هل بات محظورًا على الفلسطيني واللبناني والنجدي والحجازي والعربي الحر الشريف أينما كان أن يكون له رأيه في كثيرٍ من هذا الذي يحدث على أرض العرب؟ وهل بات محظورًا عليه أن يكتب بشيءٍ من الحرية والموضوعية حول كثيرٍ من هذا الذي حدث ويحدث في كثيرٍ من ديار العروبة والإسلام؟ ومنذ متى كان الغرب بشقيه وصيًّا على هذه الأمة؟ ومنذ متى كان هؤلاء مسئولين عن فكرنا وتوجهاتنا وتطلعاتنا وأهدافنا وغاياتنا وأمنياتنا وتمنياتنا وأمانينا؟ ومنذ متى كان هؤلاء مسئولين عن مطبوعاتنا وصحافتنا ووسائل إعلامنا وكتبنا ومكتباتنا ومناهج أبنائنا المدرسية، ومساقاتهم الجامعية؟ ومنذ متى كانوا مسئولين عن ثقافاتنا وأدبياتنا وأدياننا ومعتقداتنا وأحوالنا وأنظمتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والصحية والتربوية؟ ألا يعتقد أولئك أنهم قد تجاوزوا كل حدودهم، وأنهم قد باتوا يمارسون كل أنواع الإرهاب الفكري والنفسي والجسدي بحق كل من يخالفهم الرأي، وبحق كل من يحاول أن يكون له رأي؟ وبحق كل عربي مخلص لعروبته ووطنه وقومه وأهداف أمته في الوحدة والحرية والعيش الكريم؟ ألا يرى أولئك أنهم باتوا يتدخلون في أدق تفصيلات الشأن العربي الداخلي في كل ديار العروبة؟ فمن هو الذي فوضهم للقيام بذلك؟ ومن أين استمدوا الشرعية لممارسة ذلك؟ أم يظنون أنهم بشرائهم بعض الذمم، وبتجنيدهم بعض الأقلام، وباستقطابهم بعض الأقزام قد باتوا مؤهلين للتحكم بأمة العرب، مؤهلين للتحكم بكبارها وصغارها وعمالها وفلاحيها ومثقفيها وطلبتها وجيوشها، مؤهلين للتحكم بإعلامها وإعلامييها، وبتوجيه هذا الإعلام وتسخيره لخدمة أهدافهم، ولتضليل هذه الأمة وخداعها وإغراقها بالمال والمراتب والمناصب والرتب، وبالأسلحة التي يوجهونها إلى صدور من يرفضون التبعية لهم من شرفاء هذه الأمة العربية الذين سيظلون يعملون بكل الوسائل من أجل الحفاظ على راية المقاومة والممانعة والكرامة عالية مرفرفة خفاقة في سماء العروبة، وسيظلون يعملون بكل قوةٍ وعزمٍ وإصرارٍ على بث الشعور القومي، والعزة القومية العربية، والوعي القومي العربي، والفكر العربي التحرري في كل أجيال هذه الأمة حتى تحقق كل أهدافها في الحرية والتحرر والتحرير والخلاص من التبعية للغرب بشقيه، وحتى تقيم مشروعها العربي الوحدوي التحرري التقدمي على كل أرض العرب.
ولكل هؤلاء الذين ربطوا مصيرهم بمصير أولئك الغربيين الغزاة الطامعين فينا المجترئين علينا، المستهترين بنا، إلى كل أولئك الذين خدعتهم المظاهر، وغرتهم المراكز والمكتسبات والرتب والمرتبات، وأعمت بصائرهم وأبصارهم الولاءات لكل أعداء هذه الأمة، فباتوا أدواتٍ طيعة في أيديهم، ينفذون رغباتهم، ويفعلون ما يأمرونهم به، حتى لو كان ذلك مما ينطوي على قطع الأرزاق، وإلحاق الظلم الفادح، والإساءة البالغة بأقرب المقربين إليهم من أبناء جلدتهم، ومن أبناء أمتهم وقضيتهم، بل ومن عشيرتهم الأقربين مع بالغ الأسى والأسف، وشديد الحزن الذي يعتصر منّا القلوب، ويدمي الأفئدة.. لكل هؤلاء الذين يعرفون جيدًا أنهم يسيرون في فلك أعداء هذه الأمة أو لا يعرفون نقول: كفاكم؛ فقد خرجتم على كل القيم.. كفاكم؛ فقد أسأتم لكل ثوابت هذا الشعب ومعتقداته ومرتكزاته.. كفاكم؛ فقد تنكرتم لأبسط حقوق المواطن في القول والتفكير والتعبير.. كفاكم؛ فقد أقصيتم وأحللتم كما تريدون، وكما يريد السيد الغربي؛ فمتى ستكفون عن كل هذه الإساءات؟ ومتى ستقفون عند حدكم؟ ومتى ستخجلون من كل هذا الذي تفعلون؟ ومتى سترفعون الحظر عن كل ما لا يصادف هوًى في نفس من رضيتم به وصيًّا على هذه الأمة في هذه الديار، وفي غير هذه الديار؟ أهذه هي حرية الرأي والفكر والتعبير والتفكير يا كل هؤلاء؟؟
التعليقات (0)