كلما قلنا اندحر الإرهاب وخفت وطئته , تناما إلى مسامعنا اكتشاف خلايا نائمة قامت من سباتها بل و خطط خطيرة كانت مجهزة للتنفيذ , ومع معالجة رجال الأمن لهذا الصديد بعد خروجه ألي السطح من قروحه النتنة بأقل الخسائر ولله الحمد والمنة ,إلا أن هذا لا يعتبر نهاية المطاف بل هو طريق مليء بالضحايا .
ان هؤلاء التعساء مذهولون عن أنفسهم , تائهون عن حاضرهم , إن شعورهم بالهوان والحرمان , قد شل تفكيرهم , فأنى يعرفون الحق من دينهم ؟ أو يشعرون بما قد قدموا له .. أنا لا أنكر ان وراء عقولهم الضامرة , قلوبا فيها إيمان ما , وتدين ما , لكن قيمة هذا كله تافهة , لا تجدي لأصحابها إلا الخسران في الدين والدنيا .
إن الأحداث الأخيرة تدل وبشكل قاطع أننا كمجتمع نحن من أصبح خلايا نائمة بل ميتة , فلم نعد نهتم بتفنيد أفكار هؤلاء الهدامة .. لقد توقفت أجهزة الإعلام عن مقابلات التائبين منهم , ولم نعد نسمع محاضرات او مناظرات .. فالتقدير المادي لقيم النفوس والعقول , يفرض على المجتمعات العاقلة , أن تحارب الأمراض , بكل الوسائل التي يملكها البشر , وان تستخدم المضادات بشكل مستمر .. وان لا يركن العلماء الي الإفتاء بالأمور الحياتية البسيطة "على أهميتها بالطبع" ولكن الأهم هو توعية المجتمع وخصوصا الشباب إلي الخطر العظيم , سرطان العقول ..وهو انحراف بوصلة التفكير السليم ألي اتجاه خطير يشعر المبتلى انه يسير على وجهة صحيحة .. وإلا كيف يفسر إقبال شخص على تفجير نفسه بين مسلمين من ملته طالبا بذلك الشهادة وحسن المآب ؟
ومن اليقين أن ثمة أسبابا هائلة , وراء هذه البثور الظاهرة على وجه المجتمع , والتي تركت حتى تحولت الى قروح تخفي صديدا يستشري داخليا ولا يتضح إلا بمشاهدة مناظر تقطع القلوب لشباب بعمر الزهور توشحوا ملابس النساء وتحزموا بأحزمة ناسفة .. تسف من ؟ مشرك !, كافر !..لا والله بل تنسف ابن عم وأخ في الإسلام ونفسه قبل كل شيء .!
أن على المجتمع ككل دور وبشكل مستمر ..لا توقف فيه , ولا استكانة , الدور الحكومي معروف ويجب أن يفعل .. أما الأدوار التي يجب أن يستحدث من ألان هي ادوار رجال الدين ورجال الأعمال , أما بالنسبة لرجال الأعمال فعليهم العمل بجد في حل مشكلة البطالة , فالبطالة هو اسم مرادف للفقر , وهو سببا ونتيجة معا , في سلسلة المشكلات التي نعاني منها , والفقر _في نظر الدين_ قد يكون معصية يسال الفرد عن الوقوع فيها , وقد يكون نكبة تسال الدولة عن ضرورة تلافيها , وهناك من عوام المسلمين يرون أن رقة الحال ضرب من التدين , وان الفقر في الدنيا أمارة على الغنى في الآخرة .. وهذا خطأ بعيد , يعمل الكثيرون على إشاعته, فالإسلام يعتبر الفقر مصيبة , ويعمل على تخليص الناس من أثارها , جهد المستطاع , وقد امتن القران على النبي صلى الله عليه وسلم بنعمة النجاة من متاعب العيلة و الحيرة واليتم فقال تعالى :(الم يجدك يتيما! فاوى ووجدك ضالا فهدى ووجدك عائلا فاغنى) 6"الضحى " , وكان من ادعيته المأثورة ( اللهم أنى أعوذ بك من الكفر و الفقر وأعوذ بك من عذاب القبر , لا اله إلا أنت ) ولذلك تجد أن من أهم أسباب انحراف هؤلاء الفتيان واتجاههم للتطرف وتسليم عقولهم لمن يغذيها بالحقد و الغل بعد ان فرغت بطونهم من حاجاتها , وهم بذلوا للعيش الكريم أسبابه , واخذوا يطرقون للعمل أبوابه , ويحرق الواحد منهم دمه وأعصابه ..ثم لا يجدون شيئا بعد هذا الجهد المضني , او يجدون شيئا يمسك الرمق , ويسد بعض الحاجات الملحة , ثم يجف المعين , وتسود الدنيا في وجوههم , وتضطرم في أنفسهم ثورة مكتومة على المجتمع والدولة , ويسوء ضنهم في قيمة العمل .. ولان فيهم بقية من أيمان فهم لا يتجهون للحرام من سرق ونحوه , ولان بهم عزة لا يتجهون للسؤال من الناس بل يتجهون ألي تفريغ ثورتهم وحنقهم على المجتمع باسم الدين .. ولذلك وجب على رجال الإعمال التي طالت مبانيهم وارتفعت أرصدتهم تقديم العون وبشكل مباشر للعاطلين , بفتح أبواب رزق صغيرة تدر على هؤلاء الشباب ما يسد حاجتهم وتلهيهم عن أن يتفرغوا لأفكار شياطين الإنس , كما عليهم إقامة ندوات متتالية بأرقى! الأماكن ولا يحسب حساب للتكاليف والمردود المادي , يدعون لها العلماء وا لتائبين , وان لا تتوقف .. فمحاضرة في الفندق الراقي ذو السبع نجوم في الرياض , ألي محاضرة في الدمام وجدة ومدن المملكة الواحدة تلو الأخرى , لا تأخذ الطابع الرسمي بل محاضرات وحفلات عشاء جميعها تتحدث عن الفكر الضال وتفنيد معتقداته , وللأندية الرياضية أيضا دور في مثل هذا الشأن , فلا يكفي لقاء عابر على قناة غير مشاهدة أصلا , يعبر بها عالم عن تأصيله الشرعي وليس هناك مجال لطرح سؤال قد يشكل على احد هو في حيرة من أمره .. يجب أن تترك الحرية في هذه الملتقيات في الطرح حتى يتضح الصواب ..مع التأكيد ان لا يكون للدولة دور في هذه الملتقيات , بل هي من رجال أعمال وعلماء ينشدون التصحيح , وأخيرا يجب ان لا نصبح خلايا نائمة حتى نتأكد أننا قتلنا الحية وقطعنا دابرها ,, والله من وراء القصد ,,
التعليقات (0)