يثبت الرئيس الأمريكي (باراك أوباما) في كل مرة أنه ليس مراهقا سياسيا جاء الى السلطة صدفة، فهو مثلا تبين أنه يعرف بالضبط لمن يرسل رسائل التهديد و الثبور و التحذير من عواقب الأمور و بالمقابل يعرف الى أين يرسل رسائل الترغيب و الإستمالة ، لانه في الأخير لا يريد أن يعرض حياته السياسية للخطر .
فبالأمس سمع الجميع برسالة (الضمانات) "الأوبامية" التي حملها المبعوث الامريكي الى الشرق الأوسط (جورج ميتشل) و سلمها الى "رئيس الوزراء الإسرائيلي" (بنيامين ناتنياهو)، وهي رسائل و صفت بـ"النادرة والغير مسبوقة" في تاريخ العلاقات الأمريكية "الإسرائيلية"، و تتضمن ضمانات أمريكية لـ"اسرائيل"، و كل الحكاية والغاية لكي تواصل في تمديد تجميد البناء في المستوطنات لشهرين قادمين.
و لكن من فترة ليست بالبعيدة ربما لا تتجاوز بعض الاسابيع، نفس ساعي البريد ذاك حمل رسالة الى رئيس السلطة الفلسطينية (محمود عباس)، ولكن كانت رسالة "شكل ثاني"، رسالة محتواها و غايتها على النقيض تماما من الرسالة الأولى سالفة الذكر.
الرسالة آن ذاك تحدث عنها الجميع بعد ان نشرتها صحيفة (الحياة) اللندنية، و كانت تحمل تهديدا صريحا لعباس ان لم يوافق على المرور الى المفاوضات المباشرة بالرغم من تعثر المفاوضات الغير مباشرة او ما سمي بمحادثات التقريب و التي لم يستطع عباس خلالها ان يفرض الشرط الذي قدمه بوجوب تجميد الإستيطان قبل أي خطة اخرى متقدمة معتمدا و قتها على وعود أوباما السابقة.
"المستر أوباما" و قتها هدد "السيد عباس" أنه في حال لم يسهل الإنتقال الى المفاوضات المباشرة و أصر على موقفه فأن ذلك، بحسب نص الرسالة، سيكون له "تبعات على العلاقات الفلسطينية الأمريكية" و انه في حال الموافقة سيعمل أوباما على الإلتزام بالدولة الفلسطينية و اقامتها و في حال العكس " لن يقدم أي مساعدة" هكذا حرفيا كما ورد في الرسالة.
اذا الرئيس أوباما يعرف جيدا عندما ارسل رسالة الضمانات الى نتنياهو أن هذا الاخير ورائه راي عام يمثله و يعبر عنه و يعود اليه في كل مرة ، يدعمه عند الحاجة و يحاسبه اذا لزم الأمر ، لذلك لا يستطيع الا أن يقدم له الحوافز و الإغراءات، و لكنه من الجانب الآخر يعلم أن محمود عباس يمثل رأي (ياسر عبد ربه و احمد قريع و نبيل أبو ردينة و المشهراوي..)، أي لا رأي عام فلسطيني ضاغط عليه و بالتالي لا رأي عام يهمه الإنصات اليه و التحسب منه عند كل خطوة و مفترق.
لذلك رجاءا لا تنصتوا كثيرا و لا تصدقوا كثيرا "لاءات" عباس و لناته" عطفا على الـ "لن" التي يكررها كثيرا هذه الأيام، و القائد الكبير يعرف بمواقفه في اللحظات الحرجة في تاريخ شعبه و يصر عليها مهما كان حجم الثمن الذي سيدفعه كما كان (ياسر عرفات)، و لكن من ينحني عند أقل ضغط لا يستحق أن يقال عنه أنه رئيس للشعب الفسطيني أو انه ممثلا و ناطقا باسم الحق الفلسطيني.
التعليقات (0)