الرسول عليه السلام هو مبلغ لرسالة إلهية أزلية و تتمثل في القرآن المعجز و قد كلف الرسول الكريم 5 كتاب بتدوين القرآن حالما يتنزل عليه ، لأنه كان أميا لا يحسن القراءة و لا الكتابة ، و قد بلغه أن أصحابه يدونون ما عدا القرآن من أقواله فنهاهم عن ذلك و زاد فأحرق ما دونوه و فعل خلفاءه ما فعله رسولهم بعد وفاته … و أحرقوا كل ما دون من أقواله ، أما تجربته البشرية و النبوية في الاستجابة إلى كلام الله فقد اعتورتها بعض الأخطاء بوصفه بشرا غير معصوم من ارتكاب الأخطاء لذلك كان خطاب الله واضحا في تصويب أخطائه بالوحي و مخاطبا له بوصفه نبيا : (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك ...) و كل الأخطاء قد صوبت بوصفه نبيا ...
أما صفته كرسول مبلغ لرسالة فقد تعهد الله بعصمته من الشيطان و من الناس كي يبلغ رسالته كما هي دون زيادة أو نقصان قائلا مثلا :(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) (المائدة : 67 )
قال ابن كثير رحمه الله
يقول تعالى مخاطباً عبده ورسوله محمداً باسم الرسالة, وآمراً له بإبلاغ جميع ما أرسله الله به, وقد امتثل عليه أفضل الصلاة والسلام ذلك, وقام به أتم القيام.
قال البخاري عند تفسير هذه الآية: حدثنا محمد بن يوسف, حدثنا سفيان عن إسماعيل, عن الشعبي عن مسروق, عن عائشة رضي الله عنها, قالت: من حدثك أن محمداً كتم شيئاً مما أنزل الله عليه فقد كذب, الله يقول (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ), هكذا رواه هاهنا مختصراً وقد أخرجه في مواضع من صحيحه مطولاً.
وكذا رواه مسلم في كتابي الإيمان, والترمذي والنسائي في كتاب التفسير من سننهما من طرق عن عامر الشعبي, عن مسروق بن الأجدع, عنها رضي الله عنها, وفي الصحيحين عنها أيضاً أنها قالت: لو كان محمد كاتماً شيئاً من القرآن لكتم هذه الآية {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ )(الأحزاب 37 ) .
إذن فالرسول عليه السلام قد قام بمهمتين في حياته، مهمة تبليغ الرسالة الأزلية التي قد ذكر بها جميع الرسل من قبله ( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا ......) .
و مهمة النبوة في الامتثال إلى كل أوامر الله لحظة بلحظة ، و ليس صدفة أنه في المرحلة المكية قد امتنع تماما عن القيام بأي عمل مادي من قبل تكوين عصابة للرد على مشركي قريش الذين كانوا يضطهدون صحابته بل و يقتلونهم ، و أقصى ما قاله حينذاك : صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة ، (أما في المرحلة المدنية و بعد تكون الدولة الإسلامية ، فإنه صلى الله عليه وسلم قد امتنع أيضا عن استعمال السلاح في وجه الأعداء إلا بعد نزول الإذن بذلك في السنة الثانية للهجرة في سورة الحج لما قال الله له : أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا و أن الله على نصرهم لقدير .... عندها فرح حمزة بن عبد المطلب بهذه الآية لأنها سمحت للمسلمين استعمال السلاح للرد على من اضطهدهم في الأمس القريب.... و رغم كل هذا الامتثال لأوامر الله فقد ارتكب نبينا بعض الهفوات قد صوبها له الله وحيا.... و قد أجمعها في قادم الأيام للبرهنة على أن نبينا قد أخطأ أكثر من مرة و ليس واردا أن يكون مصدرا للتشريع مطلقا حتى يتخذ اليوم مصدرا أساسا للتشريع و يهمل القرآن وهو ما جاء في قول الله عز وجل : (و قال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا .... و بذلك يكون رسولنا قد تبرأ من كل أهل السنة و من أهل الشيعة و من كل من يتخذه شريكا في التشريع مع الله و قد توعد الله كل هؤلاء قائلا:
(وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٥٥) أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ (١٥٦) أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آَيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ (١٥٧) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آَمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (١٥٨) إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ.صدق الله العظيم و كذب أهل السنة أجمعين .
التعليقات (0)