د. عبد القادر فارس / نأيت بنفسي لمدة أكثر من أسبوع , عن الكتابة حول الجدل الدائر بين الدولتين الشقيقتين الكبريين مصر والجزائر , بعد أحداث المباراتين الكرويتين في القاهرة والخرطوم , واللتين بنتيجتهما النهائية , تأهلت الجزائر لنهائيات كأس العالم المقبلة في جنوب إفريقيا.
غير أنني وجدت نفسي مضطرا للكتابة , بعد تصاعد الخلاف بين الإخوة الأشقاء في كل من مصر والجزائر , وكذلك بعد إقحام غزة في الموضوع , ومهاجمة أهلها من قبل صحيفة جزائرية , هي صحيفة الفجر اليومية , التي ترأسها الزميلة الصحفية حدة حزام , والتي كتبت مقالة في اليوم التالي للمباراة تحت عنوان حتى أنت يا غزة , وصفت فيها أهالي غزة بـ الفئران , بعد أن تناهى لمسامعها صوت أحد المستمعين لإذاعة محلية , هي إذاعة الشعب , والتي تبث على تردد الـ ( إف. إم ) , ولا أعلم كيف وصلها صوت المواطن , الذي كانت الإذاعة تتلقى مكالمته على الهواء مباشرة , في موجة رياضية مفتوحة للتعليق على نتيجة المباراة , والذي يبدو أنه من مشجعي المنتخب المصري , وتعرض للجزائر الشقيقة ببعض الكلمات التي لا تليق , من أبناء شعبنا الفلسطيني , الذي يدين للجزائر - كما يدين للشقيقة مصر- بكل التقدير على ما قدمته الجزائر للقضية الفلسطينية , منذ أن افتتح القائد الشهيد خليل الوزير ( أبو جهاد ) , أول مكتب لحركة فتح على أرض الجزائر عقب استقلالها مباشرة عام 1963 , وهو المكتب نفسه الذي تحول إلى ممثلية لمنظمة التحرير الفلسطينية منذ تأسيسها عام 1964 , ثم سفارة لدولة فلسطين , في أعقاب إعلان دولة فلسطين , وهذه المرة أيضا من أرض الجزائر , ومن قصر الصنوبر عند انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني في الخامس عشر من نوفمبر عام 1988 , بالإضافة إلى ما تقدمه الجزائر الشقيقة لطلابنا من منح دراسية منذ استقلالها وحتى اليوم , وتخرج بفضل ذلك آلاف الطلاب الكوادر , سواء منهم من تخرج من الكليات العسكرية , أو الجامعات , وهم اليوم يعتبرون قادة مدنيون وعسكريون , وكوادر ينتشرون في كافة البلاد العربية والأجنبية , بالإضافة إلى صلة النسب والمصاهرة التي جمعت مئات الأسر الفلسطينية والجزائرية , والذين باتوا يشكلون جالية جزائرية شقيقة ومحترمة عل أرض فلسطين .
وبالعودة إلى مقالة الزميلة حدة حزام في صحيفتها الفجر , فقد أثارت امتعاضا ورفضا من أهالي قطاع غزة , وقام العديد من الكتاب بالرد عليها , وكنا نود من الزميلة حدة ألا تزج غزة في الصراع الدائر بين الشقيقتين مصر والجزائر , لأننا في غزة بحاجة إلى مصر والجزائر , ولكل الأشقاء العرب والمسلمين , في معركتنا مع الاحتلال , الذي يحتل ويستوطن ويسرق الأرض , ويستولي ويهود المسجد الأقصى المبارك , وفي مقدمة ذلك حارة المغاربة , حارة الأشقاء الجزائريين , وعلى رأسها وقف سيدي بومدين , الذي يؤشر وجوده على عمق العلاقة الأخوية القديمة بين الشعبين الشقيقين في فلسطين والجزائر .
لم نكن نتوقع من الزميلة حدة أن تكون بهذه الحدة , وكأن لاسمها نصيب من انفعالها , في الرد على مواطن فلسطيني , لم يصرح باسمه في تلك المكالمة , حين أعلن الأخ أبو موسى , أنه من مؤيدي المنتخب المصري , وحزين لخسارته من الفريق الجزائري , وخروجه من تصفيات كأس العالم خالي الوفاض , وحتى وان كان أبو موسى المجهول , الذي رفض الإفصاح عن اسمه الحقيقي خوفا أو جبنا , أو تحاشيا لأي إحراج أو ملاحقة أو محاسبة , فان الأخ المذكور أو عشرة أو حتى مئة أو ألف آخرين , من مؤيدي ومشجعي المنتخب المصري , لا تؤدي إلى ردة الفعل غير المبررة من السيدة حدة المحتدة , وإذا كان هذا الصوت النشاز قد تعدى على الجزائر الشقيقة , فان المئات والآلاف من أبناء غزة , كانوا من مشجعي ومؤيدي الفريق الجزائري , فلماذا لم تستمع الزميلة حدة , لعشرات المكالمات والمداخلات على نفس الإذاعة التي كانت , بلسان المتصلين يعبرون عن فرحتهم بفوز الجزائر , ويبعثون بتهانيهم للفريق الجزائري والشعب الجزائري .
ألم تشاهد الزميلة حدة وهي الصحفية المتابعة , ما نقله التلفزيون الجزائري من أفراح وتظاهرات في غزة , فرحا بالفوز والتأهل للجزائر الشقيقة , وكذلك ما نقلته الوكالات والصحف الأخرى , بما في ذلك صحيفة الخبر الجزائرية عبر مراسلها في غزة , عن أفراح الجالية الجزائرية والمناصرون الفلسطينيون في قطاع غزة , وتوزيعهم الحلوى , ورفعهم للعلمين الفلسطيني والجزائري في تلك الليلة , في ساحة الجندي المجهول وسط مدينة غزة , رمز الشهداء والاستشهاد في أرض الشهداء , الذين لم يجف دمهم منذ الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة , وكانوا أبطالا في الذود عن تراب وطنهم , وعن شرف الأمتين العربية والإسلامية , ولم يكونوا فئرانا , كما وصفتهم الزميلة حدة في مقالها.
التعليقات (0)