الرئيس الأميركي باراك أوباما حجز لنفسه محلا في التأريخ بصفته أول رئيس أسود لأميركا، لكنه لا يقنع بهذا المحل، ويريد مكانة رئيس عظيم من رؤساء أميركا التاريخيين من مستوى أبراهام لنكولن، وهو مؤهل لهذا الطموح.
في عهده الاول حقق أوباما في أربع سنوات أكثر مما حققه رؤساء آخرون في ثماني سنوات، بالرغم من قيام الحزب الجمهوري بدور الإعاقة، أول وأهم إنجازاته قانون الرعاية الصحية مما اعتبر أهم تشريع اجتماعي منذ المجتمع العظيم الذي صنعه روزفلت وانتشل أميركا من الكساد الكبير.
في السياسة تمكن أوباما من سحب أميركا من ورطتها العراقية، ومهد الطريق للانسحاب من أفغانستان، فقد كانت أميركا تخوض حروباً عالية التكاليف ومتدنية الجدوى.
في الجانب الاقتصادي أنقذ أوباما بنوك وول ستريت وصناعات دترويت من الإنهيار، وبذلك أبعد عن أميركا شبح الكساد الكبير الذي عرفت مثله قبل 80 عامأً، كما بدأ بتطبيق خطة لتخفيض عجز الموازنة بمقدار ثلاثة تريليونات من الدولارات خلال عشر سنوات قادمة.
واليوم يقف أوباما على مشارف أكبر إنجاز تأريخي في جولته المنتظرة في الشرق الأوسط لتحقيق هدف كبير عجز غيره عن تحقيقه وهو إحلال السلام وقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة بشروط تضمن أمن إسرائيل.
هذه مهمة صعبة فشلت في مواجهتها كل الجهود الدولية السابقة، ولكنها ليست مستحيلة. لا ننسى هنا عناد نتنياهو كعقبة كأداة في وجه الحل العادل، لكن أوباما يستطيع أن يوظف العصا إلى جانب الجزرة في تحقيق المعجزة.
إذا تم إفشال مهمة أوباما، فإن عليه أن يحمل مسؤولية الفشل للطرف الذي يعطل السلام، وعليه أن يجعل ذلك الطرف يدفع ثمناً غالياً.
لا حياة لإسرائيل بدون الدعم الأميركي المالي والاقتصادي والعسكري والسياسي. والدعم لا يكون مجانياً، بل يرتب على الطرف المدعوم واجبات ومسؤوليات والتزامات. الدعم الأميركي الكاسح قابل للسحب من قبل رئيس قوي لم يعد تحت رحمة اللوبي اليهودي.
نتيناهو يفهم الوضع جيدأً، ويعلم أن الرئيس الأميركي جاد ولم يأت ليفشل، ولم يقامر بتأريخه دون أن يملك أدوات النجاح.
مقالات للكاتب د. فهد الفانك
التعليقات (0)