مابتخليني) لاني عندي (case) مع الحكومة السودانية وهي موجودة الي الان وانا وضعي هنا في مصر غير مريح فلا بد من التفكير في حل ثالث.هل اذهب الي اسرائيل ؟مثل كثير من الذين فضلوا هذا الخيار؟ طبعا غير ممكن لي لأن معي اولادي وثانياً ان الفكرة كذلك ما مقبولة لي كعربي ومسلم فلا يمكن ان اكون (كالمستجير بالرمضاء بالنار).فزمان كانت هنالك حرب ونحنا اتينا والان جاء السلام ونحنا موجودين فنحنا نعتبر نفسنا (ضحايا الحرب والسلام) هذه المتناقضات بين الحرب والسلام ونحن في نفس وضعنا لم يتغير شئ.
عبدالعزيز عبدالباسط :55عاماً- لاجئ:
يقول وصلت الي مصر سنة 1991م وتقدمت بطلب للجوء في العام 2002م وتم قبولي واحمل (بطاقة زرقاء) اما اوضاعنا في مصر السوداني في مصر لا يتم التعامل معه معاملة انسانية فنحن كلاجئيين لا يسمح لنا بالعمل وفي نفس الوقت المفوضية لاتقوم بدورها تجاهنا فلا توجد مخيمات ولا توجد اعانات حتي يتمكن اللاجئ من العيش الكريم فهو الان في حالة اضطرار للعمل الهامشي والذي هو عمل مناقض للقانون (غير شرعي) فيتعرض اللاجئ بموجبه للمضايقات من الاجهزة المختصة وفي نفس الوقت يكون علي هذا الحال لأنو(ما باليد حيلة).
عندما ذهبت للمفوضية لاستخراج تصريح عمل رفضوا وقالوا هذا ليس من اختصاصاتهم وذهبت لمكتب العمل فطالبوني احضر موافقة من رئاسة الجمهورية وعندما ذهبت لرئاسة الجمهورية في سرايا القبة قالوا لي اذهب الي مكتب مصر الجديدة وعندما ذهبت اليها قالوا لي اذهب الي مكتب عابدين واصبحت في دائرة مفرغة والي الان انا ما قادر استخرج تصريح عمل.
وقت سألتهم عن الحريات الاربعة قالوا لي( هذه مطبقة عندكم فقط نحن مش عندنا)تقول لهم ليه ما مطبقينها ويقولوا لنا (ان حكومتكم هي اللي عاوزة كدا).
سودانيون في السجون المصرية:
اقسام الشرطة المصرية ترفض فتح اي بلاغات للسودانيين عندما يكون الطرف الآخر مصري الجنسية.هذا ماقاله محمد حسين (مركز السودان المعاصر للدراسات) و تتضارب الروايات حول الرقم الحقيقي للسودانيين من بين العدد الكبير للمعتقلين الأفارقة في السجون المصرية؛ غالبهم طالبي لجوء أو لاجئين من إقليم دارفور كانوا قد اعتقلوا خلال حملة اعتقالات للسلطات الأمنية منذ شهر يناير الماضي أو تم القبض عليهم متسللين عند الحدود مع ليبيا و إسرائيل والسودان أو من الطرقات والشقق والمقاهي بالقاهرة.
تشير تقارير السجون لتواجد السودانيين بالسجون المصرية بأرقام وحالات مقلقة للقانون الدولي والضمير الإنساني. ونؤكد أن الإحصائيات الدقيقة لنزلاء السجون والمعتقلات غير متوفرة؛ وأن أوضاع المعتقلين والمسجونين مقلقة للغاية؛ خاصة في ظل تعرضهم للتعذيب واتهامات تفتقر إلى المصداقية والأدلة؛ إذ ترفض الجهات الأمنية المصرية أن يوكلوا محامين من طرفهم ويتعرضون لمحاكمات انتقائية.
إن وضع السودانيين نزلاء السجون المصرية ومن ضمنهم اللاجئين وطالبي اللجوء في ظل عدم قدرة المفوضية السامية لشئون اللاجئين على تحمل مسئولياتها تخلق واقعا إنسانيا مريرا، يوخز الضمير الإنساني ويضع المسئولية على عاتق نشطاء الضمير الإنساني الحي وحقوق الإنسان والمنظمات الدولية الحقوقية والإنسانية المصرية والأجنبية لكي تتحرك بفعالية أكبر.
كما أن الدولة المصرية مطالبة بتقديم بيانات حقيقية حول أعداد الأفارقة في سجونها؛ وتبيان أرقام النزلاء السودانيين وأسباب اعتقالهم وطبيعة أوضاعهم الصحية. بالإضافة للتحقيق في حالات التعذيب والقتل والعمل على من اجل السماح بتوكيل محاميين من طرف المعتقلين للدفاع عنهم المحبوسين.
يقول محمد حسين (مركز السودان المعاصر للدراسات) أن المركز قام بعملية إحصاء في الشهور السابقة في بعض السجون المصرية وكانت بواقع :
110 سوداني بسجن سيناء و55 بسجن العريش و25 بالسجون الصغيرة – أماكن الحبس- و11 في سجن طرة البلد وقد تمت محاكمة (7) منهم وأكملوا المدة وهم الآن مجهولين المكان.كما ان هنالك 14 في سجن القناطر. وغالب تهمهم هي أنهم يقومون بترحيل السودانيين الي اسرائيل وبعضهم بتهمة تلقي اموال من اسرائيل وآخرين تم القبض عليهم في الحدود مع اسرائيل.
قصة إغتيال عوض هجانة:
عوض سليمان هجانة لاجئ سوداني يحمل بطاقة لاجئ (زرقاء) من ابناء الدلنج عمره (47) عاماً متزوج من بنت عمه (حنان) وله طفلين (ضحي ، بشارة) (ضحي) عمرها عامان وتعاني من مرض السكري و(بشارة) عمره (4) سنوات . كما تعاني أمهم أيضاً من مرض (السكري والضغط) . وظل عوض مقيم بمصر منذ حوالي الـ(9) اعوام فهو ناشط مدني واجتماعي.
أصل الحكاية:
في تاريخ 17/10/2010م وكعادته في تمام الساعة الثانية عشرة مساءً كان قادماً من العمل (فاللاجئيين وطالبئ اللجوء من السودانيين الذين ينتظرون قرار المفوضية بشأنهم لشهور بل لسنوات في احيان كثيرة والذين لا يتمتعون باي حقوق إقتصادية أو إجتماعية ، يضطرون للعمل بشكل غير شرعي في المصانع وفي الأعمال الهامشية كالخدمة في المنازل وأعمال البناء وغيرها بأقل الاسعار الممكنة ليتمكنوا من ايجاد قوت يومهم ) وفي اثناء مروره وهو متجه الي شقته( مقر اقامته) في الحي العاشر بمدينة نصر شاهد مجموعة من الشباب المصريين في وسطهم بنتان سودانيتان قاصرتان تتراوح اعمارهم بين (12-13) عاماً يصرخن صراخاً شديداً والشبان يحاولون الاعتداء عليهم وقد كانوا (6) فتيات قادمات من محطة مكرم عبيد بمدينة نصر في طريقهم الي الحي العاشر لحضور حفل عيد ميلاد صديقتهم ،فتمكنن (4) فتيات من الهرب وتبقت الفتاتان ، وما كان من (عوض) الا ان يتدخل لحماية الفتيات وكان الشبان المصريين او ما يعرفون بـ(البلطجية) قد نهبوا هواتفهم النقالة(موبايلات) وحلييهم التي يلبسونها ، وبعد تدخل (عوض) قاموا بضربه هو ايضاً واخذوا موبايله وقاموا بتهديده بالقتل وهم يسألوه (إيه دخلك في الحوار دا) فقال لهم (هن بنات اختي) . واخذ الفتيات وذهب بهم الي (نقطة الحي العاشر) وفي هذه اللحظات كانت الفتيات اللاتي هربن قد ابلغن والدي الفتاتين بما جري لهن فاتي علي الفور الي الحي العاشر وبعد معرفته انهن في النقطة ذهب اليهن ووجد معهم (عوض) فقام بالاتصال الي (رئيس مكتب حكومة الجنوب بالقاهرة)فتحدث معه وطلب منه اعطاءه الضابط المناوب وطلب منه بحل المشكلة قبل ان تتطور.
إحضار المتهمين :
وبعدها تم احضار المتهمين لنقطة الحي العاشر وتم ارجاع الموبايلات للبنتان و(عوض) ولكن لم يتم تسليمهم الحُلى.
الإعتداء علي عوض:
وبعد خروج (عوض) من نقطة الحي العاشر بمدينة نصر تم ضربه من الخلف بعصا غليظة في رأسه من قبل احد المتهمين ويدعي(عادل صابر راتب) الذي اعترف لاحقاً بالحادثة ودخل (عوض ) في غيبوبة علي الفور فشاهدت (اسيا الرضي) احدي الفتيات السودانيات اللائي يسكن في الحي لحظة ضربة (عوض) فقامت بالاتصال بالاسعاف وتم نقله بالاسعاف وتم رفض استلامه من قبل (4) مستشفيات عرض لها وهي: مستشفي الدمرداش ، المستشفي الإنجيلي في العتبة ، مستشفي القصر العيني الفرنسي ومستشفي القصر العيني القديم وتم رفضه كذلك من مستشفي السنابل (بحدائق القبة) فما كان من (اسيا الرضي) الا الاتصال باحد اعضاء رابطة (الاما) وهو بدوره قام بالاتصال بمسئولة في (منظمة كارتاس) وهي منظمة متعاونة مع مكتب اللاجئيين في تقديم الخدمات الطبية للاجئيين) وقامت مسئولة (كارتاس) بالاتصال بالمفوضية العليا لشئون اللاجئيين بان هنالك احد اللاجئيين في حالة خطرة وفي مستشفي السنابل وكان ذلك في صباح اليوم الثاني حوالي الساعة (11 ص) حيث قضي عوض داخل عربة الاسعاف كل هذا الوقت متنقلاً بين المستشفيات وبعد اتصال المفوضية بمستشفي السنابل تم استلامه ولكن المستشفي لا توجد به خدمات (عمليات كبيرة) وذلك في رد المستشفي للمفوضية فما كان من المفوضية الا ان قالت لإدارة المستشفي بان يتم حجزه حتي تخرج روحه وبالفعل تمت وفاته في اليوم 19/10/2010م الساعة الثالثة صباحاً.
الجدير بالذكر ان المستشفي الإنجيلي بالعتبة إحدي المستشفيات التي لديها تعاقد مع المفوضية لمعالجة اللاجئيين كانت قد رفضت حالة(عوض).
لا مساواة ولا عدالة امام القانون:
وكما ذكرنا آنفاً فان اقسام الشرطة المصرية ترفض فتح اي بلاغات للسودانيين خاصة عندما يكون الطرف الاخر مصري الجنسية.
يقول سامي شكا والذي تسلم ملف (عوض) بعد الحادثة مباشرة أنه ظل في تماطل وتسويف من قبل الشرطة المصرية ورفضها (فتح محضر) بل دخلوا معنا في مغالطات في أن المجني عليه كان في حالة (سُكر) وتارة يطالبني باحضار الشهود وتارة اخري باحضار يقول لي اذهب الي قسم أول شرطة مدينة نصر في (مكرم عبيد) وعندما اذهب الي القسم يتم ارجاعي مرة اخري لـ(النقطة) مجدداً وهكذا..؟؟
وبعد الحاحي وتمسكي بالقضية طلب مني احضار الشاهد علي الجريمة فحضرت علي الفور (اسيا الرضي) وسألها الضابط من هل تتعرفي علي اي احد من المجرمين ؟فقالت انها يمكنها التعرف عليهم وعند احضار المتهمين وبينهم المجرم (عادل صابر راتب) الذي قام بضرب (عوض) فقالت (اسيا) إنه هو واشارت الي (عادل صابر راتب) وقام المجرم (عادل صابر ) باحضار بقية معاونيه وعددهم (13) وفي التحري إعترف بأنه هو الذي قام بضرب عوض.وبالرغم من كل ذلك وبالرغم من حضور الضابط نفسه في وقت وقوع الحادث (نقطة الحي العاشر) لكن كان يرفض فتح المحضر وبعد إصراري الكثير أخذني الضابط (علي الجنب) وقال لي يا سامي (هل انت بتتهم حد معين علشان نخلص الحوار دا؟) فقال له سامي نعم انا اتهم (عادل صابر راتب) فبعدها قام بفتح المحضر وكان ذلك في صباح اليوم الثالث من الحادثة في الساعة 2:30 صباحاً وطالبني بالحضور الساعة السابعة صباحاً في نفس اليوم من أجل ادخال المحضر للنيابة .
يقول (شكا) فلم أنم في ذلك اليوم حتي جاءت المواعيد المحددة فذهبت حتي لا اعطيهم اي ثغرة ، وعند وصولي تم ادخال محضري فوراً . وطالبوني بالمتابعة في محكمة مدينة نصر (الحي السابع ) وبدأت مرحلة جديدة للمماطلة وطالبوني باحضار الشهود وبدأوا التحريات مرة اخري.
نقل الجثمان الي المشرحة:
منذ حدوث الوفاة في اليوم الثاني في مستشفي السنابل وحتي اليوم الرابع كان الجثمان متواجداً في غرفة في المستشفي دون تحويله الي المشرحة وكاد ان يتعفن . ويقول (شكا) الي أن تم الأتصال بزوجة المرحوم (حنان) ومطالبتها بالحضور لاستلام جثمان زوجها . بعدها تعرفنا ان الجثمان لم ينقل الي المشرحة. فرضنا استلام الجثمان حتي يأتينا تقرير الطبيب الشرعي فقال لنا وكيل النيابة ان التقرير سوف يستغرق شهراً كاملاً . فطلبنا إحضار مندوب من مفوضية الأمم المتحدة لحضور الإستلام.
وعند حضورنا للإستلام اتصلت علينا محاميه من مفوضية اللاجئيين بالتلفون تدعي (هبة) وطالبتنا باستلام الجثمان حتي لا يتعفن ومحامية أخري تدعي (أميرة ) وهما محاميتان متعاونتان مع مكتب المفوضية (قانونياً وإنسانياً) .ولكننا أصررنا علي حضور المندوب .
فقامت المحاميتان ببعث إيميل للمفوضية لإيفاد مندوب لإستلام الجثمان.
وفي النهاية أوفدت المفوضية مندوب لمتابعة وحضور تسليم الجثمان وكان لا علم له بالقضية. فبدأ يسألنا عن تقرير الطب الشرعي محل المشكلة !!
مدير مستشفي السنابل:
يقول رئيس رابطة جبال النوبة دخلنا مع محامي المفوضية لمدير مستشفي السنابل وسألناه عن سبب عدم نقل الجثمان للمشرحة فقال ليس هنالك جهة أمرته بذلك .. وسألناه عن فترة وجود الجثمان بالمستشفي فأجاب أنه متوفي له (5)أيام وعن رأيه في اسباب تعطيل الجثمان في النقل للمشرحة .. فأجاب ربما يكون وكيل النيابة استخرج القرار ووجد تماطل من قسم أول مدينة نصر في عدم تنفيذ هذا القرار.
ولمعرفة ملابسات الأمر وعدم نقل الجثمان الي المشرحة طالبنا بالذهاب لوكيل النيابة في الحي السابع مدينة نصر .
مسئول سوداني رفيع يتدخل :
طالب مسئول سوداني رفيع السفارة السودانية بالقاهرة بالتدخل والتحقق في الأمر. فبعد ذلك تحولت القضية الي أمن الدولة المصري وتم إحضار اسعاف السفارة السودانية ونقل الجثمان الي المشرحة . وتكشف لنا الأمر بأن وكيل النيابة كان يكذب علينا وأن تقرير الطب الشرعي يستغرق اسبوع فقط والتقرير الأولي يصدر خلال نصف ساعة .
لجنة السفير السوداني:
شكل سفير السودان لدي القاهرة لجنة قانونية برئاسة (علاء) فباشر مهامه من التحري الأول . وعند استلامه للملف كانت كل المعلومات خاطئة وملفقة مما بدأنا في التحري من جديد باحضار الشهود . حتي الإسماء كانت مكتوبة بصورة خاطئة وكذلك رقم المحضر.
دفن الجثمان :
بعد عشرة أيام متكاملة من وفاة (عوض) تم دفنه ولم تنتهي بعد قضيته وهي من بين عشرات الضحايا التي لم تفتح ملفاتهم بل وودت وهي تحتاج لعشرات الحلقات لقص ملابساتها .أما قضية (عوض) فهي الآن في أضابير المحاكم في انتظار الحكم العادل.
التعليقات (0)