فيكتور ديفز هانسون
أصدر الرئيس الأميركي باراك أوباما، أخيراً، مرسوماً بإعفاء ما يتراوح بين 800 ألف ومليون مهاجر غير شرعي من عواقب قانون الهجرة الفيدرالي. وينطبق ذلك العفو الشامل ظاهريا على أولئك الذين وصلوا قبل سن 16 عاماً وتقل أعمارهم عن 30 عاماً؛ وأولئك الذين يدرسون في المدرسة الثانوية أو تخرجوا منها أو خدموا في الجيش؛ وأولئك الذين لم يدانوا بارتكاب جناية أو جنح متعددة. وفي حين أن معظم الأميركيين يتعاطفون مع مساعدة أولئك الذين تم إحضارهم إلى الولايات المتحدة وهم لايزالون أطفالا، وتمت تنشئتهم كأميركيين فعليين، والتزموا بالقوانين، فإن سياسة إعفاء مئات الألوف منهم بشكل جماعي يمكن أن تشكل على المدى الطويل سببا للمشكلات أكثر من كونها حلا لها.
أولا، التوقيت الساخر. ففي عامي 2009 و2010، حظي الديمقراطيون بأغلبية عظمى في مجلس الشيوخ وأغلبية في مجلس النواب، وكان يمكنهم بسهولة أن يسنوا مثل هذا القانون رغم كل المعارضات. فلماذا تم إصدار المرسوم في سنة انتخابية صعبة؟
ومن ثم هناك مشكلة الدستورية، وهي مسألة خطيرة بشكل خاص بالنسبة لأستاذ القانون الدستوري السابق باراك أوباما، الذي خاض الانتخابات على أساس أنه سيعيد احترام مبدأ الفصل بين السلطات.
ولكن كما اتضح من إبطال حكم دائني شركة «كرايسلر»، ومحاولة إغلاق مصنع «بوينغ» غير الخاضع للتنظيم النقابي بولاية ساوث كارولينا، والعزوف عن تطبيق قانون «الدفاع عن الزواج»، واستخدام صلاحيات السلطة التنفيذية للامتناع عن تسليم وثائق «فاست أند فيوريوس»، فإن هذه الإدارة الأميركية تتجاوز أحيانا الكونغرس الصعب الآن لمجرد أن تفرض سيطرتها بموجب قرار رسمي.
ويتعارض هذا التصرف مع زعم أوباما سابقاً بأن إصداره عفوا بحكم الأمر الواقع لن يتفق مع دوره الصحيح كرئيس للبلاد.
ومن الناحية النظرية، فإن الحكومة الفيدرالية تعامل الأجانب غير الشرعيين حاليا على أساس كل حالة على حدة، مخصصة موارد محدودة لتحديد من يجب ترحيلهم على وجه السرعة ومن لا حاجة إلى ترحيلهم.
ولكن بالنظر إلى أن الذكور اللاتينيين في ولاية مثل كاليفورنيا يتسربون من المدارس الثانوية بمعدل يقرب من 40%، فهل ستسفر السياسة الجديدة عن عمليات ترحيل عاجلة؟ أي هل سيتعين علينا، بمجرد اختيارنا لأولئك الذين لن يتم ترحيلهم، أن نطارد الألوف الذين تسربوا من المدراس أو عاشوا على المساعدات التي تقدمها الدولة أو أدينوا بارتكاب جرائم؟ وكيف لنا أن نتأكد من العمر وطول مدة الإقامة؟
ومنذ وقت ليس ببعيد، أخبر الرئيس الأميركي، في إطار شرحه لرغبته الشخصية في نوع من العفو، القادة اللاتينيين بأنهم بحاجة الى «معاقبة أعدائنا» في الانتخابات.
ولكن هل تشكل الهجرة غير الشرعية القضية المهمة الوحيدة بالنسبة للاتينيين؟ تظهر بعض استطلاعات الرأي أن المجتمع اللاتيني ينقسم بالتساوي تقريبا على الحدود المفتوحة. وهذا أمر مفهوم، بالنظر إلى أن وجود 11 إلى 15 مليون أجنبي غير شرعي يغطي الملف الوطني للنجاح اللاتيني.
وفي الولايات الجنوبية الغربية، يشارك المواطنون الأميركيون من أصول لاتينية في زيادة التكاليف المرتبطة بارتفاع معدلات السجن وهبوط درجات الاختبار والخدمات الاجتماعية المرهقة بالضرائب، والتي تعكس، في جزء منها على الأقل، الجهود الكبيرة المبذولة لاستيعاب أولئك الذين وصلوا بصورة غير شرعية من أفقر المناطق في أميركا اللاتينية. ويمكن لمنتقد ما أن يجادل بأن أرباب العمل ونخب سياسات الهوية اشتركوا في الترحيب بالأجانب غير الشرعيين، حيث أراد أرباب العمل عمالة رخيصة، فيما أرادت النخب مزيدا من الناخبين. ولكن خفض الأجور في الأوقات الصعبة، وزيادة تكاليف الحكومة لا يعودان بالنفع دائما على الشركات الصغيرة والعمال الأميركيين المبتدئين، الذين تنحدر أعداد متزايدة منهم من أصول لاتينية.
وأخيرا، فهل من الحكمة أن نربط سياستنا المتعلقة بالهجرة بشكل وثيق جدا بالأصل والعرق، بدلا من الجدارة الفردية والظروف؟ في الوقت الحاضر، نحن نساوي تدفقات ضخمة بأميركا اللاتينية، لا سيما المكسيك.
إلا أننا ننسى أن الآسيويين يشكلون الآن أكبر مجموعة من المهاجرين الجدد. وجميعهم تقريبا يأتي بشكل قانوني، والعديد منهم يصل برأس ماله وتعليمه الجامعي ومهاراته المتخصصة.
وبالسير على خطى الرئيس الأميركي في عام الانتخابات، فهل يتعين علينا أن نتوقع من المجتمع الآسيوي، على غرار جماعات الضغط اللاتينية، أن يطالب بمزيد من التأشيرات للجماعات المشابهة؟ وهل ينبغي لنا أن تتنازل الآن عن قواعد هجرة اللاجئين الاقتصاديين من الاتحاد الأوروبي الآخذ في الانهيار؟
إن قرار الرئيس الأميركي ملطخ سياسياً، ومشتبه به دستورياً، وذو توقيت ساخر وتخطيط سيء.
التعليقات (0)