" بوقت قصير تحول الفردوس الى جحيم". بهذه البلاغة الموجزة، وصف رئيس وزراء النرويج، يانس ستولتنبرغ، الوضع بعد العمليتين الارهابيتين. أعلنها بلا إنفعال غريزي، بل بملامح حزن عميق، وذهول غير مصدق لما حصل.
لم يصدر أيّ اتهامات جزافا، ضد أي طرف، لا هو ولا أي حزب آخر من أحزاب اليسار أو اليمين. رغم الخوف والارتباك الذي أصابنا جميعا، نحن الأجانب"، من أن يكون أي طرف سلفي، قد قام بها. وقد تبنى تنظيم" أنصار الجهاد العالمي" مسؤوليته، رغم أن الاسم قد يكون وهميا.
وقد أعلن رئيس الوزراء، صراحة ومنذ اللحظات الأولى، "بأننا سنواجه الكراهية، بمزيد من الحرية وبمزيد من الديمقراطية وبمزيد من التسامح". لم تعلق الأحزاب النرويجية على اختلاف مشاربها، على الموضوع، لأن هناك رئيس وزراء تكلم بإسم الشعب النرويجي!
تحولت أوسلو في الأيام القليلة الماضية، الى كرنفال للزهور من مختلف الأنواع والألوان، من مختلف أطياف الشعب النرويجي، من كل الجنسيات والألوان، الأشقر والأسود والأسمر!
طوفان الزهور والمشاعل والشموع، كانت في مواجهة مع منجل الكراهية الذي حصد أطفالا وشبانا في عمر البراعم والزهور.. الورود التي ارتفعت بها الأيدي، شكلت حدائق معلقة في الهواء.. كان هذا الردّ الانساني، على كراهية التطرف الديني للإنسانية التي تؤمن بالانسان أولا وآخرا!!
مشهد آخر يظهر بشاعة الكراهية وتشويهها لكل جميل في الحياة.. جزيرة خضراء متوحدة مع بحرها وخضرة أشجارها وغناء طيورها، والأطفال الذين جاؤوها من كل صوب، يردد الفضاء صدى ضحكاتهم البريئة.. وحيث البحر يدغدغ أسماعهم بموجه الهادىء.. لكن منجل الكراهية، نثر الجثث البريئة في كل مكان.. بين الأشجار وعلى العشب وطفى بعضها متأرجحا فوق الماء!!
نعم هذا التناقض بين جمال الإنسانية والطبيعة التي وحدت الشباب من كل الأطياف والألوان في حياة تعبد مع الجمال، وبين قبح التعصب الديني!! قتل، تفجير، قسوة، إرهاب، كله بإسم الرب! لا فرق بين بن لادن وبين أندرس بيفيك.. الإجرام يوحّد المتطرفين من كل الأديان!!
لكن أوسلو، لم تذعن لإرهاب التطرف، وقابلته بالإصرار على المضي في التسامح والحرية والديمقراطية.. وهي لن تغيّر عادتها! ويوم طوفان الورود الذي غطى، كل ساحة وكل منعطف، وكل زاوية، والغناء العاطفي... بكينا يا أوسلو وعرفنا كم نحبك ونحبك ونحبك الى أبد الآبدين.. فقد علمتنا كم أن الإنسانية أرقى من التطرف، وأن التسامح أحلى من الإنتقام..
التعليقات (0)