الخميس 04/06/1982
إليكَ يا سيدي، أكتبُ كلماتي ، التي تكاد تخرج من داخلي كالعاصفة ، تدوي لتملأ كل مكان ..
باختصار شديد .. أنا لن أقولَ هذه الكلمات لكَ بالذات ، أنا أقولها إلى ذاك الشخص الذي كبر معي وساعدني على مثابرة الطريق .. إنه الإنسان الذي لم أفكر قط ، أني سوف أجده على أرض الواقع .. لكن لحسن حظي ـ وليس دائما ـ وجدته ..
وجدته فيك يا أملي .. نعم .. أملي ..
لأنك بعثتَ الأملَ والحبَّ في نفسي ، بعد أن أيقنتُ أنه ليس في الوجود شيءٌ اسمه : حب ..
لكنني أحببتك .. أحببتك في فترة كنتُ في حاجة إلى مثل هذا الحب .. وكم أنا سعيدة لأنني وجدتُ الحبَّ الذي طالما بحثتُ عنه ..
وأنا لا أطلبُ منك شيئا أبدا .. أريدُك أن تعلمَ فقط ، أنني أكنّ لكَ من الحبّ ما يملأ الدنيا ..
أحبكَ .. لأجلي فقط .. فمهما تكنْ مكنوناتُ نفسك ، ومهما تكن أهدافك وغاياتك .. لا يعنيني ذلك بشيء لأنني لا أطلب منك شيئا ، ولا أطلبُ منك أن تبادلني نفسَ العاطفة التي أكنُّها لك ..
يكفيني أنني عشتُ أجملَ اللحظات التي طالما رسمتُ لها ، وتصورتُها .. ( في خيالي ، وليس بكاميرتك ..) .
في هذا اليوم : الخميس 04/06 ، وبعد الكلام الذي فضَحَ ما يستقرُّ في داخلي .. وفي طريق العودة إلى البيت ، تسارعت الخواطرُ إلى ذهني .. تارة إيجابية ، بالنسبة لك ، وتارة سلبية .. منها :
قلتُ لنفسي : ربما يعتقدُ نفسَه أنه يستطيعُ السيطرة على أي فتاة من بناتِ حواء ، ومهما يكنْ عمرها ، ومهما يكن الفارق بينها وبينه .. ولكني عدتُ وقلتُ : ليقلْ ما يقول .. يكفي أنني أحسستُ معه بالصدق ..
كلماتٌ وأحاديث لن أنساها أبدا ..
والشيء الذي يزيد إعجابي في هذا الموضوع ، هو أنني أنا التي جَرَتْ بالقرب منك ، نوعًا ما .. حتى لو كنتَ انتهازيا أو زير نساء .. ( عفوًا ) ..
شيءٌ وحيدٌ أعرفه ، ولا أشك فيه : أنني أحتاجُ إليكَ بشكل كبير .. وليتني رأيتكَ منذ فترة ، لأنني بحاجة كبيرة لك ..
لا أشك في لحظة أنني ارتحتُ إليك ، وأعجبْتُ بك .. وربما في بعض اللحظات ، أقول بأني : أحبك .. نعم أقولها بصراحة : أحبك .. أحبك ..
أشعر بالذنب لهذا الكلام ، ربما أكثر منه أيضا ..
ففي فترة الامتحان ، أي الفترة التي رأيتك فيها لم يخطرْ على بالي .. مع أني في فترة تتطلبُ مني عكسَ ذلك ، وأنا في نهاية خطبتي .. وأيام قليلة ، وأنخلع من هذا الواقع الذي لم أصدّق أنه بين يدي ..
صدقني .. لا أعرفُ كيف حصل كلُّ هذا .. كيف تجمَّعتْ وتكونت المشاعر والأحاسيسُ في أيام قليلة ..
صدقني .. إنني لم أعرفْ شيئا سوى أنني ، في لحظة من اللحظات ، قلتها وبصدق .. أحبك ..
وأقسمتُ أنني مهما تطلبْ مني سوف أجعله مباحًا لك .. لأنني أيقنتُ أن المبادئَ والقيمَ التي كنتُ أتحلى بها ، ليستْ إلا نقطة الضعف ، والعصا الغليظة التي يستندُ إليها كلُّ ضعيفٍ لا يستطيعُ أن يغيّر من الواقع والتقاليد شيئا ، فينسبُ ضعفَه إلى المبادئ والقيم ..
أما القويُّ ، فليس بحاجة إلى عصا ليستند عليها .. إنه يقف على قدميه قويا ، متحديا ، بلا مبادئ ولا مُثل عليا ..
( أكتبُ هذه الخواطر بسرعة كبيرة ، ولا أعرف لماذا ؟؟ )
إني لا أصدّق ما أنا فيه .. إنه كالحلم .. كالطيف الجميل السريع ..
أعلمُ بأنكَ تشعرُ بكبرياء ، وعزة نفس ، عندما تسمعُ مثل هذه الكلمات توَجَّه إليك ، وبأنكَ تشعرُ بالانتصار والفوز ..
( على فكرة : معك حق .. )
مهما قلتُ ، ومهما نسبْتُ لكَ من سلبياتٍ ، فإن ذلك لا يغيّر شيئا مما بداخلي .. فأنا أريدُ أنْ أقولَ هذه الكلمات التي ربما تمسُّكَ بشيء ، لأنني أرفض أفكاري ..
فخيالكَ بين طابقة الجفون .. وذكرُكَ في الخواطر والسكون .. وحبّكَ قد جرى في العظم مني ، كجري الماء في ثمر الغصون ..
ويوم لا أراك ، يضيق صدري ، وتغدرني العوازل في شجوني ..
أيَا مَنْ قد تملكني هواه ، وزادَ على محبته ، جنوني ..
خفِ الرحمن فيَّ ، وكنْ رحيمًا هواك إذ أتتني ريبُ المنون ..
وداعُكَ مثلُ وداع الحياة .. وفقدُكَ يشبه فقدَ النديم ..
أكتب هذه الخواطر ، بعد أن وضعتُ كاسيت عبد الحليم ، وخاصة أغنية ( الليالي ) .. وكما أحببتُ هذه الأغنية من قبل ، والآن أحبُّها أكثر .. وخاصة المقطع الأخير منها ، إذ يقول فيه :
" يا حبيبي عشت أجمل عمر في عينيك الجميلة ، عشت أجمل عمر ..
أوصل الأيام مع الأحلام بقوة شوق جميلة .. للرموش السمر ..
يا حبيبي ، كفاية أحبك ، وأرتوي من عطف قلبك ..
وأنسى بكره ، وأنسى بعده ، وأفتكر بس ، أني جنبك .."
صدقني .. كل كلمة من هذا المقطع ، لها أصول في نفسي وخاطري ..
وكل كلمة وكل شيء في هذا الكتيب ، له معنى في نفسي ..
لقد وجدتُ أن هذه الأبيات من الشعر الحديث لنزار قباني ، تعبّر عما في خاطري .. فأرجو أن تتقبلها مني :
" يا سيدي العزيز ..
هذا خطابُ امرأة حمقاء ..
هل كتبَتْ إليكَ قبلي امرأةٌ حمقاء ؟؟
اسمي أنا ..
دعْنا من الأسماء ..
رانية ، أمْ زينب ، أمْ هند ، أمْ هيفاء ..
أسخفُ ما نحمله يا سيدي : الأسماء ..
يا سيدي :
أخاف أن أقولَ ما لدي من أشياء ..
أخافُ ـ لو فعلتُ ـ أن تحترقَِ السماء ..
فشرقكم يا سيدي العزيز ..
يصادر الرسائلَ الزرقاء ..
يصادرُ الأحلامَ من خزائن النساء ..
يمارسُ الحَجْرَ على عواطف النساء ..
يستعملُ السكين .. والساطور ..
كي يخاطبَ النساء ..
ويذبحُ الربيعَ والأشواقَ والضفائرَ السوداء ..
شرقكم ، يا سيدي العزيز ..
يصنعُ تاجَ الشرفِ الرفيع من جماجم النساء ..
لا تنقدْني سيدي ..
إن كان خطي سيئا ..
فإنني أكتبُ .. والسيّافُ خلفَ بابي ..
وخارجَ الحجرة صوتُ الريح والكلاب ..
يا سيدي !
عنترة العبسي خلف بابي .. ( مع العلم ، أحب أشعار عنترة )
يذبحُني إذا رأى خِطابي
يقطعُ رأسي لو أنا
عبّرتُ عن عذابي
فشرقكم يا سيدي العزيز
يبايعُ الرجالَ أنبياء
ويطمرُ النساءَ في التراب ..
لا تنزعجْ !
يا سيدي من سطوري
لا تنزعجْ !
إذا كسرْتُ القمقمَ المسدودَ من عصور ..
إذا نزعتُ خاتمَ الرصاص من ضميري ..
إذا تمردْتُ على موتي .. على قبري .. على جذوري ..
لا تنزعجْ يا سيدي ..
إذا أنا كشفتُ عن شعوري
فالرجلُ الشرقيُّ .. لا يهتمُّ بالشعر ولا الشعور ..
(حذفتُ أبياتا هنا لأني لا أريدُ أنْ أقولها لكَ )
معذرة يا سيدي
إذا تطاولتُ على مملكة الرجال ..
فالأدبُ الكبير ـ طبعا ـ أدبُ الرجال ..
والحبُّ ـ كان دائما ـ من حصة الرجال ..
خرافةٌ حرية النساء في بلادنا ..
فليسَ من حريةٍ أخرى سوى حريةِ الرجال ..
يا سيدي !
قلْ كلَّ ما تريدُه عني .. فلن أبالي ..
سطحية .. غبية .. مجنونة .. بلهاء ..
فلمْ أعدْ أبالي ..
لأنَّ من تكتبُ عن همومِها
في منطق الرجال ، تدعى : امرأة حمقاء ..
ألمْ أقلْ في أول الخطاب :
إني امرأة حمقاء ؟؟!! " ( لكن .. أنا لستُ كذلك ..)
لا أحبُّ اللونَ الأصفر ، لأنه يدل على الأنانية ..
وأنا لست كذلك .. فيما أنت لا أعلم ..
لذلك ، لن أكتبَ عليه ، سوى هذه الصفحة ..
مقتطفات نثرية :
ـ إن العمرَ لا يُحتسَبُ بالسنين ، ولكن ، يحتسب بالإحساس ..
والإحساسُ لا يكتمل ولا ينضج إلا بالحب ..
إحسان عبد القدوس
قال جبران خليل جبران :
إذا حجَبَ الظلامُ الأشجارَ والرياحينَ عن العين ، فالظلامُ لا يحجُبُ الحبَّ عن النفس ..
على فكرة :
أنا في فترة من الفترات التي مررتُ بها ، كنتُ من أشد المغرمين بكتب " جبران " ، فلقد قرأتُ عددًا كبيرًا من قصصه ..
" إن للألم غبطته ، ولليأس لذته ، وللموت عظته ، وكل شيء جميل ، وكل شيء لذيذ ..
كيف نضجر وللسماء هذه الزرقة ، وللأرض هذه الخضرة ، وللورد هذا الشذى ، وللقلب هذه القدرة العجيبة على الحب ، وللروح هذه الطاقة اللانهائية على الإيمان ؟؟!!
كيف نضجر وفي الدنيا منْ نحبه ، ومنْ نعجَب بهم ، ومن يحبوننا ، ومن يُعجَبون بنا ؟؟!! "
" نجيب محفوظ
زقاق المدق "
هذه المقتطفات ، لم أخترْها من لا شيء .. بل إن لكل منها معنىً وهدفًا ، للعلاقة التي نحن في صددها ..
هل أستطيع أن أسميَها كذلك ؟؟
لا .. لن أسميَها كذلك ، لأنني في حالة نفسية ، لم أعتدْ أن آخذ القرارات في مثل هذه الحالات ..
لكن شيئًا وحيدًا أفهَمُه ، هو أني أعجبْتُ بشخصِكَ .. وأني ......... لا أستطيع أن اكتبها خوفا من عدم قدرتي على الحفاظ عليها ..
ولكنْ في هذه اللحظة ، أنا متأكدة منها ، وربِّ الكائنات متأكدة ..
إن تناسيتما ودادَ أناس فاجعلاني في بعض منْ تذكران
اذكرني
سلامٌ كثيرُ المسك يُهديه خاطري
إليكم ، وأشواقي على البعد أكثر
فإنْ لم تكنْ عيني تراكم فإن لي
لسانًا بدالي بالدعاء ، ويِشكر
التعليقات (0)