حتى اليوم بلغ عدد الأهرامات التي تم اكتشافها 200 هرم .. ولايزال العدد مرشح للإزدياد.
ونشيرهنا إلى أن تلك الفترة الزمنية التي أشار إليها السيد عبد الرحمن ؛ إنماكانت تتعلق بفترة الإحتلال الخديوي المصري للأراضي السودانية ما بين عامي1821م و 1885م .. وحيث تؤكد بعض الكتب التاريخية بالفعل تورط العديد منحكام السودان "الباشوات" ، وقادة جيوش الخديوية المصرية خلال تلك الفترة فيتجارة وتسهيل تهريب الآثارالسودانية التي جعلت من بعضهم مليونيرات في بلادهم لاحقاً.
كذلك يظل المطلب بأن تتولى الحكومة وحدها مهمة "الشركة السياحية" .. و "المرشدالسياحي" .. تظل مثل هذه الأفكار عقيمة وقد عفا عليها الزمن .... فالسياحةاليوم يجب أن يترك أمرها إلى الشركات الخاصة . ويقتصر الدور الحكومي علىتهيئة البنى التحتية وتوفير الأمن والحماية . ثم الإكتفاء بجني الرسومالسياحية فقط كمدخول من مداخل السياحة التي ترفد الخزينة العامة . فضلاً عنالعملات الصعبة التي تدخل البلاد عبر القنوات الرسمية وليس إلى جيوبالسماسرة.
وبنحو عام .. نؤكد أنه لو "صدقت النوايا" . فمن السهل دائماً بناء الأوطان.
كذلكلاحظنا في فترة من الفترات .. وربما لا يزال حتى تاريخه ... لاحظنا هجوماًإعلامياً غير مبرر على الدعم القطري لمجال السياحة في السودان والتشكيك فيطبيعته وأهدافه .. كل هذا رغم أن قطر ليست في وارد إستراتيجيتها إدارة صراع حضاري مع السودان للهيمنة عليه أو لهضم حقوقه والسطور على أراضيه .. ولاتوجد أسباب وأسس لتوجسات في هذا الجانب .. فلا نحن جيرانها حتى تتوسع علىحسابنا ؛ ولا يجمع بيننا نهر خالد أو أراضي ومدن متنازع عليها.
ثم أننا لسنا مسئولين عن تسديد فاتورة الخلافات القطرية المصرية.
إذن لانستبعد هنا أن مثل هذه الأقلام (السودانية وغيرها) ؛ التي تحاول أن تثيرالشكوك في كل عون يأتي لنا من الخارج لمصلحة توثيق تاريخ البلاد وحماية آثارنا .. لانستبعد أن تكون هذه الأقلام مأجورة لمصلحة جهات أجنبية ؛ هدفها طمس ووأد كل مسعى حقيقي جــاد لتكريس هوية سودانية مستقلة بذاتها متجذرة في عمق تاريخ البلاد.
ويبقىالملفت للإنتباه ؛ أن بعض المواقع الألكترونية المصرية قد سارعت إلى تلقف محتوى تقرير المصور لافيرغيو المشار إليه لتعزيز مزاعم البعض هناك بأنالسودان أرض تابعة للأملاك المصرية....... وأقدمت على إقحام بعض التحريفاتعلى هذا التقرير ليس أقلها الزعم بأن هذه الأهرامات التي يشملها موقع مرويإنما هي آثار مصرية تولى فراعنة مصر تشييدها داخل السودان ؛ وبما يكرس لمفهوم ونظرية أن الأراضي السودانية تابعة لمصر.
إن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هذا المجال هو:
طالما كان الهدف من بناء الأهرامات هو دفن الملوك داخلها وتخليدهم (حيث لاخلودفي هذه الحياة) .. فلماذا تتكبد جثامين فراعنة مصر وأهلهم مشاق السفر فيرحلة محفوفة بالمخاطر ؛ تدوم شهوراً كي تدفن بعيداً عن موطنها الأصلي؟
منجهة أخرى فإن مثل هذا الزعم ينفي وينسف تماماً من جهة أخرى إتهام كتاب التاريخ المصري القديم للقبائل السودانية بأنها كانت تهاجم جنوب مصر للنهب والسلب .. فكيف تقدم مصر الفرعونية القديمة على دفن بعض ملوكها مصحوبينبالذهب والحلي والحلل في عمق أراضي هذه القبائل على بعد ألاف الكيلومترات. وهي التي تشكو من النهب والسلب داخل أطراف حدودها الجنوبية مع السودان علىبعد خطوات من أسوان؟
إوإتساقاً بما يقولونه في أمثالهم الشعبية نتساءل : " كيف يستقيم هنا أن يعطي فراعنة مصر للقـــط مفتاح الكـرار؟ "
الملك السوداني بعانخي ... لماذا يتهمه بعضنا بالفرعنة؟
وطالما أن الشيء بالشيء يذكر ؛ فإن الذي أنبه إليه هنا هو تلك "السذاجة" الزائدة عن الحد لدى بعض كتابنا ومؤرخينا في هذا الزمان خاصة .... فقد سارعهؤلاء البلهاء إلى تلقف مصطلح "الفراعنة السود" . وأصبحوا يتداولونه فيالتوثيق والإشارة والحديث عن ملوك السودان القديم خاصة "ملوك نبتة" و "ملوكمروي".
واقعالأمر ؛ فإن التسليم بمثل هكذا مصطلحات ومسميات لا لشيء سوى أنها صادرة منصحفيين وعلماءآثار أجانب .. يظل التسليم بمثل هذا بمثابة "تكريس" لمزاعممجحفة بأن كل من حضارتي نبتة من جهة ومروي من جهة أخرى إنما كانتا جزءاً منالحضارة الفرعونية المصرية القديمة.
الذيينبغي التركيز عليه هنا إذن ؛ هو ضرورة أن تظل التسمية الحقيقية الرسمية المتداولة لهؤلاء السودانيين هي أنهم "ملـوك" وليسوا "فراعنة".
تسمية"فراعنة" مرتبطة فقط بالإشارة إلى ملوك وحكام مصر .. ونراها لاتزال حتىيومنا هذا تنداح في وصف حكامهم...... وبمثلما جرى الإصطلاح على ملوك فارسبالأكاسرة . والروم بالقياصرة.
فيالسودان كان ولا يزال المصطلح والتسمية المتداولة هي "ملك" و "كنداكة" و"مك" و "سلطان" و "شيخ" و "ناظر" و "رئيس" و "خليفة"....... ولا نزال حتىاليوم نتداول هذه المسميات والمصطلحات في وصف حكامنا وولاة أمورنا فيالمركز والمحليات والقبليات. وبما يدل على أنها المسميات الوحيدة التيتوارثناها عبر الأجيال في بلادنا منذ الأزل.
ويظل الهدف هنا دائما ليس الإثارة ؛ بقدر ما هو أن يأخذ كل ذي حقه دون تطفيف... ولانسمح أن يبخسنا الناس أشياءنا.
التعليقات (0)