مواضيع اليوم

أوسكار 2009 ؛ علامة استفهام كبيرة .. !!

سعد الياسري

2009-02-26 22:11:51

0

أوسكار 2009 : علامة استفهام كبيرة
(قراءة في جوائز الأوسكار لعام 2009)

 
 
مدخل :
لمّا كانت جائزة (الأوسكار) هي الأرفع في عالم السينما ؛ صار من صميم واجبنا كمتابعين و متذوّقين لهذا الفن أن نقف باهتمام و قلق على ترشيحاتها ، ومن ثمّ جوائزها التي تذهب في بعض الأحيان إلى الأفلام الخالدة حقًّا .. و في أحيان أُخَر إلى علامات استفهام كبيرة .. كما حدث في هذا العام .. رغم أنّي لا أقيّم أهميّة الأفلام من حيث حصولها على تلك الجائزة .. و أشرتُ إلى هذا في مناسبة سابقة .
 

 
أفضل فيلم :
لا أظنّ بأنّ متابعًا جيّدًا ؛ يمتلك قدرًا لا بأس به من العدالة والذوق .. سيصف فيلم (المليونير المتشرّد) بأكثر من عبارة (لطيف) ؛ و إن كان فيلمًا هنديًّا بامتياز .. يحتوي على كل مقوّمات الميلودراما السّاذجة . و اللطافة هنا هي التوصيف الأكثر دقّة حين تكون في دائرة المنافسة أفلام بحجم (حالة بنجامين بوتن الغريبة) و (القارئ) و (ميلك) و غيرها .
ولا أظن – أيضًا – بأنّ متابعًا جيّدًا ؛ شاهد عيون السينما العالمية ، سيقول عن حصول الفيلم ذاته على ثماني جوائز أوسكار من ضمنها أفضل فيلم إلاّ (يالها من خيبة) . و أنا لا أبخسه حقّه في التصوير و المكساج والمونتاج وبعض الأمور الفنية الأخرى ، ولكن أن يكون هذا الفيلم علامة سينمائية فهو ما لا أراه .. ولا أدري علام استندت قرارات المقيّمين الذين يتجاوزن الـ 5000 متخصّص حين منحوا الجائزة لهذا الفيلم .

أفضل ممثّل أول :
قبل أسابيع كتبتُ مقالاً استعرضت فيه عددًا من الأفلام الهامة لعام 2008 [هنا] ؛ وكان فيلم (ميلك) من بينها ، وأذكر بأنني قلت بوضوح حول الفنان (شون بين) : (لمّا كان هذا الرجل لا يقدّم تنازلات كبيرة فإنّه في نفس الوقت لا يجترح معجزات فنية إلا ما ندر . و يمكنني – وهو رأي شخصي يستند إلى الكثير مما يؤيّده – أن أعتبر فيلمه الأخير "ميلك" إحدى علاماته الفارقة) . ولم أكن أظن بأي حال أن يحصد شيئًا ؛ بل كنت أثق بأنّ الجائزة لن تخرج تخرج عن محيط (ميكي رورك) لبراعته و الأداء المبهر الذي قدمه في فيلم (المُصارع) ، وبدرجة أقل (ريتشارد جينكينز) عن دوره في فيلم (الزّائر) .. وليس لقصور في النجم البارع (شون بين) الذي أدّى دورًا صعبًا ، في فيلم هام من نواحي السياسة والحقوق والحريات في أميركا .. ولكنّه – أي شون بين - لم يكن مقنعًا بأنّ الذي أمامنا هو (شاذ جنسي) ، إنّما كان مؤدّيًا لشخصية الشاذ ، و ثمّة فرق شاسع .
الأكاديمية كما عودتنا ترجّح من مكانة بعض الأعمال وفقًا لهوى وحاجات في نفسها وليست حاجة واحدة على الإطلاق .. و ما تجاهل (ول سميث) - الذي عوضوه على ما يبدو بفقرة تقديم  - و فيلمه الهام و المُبتكَر (سبعة باوندات) إلاّ دلالة على سلوكيات الأكاديمية غير العادلة وفق رأيي . ومن هذا المنطلق يمكنني اعتبار هذه الجائزة و لهذا الفيلم تحديدًا تصب في خانة المودّة و الإخوانيات واحترام الأقلّيات و المثليين و ما إلى ذلك .. و التي تنشدها أميركا الجديدة بعد تسنّم الرئيس (أوباما) منصبه ، و ليس لأنّ (شون بين) كان بارعًا .. هذا ما أعتقده على الأقل .

 
أفضل ممثّل ثانوي :
يجب التفريق بين أداء المتمكّن الرّاحل (هيث ليدغر) وبين سلسلة أفلام (باتمان) ، حيث أنّه من الظلم أن يحاكم وفق رؤيتنا لتلك السلسة و التي أعتبرها كما يعتبرها المتابعون الجادّون أفلامًا تجارية بحتة .. وإن كانت تحتوي على أفكار اجتماعية و فلسفية عميقة في بعض الأحيان .
حين شاهدتُ أداء (هيث) الذي توفي العام الماضي عن عشرين عامًا بسبب جرعة مفرطة من المخدّرات ؛ كنتُ على درجة تقترب من اليقين بأنّه سيحصل على الجائزة .. ويكفي أن ننظر إلى المشهد الذي يزور فيه (هارفي) في المشفى و يجلس قبالته ويقول : "أيّة خطّة ؟ هل أبدو لكَ كمن لديه خطّة ؟ لست سوى كلب ؛ يلاحق السيارات المسرعة و لايعرف ماذا سيفعل لو أمسك بها" . ولا أستبعد هنا الأبعاد الإنسانية | التكريمية لتلك الجائزة . و يبقى أن أشير إلى هوىً خالج نفسي في أن يحصل (فيلب هوفمان ) عن فيلم (الشّك) على الجائزة .


 

أفضل ممثّلة أولى :
أعتقد بأنّ فيلم (القارئ) واحدٌ من الأفلام المتكاملة ؛ و أستغرب كيف لم يترشّح بطله الشاب الرائع (ديفد كروس) على سبيل المثال لجائزة أفضل ممثل . ولكن أن يكون الفيلم بارعًا لا يعني بالضرورة أن تكون بطلته الجميلة (كيت ونسلت) ناجحة تمامًا .. فأنا أعتقد – دون عشوائية في اختيار المفردات – أنّ (ميرل سترب) هي الأحق بالجائزة عن دورها في فيلم (الشّك) الذي أشرت إليه أعلاه ؛ و الذي لم يفسده سوى تقييد الفكرة و عدم الخوض في الشك بمحمولاته الفكريّة العميقة . فمن شاهدها – أي ميرل - في هذا الفيلم و لم يقتنع تماما بأنّها "راهبة" متطرفة في اعتقادها وإيمانها و نفورها الاجتماعي .. عليه أن يعيد الكرّة .  و هنا أيضًا يجب الإشادة بأداء (أنجلينا جولي) في (المُستبدَل ) ، و بدرجة أقل أداء (ميليسيا ليو) في (النهر المتجمّد) .
مرّة أخرى يتّضح لنا تلاعب الأهواء في هذه الجائزة التي أرجّح أسبابًا سياسيّة كنقد النازية  والإشارات إلى محرقة اليهود .. و مسألة (الذنب الألماني) التي ما زالت تدغدغ الذائقات . كلّ هذا بالإضافة إلى جمالية الفيلم – كما أشرتُ أعلاه - و ليس بسبب أداء (كيت ونسلت) .. أقول كلّها أدّت إلى هذه النتيجة في رأيي . وتلك الأسباب ذاتها استبعدت أصلا أن يترشّح فيلم (تشي) [جزءان] و الذي يمثّل قصّة حياة الثائر (تشي جيفارا) و الذي أدّى دوره النجم الرائع (بينسيو ديل تورو) الذي كوفئ في مهرجان (كان - 2008) عن هذا الدور ، وهو الأحقّ بالاهتمام من قبل (الأوسكار) أكثر من سيرة مدافع عن حقوق (المثليين) . و من هنا يمكننا تكرار التساؤل الخالد : هل هي جائزة لتقييم وتقدير الفن .. أم لمحاكمة الأفكار والانتماءات الحزبية ؟
 

 
أفضل ممثّلة ثانويّة :
من شاهد الأسماء الخمسة المترشّحة عن خمسة أفلام سيثق بأنّ الجائزة محصورة بين (آمي آدمز) عن دورها في فيلم (الشّك) أو (بينولبي كروز) عن دورها الماتع في فيلم (فيكي كريستينا برشلونة) . وأعتقد بلا مبالغة أنّ الجائزة ذهبت إلى المكان الصحيح ، حيث أنّ الفيلم (فيكي كريستينا برشلونة) حكاية حياة . فيه عاطفة وذكاء .. فيه تدفّق غير محدود من المشاعر و الفكاهة و التفاصيل ، فيه مناظر خلاّبة و صورة فاتنة ، فيه براعة في توظيف تقنيات الغرائز و الجنس و الإثارة . أعتقد بأنّه يستحق الجائزة و يستحق أن نقول عنه (رائع) حقًّا .

 


 

أفضل موسيقى تصويرية :
أعتقد بأن موسيقى فيلم (التحدي) لمبدعها الموسيقار البارع (جيمس نيوتن هاورد) قد ظُلمت في حمّى (المليونير المتشرّد) ، حيث لا فرصة أمام هذا الزخم . و لكن في ظروف أخرى و بعدالة أكثر يجب ألا تخرج جائزة أفضل موسيقى تصويرية لغيره . موسيقى الفيلم تخاطب أجواء (بيلاروسيا = روسيا البيضاء) . و تتحدث بأبعاد معاناة الفارّين اليهود وقتذاك . موسيقى هذا الفيلم تستحق أن تعامل بجدّية أكبر .. و تستحق أن تُقيّم – وإن خارج المحافل – على أنّها متكاملة . و عليه ؛ أجد بأنّ منح جائزة أفضل موسيقى تصويرية لفيلم (المليونير المتشرّد) أمر مبالغ فيه إلى حدٍّ كبير .
 

 
جوائز متفرّقة :
جائزة أفضل إخراج تذهب لفيلم  (المليونير المتشرّد) أيضًا ، فيما يحصل فيلم (حالة بنجامين بوتن الغريبة) على جائزة أفضل إخراج فني ، وكأنّها طريقة مثالية – في رأيهم – للإمساك بالعصا من المنتصف . وهكذا يتم استبعاد فيلم (القارئ) من جائزة كان أحقّ بها .. بدلاً عن جائزة أفضل ممثلة عن الأداء (الباهت) في رأيي لـ (كيت ونسلت) . أمّا في مجال السيناريو الأصلي فمن الغريب فعلاً استبعاد (في بروج) و (النهر المتجمّد) . فهما أحقّ بكثير  من (ميلك) . في حين جائزة السيناريو المقتبس تذهب إلى (المليونير المتشرّد) . و أنا هنا سأبتعد قليلاً عن أولويات و تعريفات السيناريو ؛ و أقول بأنّ (في بروج) و (النهر المتجمّد) يخاطبان الغرائز الإنسانية الأولية في البقاء حيًّا ، والتضحية ، و بالحلم ، ويعالجان مشاكل هامة كالجريمة ، والهجرة غير الشرعيّة ، والامومة في بعض نواحيها ، هكذا قصص تمثّل مقطوعات سردية بارعة ولم تكتب فقط لأجل التمثيل وإن كان دافعها سينمائيًّا بحتًا يعتني بوصف المشاهد والشخصيات و نموّ الحدث .. وهي – في رأيي - أبعد أثرًا مما تمّ اختياره للأسف .. و لكنْ في النهاية كانت الجوائز في هذا المجال مقبولة .


 

خاتمة :
ما تناولته عبر هذه المدوّنة ؛ كان منطلقًا من رأيي وذائقتي الفنيّة والسينمائيّة و الموسيقيّة ، و التي لم تتدهور إلى الحدّ الذي لا يمكنني فيه التمييز بين القيمة الفنيّة العالية .. و القيمة التجاريّة الثمينة . لقد كانت ترشيحات (الأوسكار) و الجوائز بمثابة نقطة نظام تسترعي انتباه القائمين على تلك المؤسّسة ؛ و طريقتهم العشوائيّة في التعاطي مع قيمة الأعمال ، التي لا تخلو من الغبن في بعض الأحيان .
 
 
إعلانات ترويجيّة :
 
لمشاهدة إعلانات الأفلام الواردة في سياق مقالي عبر :
 
اضغط أدناه :
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
سَعْد اليَاسِري
السّويد
شباط | 2009



التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !