أهمية المظاهرات:
تبرز أهمية هذا الموضوع القديم والمتجدد دوما الآن مع اعتراف أمريكا بمدينة القدس الشريف كعاصمة للكيان الصهيوني الغاصب !.
طرح في موقع البي بي سي اثناء القصف الاسرائيلي لقطاع غزة بداية عام 2009 موضوع فائدة المظاهرات .
وذلك تعليقا على ماقاله الشيخ صالح اللحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى في السعودية آنذاك بأنها عمل "غوغائي" واعتبر أنها من "باب الفساد في الأرض... وتصد الناس عن ذكر الله".
ومن خلال التعليقات في الموقع تبين أن الغالبية العظمى من المشاركين هم ضد هذه النظرة السيئة للتظاهر...
وفي الحقيقة ان هذا الرأي لبعض العلماء السعوديين،هي ناتجة من النظرة المحلية القبلية والمذهبية للتظاهر وهي جزء من نظرة شاملة لعدد كبير من القضايا !.
الرأي الرسمي وهو المتمثل برأي الحكومة وبتأييد المؤسسة الدينية الرسمية في السعودية هي ضد التظاهر جملة وتفصيلا،باعتبار أن ذلك مخالف للإسلام!..وهي نظرة قاصرة لعدد من القضايا المستجدة التي نشأت مع تطور الأمم وبالتالي إذا كان ليس هنالك وجود لقضية ما في عصور مضت،فليس معناه أنه ضد الدين الاسلامي.
اعتقد ان السبب الرئيسي هو أمني باعتبار ان التظاهرات هي إحدى الوسائل المهمة للتعبير عن الرأي العام...وبما أن الحكومة السعودية كبقية الحكومات العربية تخاف من إثارة الرأي العام على الأمن مما يسبب مشاكل قد تسهل للمجموعات المعارضة عملها في إزالة السلطة والحلول محلها !.
التظاهرات هي احدى الوسائل الهامة للتعبير عن رأي المجموعة المنظمة لها والتي تعجز عن ممارسة حقها في التعبير خاصة في النظم المستبدة...
لقد حققت التظاهرات انجازات عظيمة على المستوى العالمي وخاصة في العقود الأخيرة، واذكر على سبيل المثال،لا الحصر...انتصار الثورة الإيرانية عام 1979 بعد سلسلة من المظاهرات المليونية ضد نظام الشاه
وسقوط النظامين في أوكرانيا وجورجيا عامي 2003-2004 بعد تزوير الانتخابات من قبل السلطة.
أثرت كذلك على الكثير من القرارات الحكومية وأجبرت الحكومات على الرضوخ للمتظاهرين...من بينها مظاهرات يناير 1977 في مصر،وكذلك مظاهرات الضغط على عبد الناصر للعدول عن الاستقالة بعد هزيمة 1967 !..
كذلك منح الحقوق للسود في امريكا...واسقاط الكثير من الحكومات الغربية...وتغيير القوانين والانظمة المعمول بها،بالاضافة الى انقاذ اشخاص او مجموعات من التعسف الحكومي...
للمظاهرات فوائد لا حصر لها...ورغم اعتراض البعض كونها لم تحقق شيئا في إيقاف الحروب، ولكن أثرها المستتر في التأثير ظاهر للعيان،فخلال الحروب على غزة،أثرت التظاهرات على الموقف الاسرائيلي كثيرا من خلال الرضوخ إلى المطالب الدولية ولو بعد حين،وكان الضغط شديدا على مواقف الحكومات الداعمة لها.
ولكن يبقى تصنيف التظاهرات الى ايجابية كما في العرض السابق،والى سلبية كما في تدمير الأملاك العامة والخاصة،وقتل الابرياء...او في مظاهرات العرض المسرحي التي تمارسها النظم المستبدة من خلال اخراج تلاميذ المدارس من الصفوف للتظاهر!...او اخراج بعض موظفي الدولة وخاصة عتاة الأجهزة الأمنية ومخبريها السريين والعلنيين!.
تبقى نقطة هامة ان التظاهر في العالم العربي هي دون المستوى المطلوب،بل حتى دون مستوى المظاهرات في الدول الغربية وحتى التي تتعلق بالعالم العربي ! مما يدل ان الوعي السياسي الحضاري هو مازال بعيدا عن أدنى متطلبات الطرح السياسي الحضاري...ويمكن مشاهدة المظاهرات الصغيرة واليتيمة في القضايا المصيرية بدلا من المشاركات المليونية التي تعبر عن حال الأمة وإرادتها الحرة...فما زالت الشعوب العربية بعيدة جدا عن أدنى مستوى للتعبير عن الممارسات الحضارية .!
التعليقات (0)