قد تكون هذه العبارة صالحة في إطار حملات التحسيس والتوعية لمحاربة حوادث السير في الطرقات. وهي بذلك تستحق أن تكتب على اللافتات و اللوحات الإعلانية و على جنبات الطريق حتى يخفف السائقون من سرعة السيارات عملا بتلك النصيحة.
لكن الحديث عن الوصول والتأخر يحيلنا إلى الحصار المفروض على غزة. فقد وصل أمين عام الجامعة العربية " عمرو موسى " إلى غزة في زيارة لها دلالات متعددة، وتأتي في سياق تداعيات الهجوم الإسرائيلي على قافلة الحرية. ويبدو أن الأمين العام يعلن من خلال هذه الزيارة براءته من النظام العربي الرسمي الذي لا يفلح إلا في إصدار بيانات التنديد و الاستنكار كلما فعلت الآلة الحربية الإسرائيلية فعلها في الفلسطينيين. و " عمرو موسى " يحاول بذلك تكسير الحصار السياسي و الديبلوماسي المفروض على " دولة حماس في غزة ".
في موضوع غزة ينبغي الفصل بين مستويين. الأول يتعلق بالشعب، والثاني يخص النظام الحاكم. ولأن المتضرر الأول من الحصار كما لا يخفى على أحد هو المواطن الفلسطيني البسيط، فإن استمرار الوضع كما هو عليه لا يزيد الواقع إلا تأزما. فالغزيون يعيشون حصارا مزدوجا من سلطة حماس التي تفرض سياسة الأمر الواقع من جهة، ومن المجتمع الدولي الذي يصمت على تجويع شعب بأكمله من جهة أخرى. و استمرار هذا الحصار الجائر لا يضعف سلطة حماس كما يعتقد الكثيرون، بل ينهك قوى الغزيين المغلوب على أمرهم في علبة السردين المحتجزين بداخلها. و زيارة " عمرو موسى " إلى غزة جاءت متأخرة جدا وهذا هو ديدن العرب دائما. فهم آخر من يعلم بالرغم من أنهم يضعون فلسطين على رأس قضاياهم الوطنية. والذين يعولون على التحرك العربي لإنهاء الحصار تراودهم أحلام اليقظة، ويعيشون على الأوهام... لذلك كان أحد الغزيين صائبا جدا حينما استقبل الأمين العام العربي بلافتة معبرة، كتب عليها: " دمنا جف!!؟. لقد جئت متأخرا..." وتلك صرخة صادقة صادرة من أعماق الشعور الجماعي للفلسطينيين الذين يعانون في غزة.
نعم لقد تأخر العرب كثيرا. ولا ينبغي أن ننظر لزيارة " عمرو موسى " بعين متفائلة في المستقبل، فهذه الخطوة مجرد ذر للرماد في العيون، وهي محاولة لتجنب مزيد من الحرج أمام الرأي العام. والوصول العربي المتأخر إلى غزة هو في حد ذاته تكريس لنفس الوضع، فأطفال غزة و مرضاها وكل سكانها يريدون حليبا و دواء وعيشا كريما لا زيارات و مصافحات.
التعليقات (0)