العنوان أعلاه هو دلالة عن العلاقة التي جمعت الرئيس الأمريكي بالعالم العربي و الإسلامي و قضاياه، وهو ما يهمنا من رئاسة أوباما لأمريكا، خلال السنة الأولى لحكمه .
فربما شعار "التغيير" و الذي رفعه أثناء حملته الإنتخابية لوحظت ترجمته تقريبا في العديد من القضايا ان كانت داخلية أو خارجية، و لعل العلاقة مع روسيا بتطوراتها المستجدة من اهم تجليات ذلك التغيير و أوضحه، الا في ما يخص قضايا العالم العربي و الإسلامي.
فكلنا لازلنا نتذكر تلك الكلمات الرنانة الطنانة المنمقة و التي شنف بها أوباما آذاننا، سواء من أنقرة أو من على منبر جامعة القاهرة، و هو يمتدح "المجتمع الاسلامي"، و لست أدري ما المقصود بال "المجتمع الإسلامي" هنا و هي العبارة التي استخدمها.
طبعا و غيرها من الكلمات الفضفاضة التي على ما يبدو لم تغني و لم تسمن من جوع، ليكتشف بعد حين أن فن السياسة ليس مثل فن الخطابة، و أن خطابه ذاك لم تسعفه حقائق السياسة ليترجمه. لذلك فنظرة سريعة على الملفات التي انتظر فيها تغيرا نحو الإيجاب ستكون أكبر حجة لمن لم يرد أن يفهم منذ البداية أن الولايات المتحدة دولة مؤسسات و لوبيات و ليست دولة أفراد حتى و لو كانت "نواياهم حسنة".
القضية الفلسطينية
و هذه تعتبر بالنسبة لشعوب المنطقة أهم محك يمكن أن تختبر عنده "النوايا الحسنة"، فأسهب و "أصر أصرارا و الحاحا "على حل الدولتين و أضاف من عنده "تفضلا" مسألة تجميد المستوطنات و بالتالي "تورط"، أخلاقيا على الأقل و ورط معه رئيس سلطة رام الله "محمود عباس" الذي استقوى بالوعود "الأوبامية" و أعلن بدوره شرطه بتجميد الإستيطان للجلوس مرة أخرى على طاولة المفاوضات و بقي ينتظر "الفرج"، و لكن الفرج لم يأتي لأن السيد أوباما اكتشف أنه كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية لا يستطيع أن يغامر بالعلاقة الإستراتيجية مع "اسرائيل" من أجل عيون العرب و الذين حصل أسلافه و سيحصل من يخلفه على ما يريدون منهم دون أن يكونوا مضطرين لدفع أثمان باهضة في هذا الصدد.
و اليوم و مع تلك الحركية التي تشهدها القاهرة على وجه الخصوص نعلم أنه ستقع مواصلة نفس "الموال" الأول و الذي دام 18 سنة، و ربما في نهاية 18 سنة أخرى من المفاوضات، قد يأتي "أوبام" جديد يعدنا بتغيير جديد.
الحرب على أفغانستان
تقريبا في اليوم الذي تسلم فيه أوباما جائزة نوبل للسلام قرر وضمن استراتيجيته "الجديدة" تجاه أفغانستان، قرر ارسال 30 ألف جندي اضافي الى هناك.
وبالرغم من أنه من يقول دائما أن الحرب على أفغانستان هي حرب ضرورة و ليست حرب اختيار، الا أن مثل هكذا قرارات لا تدلل على ذلك، فمالذي سيغيره 30 ألف جندي اضافي على الأرض اللهم الا صيدا ثمينا آخرا لمقاتلي طالبان.
هو يعلم و الكل يعلم ان المشكل سياسي و ليس عسكري فليتركوا أفغانستان للأفغانيين و يرحلوا كما رحل أسلافهم المحتلين من هناك لأنه الحل الوحيد، لذلك فالتغيير هنا أيضا معدوم و كان كلام في كلام فمن كانت حربه حرب ضرورة يحب أن يقصد الحلول الحقيقة بخصوصها لكي يتفادى الخسائر "الضرورة" هي الأخرى.
الوضع في العراق
ربما الوضع في العراق يبدو أقلا و طئا و أرقا بالنسبة للإدارة الأمريكية، ليس لأن الوضع هناك على مايرام، و لكن لأنها تقريبا و بعد توقيع الولايات المتحدة على الإتفاقية الأمنية مع حكومة المنطقة الخضراء تم ضمان ما جيئ من أجله، فقد وقع تفكيك الدولة العراقية الحديثة و التي كانت قائمة منذ عقود و حل الجيش الوطني و استبدل بقوات مخترقة من طرف مليشيات ولائها ليس عراقيا، وأسست لحياة سياسية ينخرها الإصطفاف الطائفي، و في المقابل ترسيخ للوجود الأمريكي استخباراتيا تأطره أكبر سفارة أميركية في العالم.
لذلك فالوجود العسكري الأمريكي المباشر و الملاحظ لم يعد له فائدة، بل على العكس من ذلك، الإنسحاب من المدن في فترة اولى ثم الخروج من العراق في مرحلة لاحقة يجنب الإدارة الأمريكية خسائر هي في غنى عنها، ، اذا التغير هنا تحصيل حاصل و سيقع حتى ولو كان الرئيس هو جورج بوش بأفكاره المحافظة.
لذلك الأكيد أن النوايا الحسنة فقط لا تكفي فنحن نعرف مثلا ماهو موقف الرئيس أوباما أثناء حملته الإنتخابية حيال مسألة التغيرات المناخية و الإنحباس الحراري و وجوب وجود التزام دولي بخصوص ذلك، و لكن أثناء قمة المناخ التي انعقدت مؤخرا في العاصمة الدنماركية كوبنهاغن شهدنا كيف تعرض الرئيس أوباما نفسه لضغوطات من اللوبيات التي تحرك الكونغرس كي لا يوقع أية اتفاقية قد تلزم الولايات المتحدة بخطوات لا تناسب التكتلات الصناعية و المالية الكبرى هناك، و هو ما أدى الى خروج القمة ببيان باهت و عائم ليس فيه أي التزام من الدول الصناعية الكبرى باتجاه العالم و باتجاه المخاطر التي تهدد الكرة الأرضية، و لو أنه كانت هنك نوايا مشجعة تحلى بها الجانب الصيني و الهندي و لكن نكوص الولايات المتحدة أدى الى تراجعها هي الأخرى عن أي التزام
التعليقات (0)